اقتصاد

محللان: عوامل اقتصادية ونفسية وراء حالة التذبذب في سوق النفط

رأى محللان نفطيان كويتيان أن حالة التذبذب الراهنة في السوق وتذبذب سعر برميل النفط الكويتي مردها إلى تضافر عدة مستجدات حيث تغلب مشاعر الحذر النفسي (السيكو) على سوق النفط إثر استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي علاوة على ارتفاع قيمة صرف الدولار الأمريكي.

وأضاف المحللان في تصريحين متفرقين لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الأربعاء أن هناك أيضا عوامل جيوسياسية أسهمت في تنامي المخاوف من تخمة في المعروض مما أثر سلبا على أجواء التفاؤل بين المستثمرين والمضاربين.

ولفتا إلى حالة التذبذب في سعر النفط الكويتي الخام في الفترة الراهنة حيث تراجع متوسط سعر النفط الكويتي بمقدار 11ر7 دولار في ظرف شهرين تقريبا بعد أن سجل أعلى مستوى له عند 21ر46 دولار للبرميل في 9 يونيو الماضي ليصل إلى 10ر39 دولار للبرميل أمس ليكسر معه حاجز ال40 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 11 مايو الماضي.

وقال المحلل النفطي الكويتي محمد الشطي إن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أربك الأسواق وأسهم في حالة الضبابية حول تبعاته خصوصا على الاقتصاد العالمي في ضوء ارتباط التجارة وتداخل أسواق العالم إضافة إلى بوادر تعافي الإنتاج في بعض المناطق التي تأثر فيها الإنتاج سابقا بفعل عوامل جيوسياسية أسهمت بالتالي في تنامي المخاوف من تخمة في المعروض.

وأضاف الشطي أن ارتفاع سعر صرف الدولار يؤثر بشكل كبير في أسعار النفط خلال هذه الفترة كما أن ارتفاع المخزون من المنتجات الوسيطة (الديزل وزيت الغاز ووقود الطائرات) والغازولين أسهم في التأثير سلبا على أجواء هوامش أرباح المصافي كذلك على أسعار النفط لأنه يتزامن مع توقيت توقعات ارتفاع الطلب على استهلاك الغازولين خصوصا في الولايات المتحدة في موسم الصيف يتبعه موسم ارتفاع الطلب على زيوت التدفئة في موسم الشتاء.

وأفاد بأن المؤشرات على تباطؤ أداء الاقتصادين الصيني والهندي تلقي هي أيضا بظلالها على أجواء التفاؤل في أسواق النفط مشيرا أيضا إلى أن استمرار وتواصل ارتفاع عدد منصات وأبراج الحفر الذي يعتبر عاملا سلبيا إضافيا يؤثر على توقعات انخفاض إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وذكر أن أبرز التطورات التي تؤكد تغير مزاج السوق هي مراكز المستثمرين والمضاربين في الأسواق الآجلة التي تشهد تقلصا في عدد وحجم العقود من أجل تقليل الخسائر والاستثمار في السلع والعملات لضمان التنوع والأرباح في إجمالي المحفظة كما حدث فعليا خلال الأيام السابقة.

وأكد الشطي أن السمة العامة هي التذبذب والتقلب في مستويات أسعار النفط بشكل يومي ما بين صعود وهبوط الى حين وضوح المسار مشيرا إلى أن إجمالي إنتاج (أوبك) خلال شهر يونيو بلغ نحو 33 مليون برميل يوميا في 2016 مقابل 6ر32 مليون برميل يوميا خلال شهر مايو الماضي أي بزيادة مقدارها 400 ألف برميل يوميا.

وقال إن تلك الأرقام تدل على تعاف طفيف في إنتاج ليبيا لكنه يظل حول 300 ألف برميل يوميا كما أن إنتاج نيجيريا يظهر بعض التعافي عند 5ر1 مليون برميل يوميا لكنه دون 8ر1 مليون برميل يوميا خلال شهر يناير 2016 بالتالي الإنتاج أقل ب 300 ألف برميل يوميا.

ولفت إلى أن إنتاج إيران من النفط سجل ارتفاعا ملحوظا من 9ر2 مليون برميل يوميا في شهر يناير 2016 ليصل الى 6ر3 مليون برميل يوميا في يونيو 2016 وكان قريبا من مستويات الإنتاج في مرحلة ما قبل الحظر على مبيعات النفط الإيراني.

