آراؤهم

“الأجندات الداخلية”.. هذا بلا بوك يا عقاب!

من الطبيعي أن يكون هناك أجندات خارجية تحاول النيل من أي دولة كانت، لكن أن تكون هناك “أجندات داخلية” أكثر سوءاً من تلك الأجندات الخارجية أمر لايمكن تصور بشاعته، إن اختزال غضب الشعب في صورة مظاهرات تطالب بتغيير أشخاص في السلطة “فقط” لهو أحد الأجندات الداخلية لبعض الشيوخ وحلفائهم من تجار وغيره!
المعارضة:
خروج الشعب الكويتي في مظاهرات سلمية حاشدة، التي دفعت بإسقاط الحكومة ومجلس القبيضة يُعد نقطة بيضاء في تاريخ المعارضة والكويت ككل، لكن التوقف عند هذا الحد والقبول بتغيير الأشخاص كـ”رئيس وزراء جديد بتفكير قديم” سيجعل مسيرة الإصلاح تدور في حلقة مفرغة، كما سيجعل من المعارضة “أداة” إفساد؛ لتنفيذ أجندات داخلية تنخر في جسد الكويت، فمثلاً: هناك من يسعى لمنصب رئيس الوزراء بـ”طريقة ميكافيلية” وعن طريق ترويج شعار نريد “رئيس وزراء جديد” فقط! لذلك لا يجوز أن نتوقف عند هذا الحد من المطالبات كما في الوقت ذاته يجب أن نحترم عامل الوقت والتدرج في المسيرة الاصلاحية.
التدرج “سنة كونية”:
وعي الشارع الكويتي وإحساس الشباب بمسؤوليتهم تجاه وجوب إسقاط رموز الفساد في البلد خطوة في الاتجاه الصحيح، وإسقاطهم للحكومة والمجلس كانت نتيجة لذلك الوعي، لكن أن نتوقع مثلاً أن يكون الوعي كافي بدرجة أن تكون جميع مخرجات الإنتخابات القادمة “نواب كفاءات” فهذا أمر غير واقعي، فالتدرج سنة كونية والاصلاح يحتاج وقت، وما قام به الشعب الكويتي في الاشهر السابقة كان بمثابة خطوات مهمة في طريق الاصلاح، لكن الوعي بأساس المشكلة هو الخطوة الأكثر أهمية، فليست المشكلة الاساسية  تقسيمة الدوائر “غير العادلة” أو نواب الفرعيات أو سوء اختيارات الناخب أو حتى أداء رئيس الوزراء السابق، هذه كلها مشاكل ثانوية أنتجتها مشكلة رئيسية تحتاج الى تفكير متأني، فما هي المشكلة إذاً؟
المشكلة:
يعطي الدستور الكويتي صلاحيات شبه مطلقة للحكومة من هيمنة على وزارات الدولة بما فيها السيطره على الجهاز الاداري في القضاء بإسم “وزارة العدل” والقدرة ايضاً على إمتلاك المال السياسي واستغلاله، بجانب أن تعيينها لا يكون للشعب الكويتي فيه اي دور فعال، كل هذا منح هذه الحكومة النفوذ الكبير والتأثير ايضاً في اختيارات الناخب، عن طريق دعمها لمرشحين “موالين لها” مالياً وإعلامياً، وجعل الطريق الاسهل لكي ينال المواطن الكويتي حقوقه هو اللجوء لهذه العيّنه من المرشحين تحت بند “تخليص المعاملات”، وفي النهاية معظم نواب مجلس الامة موالين للحكومة والتي أصبحت قادره على أن  تسرح وتمرح دون رقابة فعلية، ولم يعد بعدها في مقدور المواطن الا القبول بحكم الأغلبية البرلمانية “المخترق”!
هذه هي “أم” المشاكل والالتفاف عليها في إثارة قضايا هامشية وإشغال الرأي العام بها أمر دأب عليه أهل الأجندات الخاصة! فليس الحل أبداً في تغيير أشخاص يحملون عقلية متشابهه، الحل يجب أن يكون أعمق من ذلك، كيف؟
الحل:
لا مفر من التعديل الدستوري الذي يصب في توسيع صلاحيات الشعب وتقييد صلاحيات الحكومة، وإن كنا بالفعل قد تقدمنا ولله الحمد بخطوات جريئة نحو الحل الا أنه يجب علينا أن نكمل المسير عن طريق الضغط على الحركات الاصلاحية والدفع بمرشحيها لتبني قانون الحكومة المنتخبة أو أي قانون يصب في هذا الاتجاه، ولكن فيما إذا نجحت الحكومة مرة اخرى في إيصال نوابها للمجلس، فقد يعتبر هذا بمثابة مؤشر قوي على أنه لم يعد الاصلاح عن طريق مجلس الامة أمرا ممكناً خصوصاً في ظل هذا الدستور “المِعوج”، وعليه يجب أن تعود الاحتجاجات السلمية مرة اخرى وأن تتواصل حتى تُقر مثل هذه القوانين الاصلاحية.
 طلال عيد العتيبي، أمريكا
مدونة: www.4talal.blogspot.com