آراؤهم كتاب سبر

عقدة القديم والحديث!!

الحرب بين محبي القديم وعشاق الحديث حرب شعواء لا هوادة فيها، وهي حرب متجددة مع تجدد الأيام والليالي، وقد تطول أضرارها في بعض الأحيان من يقفون في أرض الحياد (أمثالي)!! ونحن لا نريد أن نتناول جزئياتها التي طرأت على الشعر بشكل خاص، وعلى الأدب بشكل عام، بقدر ما يهمنا رصد انطباع وتعاطي الفريقين مع القديم والحديث.
فالناس في هذه القضية على طرفي نقيض، فبعض الناس تجده لا يقيم وزنًا ولا يعطي قيمة لكل ماهو حديث في حين أنه يتعاطى مع كل منتج قديم بعين الرضا، التي كلت عن العيوب ولم ترَ إلا المحاسن!! فعندما تقدم له إنتاجا أدبيا لا يسأل أي سؤال قبل أن يعرف؛ هل هذا الإنتاج قديم أم حديث، فإن كان حديثًا صب عليك جام غضبه وأخذ يبين لك ضعف وركاكة أسلوب الحداثيين قبل أن يقرأه!!!، وإن كان جوابك بأنه قديم تلقفه من بين يديك وأخذ يقلب صفحاته وهو يردد (الله الله يا سلااااااام)!!!
وأما على مستوى الشعر الشعبي، فلا يطرب لأي قصيدة إن لم تبدأ بـ (يا راكب من عندنا) أو (سر يا قلم)!!!، وعندما تقرأ عليه قصيدة رائعة من قصائد المعاصرين تحمل بين جواهرها هذا البيت:
              
               والله لو دمي يغيث الملاهيف              قطعت عرقي لين يصفى نزيفه!
أتاك بالجواب المعد سلفًا (جمالها نسبي ولا يرتقي لأدنى قصائد المتقدمين)!!!
 
اما الفريق الآخر، فلا يرى للمتقدمين فضلا إطلاقًا، وكم تمنى لو أنه ينفصل عن هذه السلسلة التي ربطتهم بها ويكون سلسلة جديدة يكون هو فيها الحلقة الأولى!!، وتعاطيه كذلك مع الشعر بشكل خاص والأدب بشكل عام ليس ببعيد عن الفريق الأول !!
فعندما تقرأ عليه اي قصيدة لشاعر قديم ترى علامة الغضب قد علت وجهه ولولا مراعاته لاداب الدين والاعراف الاجتماعية لقال لك :(محلي يتعذرك ولا توريني رقعة وجهك مرة ثانية )،بينما تراه يهتز طربا ويتمايل كسنابل القمح عندما تخبره انك ستلقي عليه قصيدة لشاعر حديث حتى ولو كانت من طراز نونو يا نونو وانا بياع الجواتي!!!!!.
والحق الذي ينبغي ان يقف معه كل عاقل ومنصف هو ما قاله ابو العباس في كتابه الكامل – كما نقل عنه الحريري في شرح المقامات- حيث قال:
وليس لقدم العهد يفضل القائل، ولا لحداثة العهد يهضم المصيب، ولكن يعطى كل ما يستحق)!!
 
أبو الجوهرة
عبدالكريم دوخي المنيعي 
تويتر:a_do5y