محليات

الحكم الديمقراطي يحتل مكانة محورية في فكر الأمير
“اتجاهات” يحلل مضامين النطق السامي في افتتاح دور الانعقاد الرابع عشر

*توصيــات وتحديــات ضمن 8 محاور رئيسية و41 عنصرا فاعلا. 

*15 توصية للنواب و10 للتحديات الخارجية والداخلية وسبل مواجهتها. 

* التهديدات والتحديات تؤثر على تطوير الديمقراطية والحفاظ عليها مرهون بمسئولية جماعية. 

*الاعتبارات الوطنية لابد أن تتجاوز المصالح الطائفية والفئوية والأبعاد القبلية والمذهبية. 

* الوحدة الوطنية ومحاربة الفتنة ودور الأعلام يجب أن يتصدر أولويات النواب. 

*الديمقراطية في الكويت لا يمكن أن تنمو وتزدهر في ظل وجود الفساد. 

* “وثيقة” أميرية تسهم في تسخير طاقات الشباب لخدمة الوطن. 



أجرى مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث تحليل مضمون ببعديه الكمي والكيفي لخطاب سمو الأميرالشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة. وتمحور المضمون العام للخطاب في ثمانية محاور أساسية هي: انتخابات برلمانية كويتية نزيهة، وتحديات التجربة الديمقراطية ، والآليات الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والأخطار الخارجية، وإصلاح الخلل في هيكل الاقتصاد الكويتي، وتحديث طرق التربية ومناهج التعليم، وتمكين الشباب الكويتي من خدمة الوطن، وتحسين أسس العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة، ومسئولية أعضاء مجلس الأمة في المرحلة المقبلة.



المحور الأول

انتخابات برلمانية نزيهة. انطلق خطاب سمو الأمير من ركيزة الانتخابات البرلمانية الماضية، حيث تعد الانتخابات الدورية جزءا أساسيا من عملية التحول الديمقراطي. فلا يمكن تصور حدوث تطور ديمقراطي حقيقي دون الحديث عن تمكين الشعب من الاختيار الحر عبر انتخابات نزيهة، وهو ما شهدته الكويت، في 2 فبراير الماضي عبر إجراء انتخابات برلمانية حرة، حظيت بمراقبة مؤسسات المجتمع المدني، وكانت محط أنظار دول العالم، وحظيت بتقدير كبير من المراقبين الدوليين



المحور الثاني

تحديات التجربة الديمقراطية. تطرق النطق السامي إلى ما أسماه “مشارف مرحلة جديدة فاصلة في ممارسة الديمقراطية”، إذ يحتل الحكم الديمقراطي مكانة محورية وأهمية مركزية في فكر سمو الأمير تفوق ما عداها، فـ”دمقرطة” الكويت، تعتمد على خطوات عملية ومؤشرات إجرائية منها إرساء بنية المؤسسات وترسيخ القانون واحترام حقوق الإنسان وانفتاح الإعلام ومحاربة الفساد، وهو ما يفسر الاهتمام  العالمي بـ”النموذج الكويتي” في التحول الديمقراطي.



كما أشار سموه إلى مرور خمسين عام على نشأة الدستور الكويتي يقنن العلاقة بين الحاكم والمحكوم والدولة والمجتمع، بما أدى إلى تعزيز الحكم الديمقراطي في البلاد، وتوفير الضمانات اللازمة لعدم إساءة استخدام السلطة والعدل والمساواة. 



المحور الثالث

الأليات الوطنية لمواجهات التحديات الداخلية والأخطار الخارجية. إن التحديات والتهديدات تهب على الكويت من كل اتجاه، بما قد يؤثر على تطوير التجربة الديمقراطية في الكويت، والحفاظ عليها مرهون بمسئولية جماعية لاسيما أن صمودها في مواجهة العواصف والأنواء الطارئة يتطلب منا ذلك، وهو ما أوضحه سمو الأمير في الخطاب بالقول “واجبنا جميعا اليوم أن نعمل على إنضاج التجربة الديمقراطية وترشيدها ونتعاون لتعزيزها وتطوير وتفعيل أدائها نستفيد من دروس الماضي سعيا للارتقاء بها إلى الكمال المنشود وتحقيق أهدافها وغاياتها الملموسة”.



وقد سلط النطق السامي الضوء على “المحن” التي تعرض لها الوطن في الفترة الماضية، واستغلال مناخ الحرية التي تتمتع بها البلاد والمسالك الديمقراطية التي تتوافر للقيام بممارسات بعيدة عن قواعد العمل الديمقراطي، لأنها تتجاوز القانون، في الوقت الذي يعتبر سموه، إن أحد الملامح الرئيسية للتطور الديمقراطي في الكويت هي إنها دولة المؤسسات الديمقراطية ودولة القانون، بحيث يخضع كل أفراد المجتمع للقاعدة القانونية العامة المجردة بغير استثناء أو تمييز، وهو ما عبر عنه سموه بالقول “نرفض رفضا قاطعا أي خروج على القانون أو محاولة لأن يأخذ أحد حقه بيده أو يضع القانون بين يديه مهما ظن أنه صاحب حق أو قضيته عادلة فالكويت هي وستبقى دائما بعون الله دولة قانون ومؤسسات قضاؤها مشهود له بالنزاهة والعدل وهو الملجأ والملاذ الأول والأخير لكل صاحب حق”. 



ووفقا لرؤية سموه، فإن التحديات التي تواجه الوطن سواء التي تنبع من الداخل أو التي تأتي من الخارج تعرقل مسيرة البناء الوطني، وهو ما يفرض التعاون المجتمعي الذي يعلي من مصلحة الوطن فوق مصلحة الانتماءات ما دون الوطن، لأن الكويت لم ولن تكن يوما لجماعة بذاتها، أو لفريق دون أخر، ولم تكن في سماتها أبدا قبلية أو طائفية أو فئوية، لأن ما تحقق من مكاسب وإنجازات يعود إلى التآلف المجتمعي والتلاحم الوطني، فالاعتبارات الوطنية، لابد أن تتجاوز المصالح الطائفية، والفئوية، والأبعاد القبلية، والمذهبية، والمناطقية، والطبقية.



وركز سموه على دور الإعلام في لعب دورا محوريا في تعزيز الروح الوطنية بين أبناء الكويت، لتكون رسالته البناء وليس الهدم، الالتزام بالرسالة وليس الخروج عنها، وهو ما دعا سمو الأمير في خطابه أن يوجه حديثه لنواب الأمة قائلا “يجب أن يتصدر أولويات أعمالكم ويأخذ جل اهتمامكم فالوحدة الوطنية وتعزيزها وترسيخ مقوماتها ومحاربة الفتنة والفرقة وتسخير وسائل الإعلام المختلفة للقيام برسالتها السامية بدون انحراف أو تأجيج مع الحرص على عدم المساس بالحقوق الأساسية والحريات العامة يجب أن يكون شغلكم الشاغل على الدوام”.



كما أن الديمقراطية في الكويت لا يمكن أن تنمو وتزدهر في ظل مؤشرات على وجود فساد، وهو ما دعا  سمو الأمير إلى توجيه رسالة محددة تتعلق بضمان انضباط جميع الأعمال والأنشطة الحكومية والخاصة، وفق أطر ومعايير النزاهة والشفافية، وتكافؤ الفرص التي تحقق العدالة، وتدفع مسيرة العمل الوطني في الاتجاه الصحيح، فالفساد – وفقا لرؤية سموه- دوما هو الآفة المهلكة لتوجهات الإصلاح والتنمية. وقد عبر الأمير عن هذا المعنى في خطابه بتأكيده على “حرمة المال العام ومبدأ النزاهة والأمانة والشفافية ومكافحة الفساد”.



المحور الرابع

الإصلاح الاقتصادي في الكويت. شدد النطق السامي على ضرورة إصلاح الخلل في هيكل الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر الدخل القومي وتوفير فرص عمل جديدة وخاصة للقطاعات الشابة، وهو مرهون بتحويل الاقتصاد الكويتي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي، وتوظيف الفوائض المالية الناتجة من العوائد النفطية، في العديد من المشروعات التنموية والاستثمارية، بما يجنب الوطن والمواطنين أية تأثيرات مالية داخلية طارئة وأزمات اقتصادية خارجية مفاجئة. 



المحور الخامس

تحديث طرق التربية ومناهج التعليم. تطرق النطق السامي إلى محورية دور التعليم في بناء الوطن، انطلاقا من إيمانه بالاهتمام بالعنصر البشري، وأن أفضل استثمار هو الاستثمار في البشر وتنمية ملكاتهم وتطوير قدراتهم. وهو ما كان يردده دائما في خطابات مختلفة وأحاديث متعددة بأن التنمية الحقة هي التي تتخذ من الإنسان محوراً ومن العلم سبيلاً ومن الإخلاص دافعاً، وهو ما يتطلب قيام مؤسساتنا التعليمية بتطوير النظام التعليمي الحالي ليتماشى مع متطلبات هذا العصر، مثلما أدركته العديد من دول العالم المتقدم. 



المحور السادس

تمكين الشباب من خدمة الوطن. اهتم الخطاب الأميري بفئة الشباب في خطابه بإبلاء قضايا الشباب مزيد من العناية والاهتمام، والبحث عن حلول لمشكلاتهم وصياغة برامج تلبي طموحاتهم وتطلعاتهم، وهو ما دعاه لتكليف الديوان الأميري بعقد مؤتمر وطني للشباب يخرج بمجموعة من التوصيات في صورة “وثيقة” تسهم في تسخير طاقات الشباب لخدمة الوطن، لاسيما أن الشباب هم ذلك القطاع العريض ممن تتراوح أعمارهم بين الثمانية عشر والثلاثة والخمسون عاما وهي الشريحة التي تمثل داخل تركيبة الهيكل السكاني الكويتي القطاع الأكبر من الناحية العددية، بحيث يبلغون 66.7% من إجمالي السكان وفقا لتقديرات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعامي 2010- 2011، أي ما يقرب من ثلثي المجتمع، بيد أن الأهم من ذلك أنهم يقعون في مركز خريطة المستقبل، بما يجعلهم عناصر مهمة في الصحة النفسية للمجتمع والاستقرار المؤسسي للدولة. 



المحور السابع

تحسين أسس العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة. تحتاج المرحلة المقبلة من تطور الوطن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بما يؤثر على مسار العملية الديمقراطية إيجابا، ويعالج أخطاء الماضي. فقد شهدت ساحة مجلس الأمة خلال السنوات الست الماضية توترات، صريحة ومكتومة الماضية بين الحكومة ومجلس الأمة، بما أدى إلى زيادة الاحتقان السياسي والتوتر المؤسسي. لذا، فإن سمو الأمير يدعو دائما في خطبه إلى تجاوز العقدة المستعصية وتعزيز التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتحويل هذا التعاون بينهما إلى ممارسة تنهض بالعمل البرلماني والعملية السياسية والتجربة الديمقراطية في الدولة، وحسم الخلافات الدائرة بين الحكومة ومجلس الأمة حول الكثير من القوانين، ومشروعات القوانين، مع الالتزام بأساليب وأدوات الحوار الدستورية والبرلمانية المتفق عليها فيما بينهما.



وقد عبر سمو الأمير عن هذا التوجه حينما دعا في خطابه لأعضاء مجلس الأمة “أن يقوموا بدور إيجابي فعال لمسئولية التشريع لها والرقابة الجادة على تنفيذها متعاونين مع إخوانكم في السلطة التنفيذية مخلصين التفكير والعمل لمصلحة الكويت تحترمون الدستور والقانون وتحافظون على المال وتقبلون حق الاختلاف وتفضلون قوة الحجة على علو الصوت بعيدين عن الشطط والانفعال والتوتر والشخصانية، تلتزمون الاعتدال والموضوعية وعفة اليد واللسان”.



المحور الثامن

مسئولية أعضاء مجلس الأمة في قيادة المرحلة الحالية. يشير خطاب سمو الأمير إلى احتياج الكويت من الأعضاء الحاليين قيادة المسيرة الديمقراطية إلى الأمام وعدم ردها إلى الخلف، بما يحقق الإصلاح السياسي الداخلي والتطور الاقتصادي التنموي ومواجهة التوتر الإقليمي، لأن المسئولية الوطنية تقتضي منهم ذلك، حيث تكررت كلمة المسئولية في خطاب سموه أربع مرات.