وأشار إلى هبوط إنتاج العراق من النفط من متوسط 4ر4 مليون برميل يوميا خلال شهر يناير 2016 الى 2ر4 مليون برميل يوميا خلال شهر يونيو 2016 في حين تؤكد معطيات السوق أنه رغم انخفاض انتاج النفط العراقي من الجنوب فإن الإنتاج من شمال العراق عبر ميناء (جيهان) التركي يشهد زيادة ملحوظة ليصل إلى 500 ألف برميل يوميا خلال الأسبوع المنتهي في 24 يوليو 2016.

وقال إن تحليل بنك (باركليز) يؤكد أن الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثالث من 2016 أظهر تناميا تقل وتيرته عما كانت عليه مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2015 وسط ضعف وتباطؤ في أداء البلدان الصناعية اضافة الي الصين والهند متأثرا بتباطؤ في النشاط الصناعي.

وأشار الشطي إلى توقعات البنك أن يعاود الطلب حالة التعافي بوتيرة أسرع في الأشهر من أكتوبر ونوفمبر وديسمبر على أسس موسمية وتكون السوق أكثر توازنا “ويعني ذلك تعافي مستويات الأسعار”.

وأفاد بأن هناك توقعات بتماسك السوق النفطية لدعم مستوى الأربعين دولارا للبرميل لنفط خام (برنت) أي ما يعادل 35 دولارا للبرميل للنفط الخام الكويتي مع تأخر التوازن في السوق إلى منتصف 2017.

وذكر أن المؤشر الذي ينبغي متابعته هي سحوبات من المخزون النفطي العالمي بشكل متواصل “والتي بدأت ولكنها لا ترقى إلى التوقعات مع استمرارها في تسجيل مستويات قياسية مقارنة مع متوسط السنوات الخمس الماضية”.

وأشار إلى التوقعات الشهرية لوكالة الطاقة الدولية بتنامي الطلب العالمي على النفط ب 4ر1 مليون برميل يوميا خلال عام 2016 و 3ر1 مليون برميل يوميا خلال عام 2017 وأن الإمدادات من خارج (أوبك) ستنخفض ب 900 ألف برميل يوميا خلال عام 2016 لكن الإمدادات من خارج المنظمة ستشهد ارتفاعا ب 300 ألف برميل يوميا خلال عام 2017.

من جانبه قال الخبير النفطي الكويتي عبدالسميع بهبهاني إن السوق النفطي يتجه خلال هذه الفترة إلى التحوط “لذا نرى تذبذبات عالية في أسعار النفط نسبيا حيث وصلت في اليوم الواحد من 1 إلى 5ر1 دولار”.

وأضاف بهبهاني أن السوق يغلب عليه العامل النفسي ثم عدم المرونة ليخرج مرة أخرى من أساسياته متوقعا بقاء أسعار النفط الخام في الربع الثالث من 2016 بمعدل 43 دولارا لخام (برنت) أي 38 دولارا للخام الكويتي بينما النظرة التفاؤلية ستكون في الربع الرابع.

وأوضح أن السوق النفطي حاليا يبتعد عن الأساسيات مرة أخرى لتغلب عليه مشاعر الحذر النفسي (السيكو) نتيجة غموض وتعدد العوامل المؤثرة بعد فترة من عودة أسعار النفط إلى أساسيات السوق المتحكم فيها العرض والطلب في منتصف يناير 2016.

وذكر أن التقييم هنا وسط تخمة المخزون التجاري التي تجاوزت ال 95 مليون برميل يوميا إضافة إلى ما أعلنت عنه وكالات الطاقة من تكدس ناقلات بحر الشمال حاملة نحو تسعة ملايين برميل من نفط الشمال مما يدل على أن المخزونات التجارية (الأرضية) أعلى من ذلك”.

وبين بهبهاني أن العامل الفوري المباشر المؤثر على أسعار النفط حاليا هي ما ينقل من مؤشرات في الولايات المتحدة فالدولار محتفظ بقوته أمام العملات الرئيسية للشهر السادس وهناك الحذر من إعلان الفدرالي الأمريكي القادم في بداية أغسطس والإعلان عن تكدس المخزون الأمريكي لوقود السيارات الذي وصل إلى 29ر9 مليون برميل “وهو مؤشر مضلل إذ إن زيادة المخزون 130 ألف برميل يوميا لا يدل بالضرورة على قلة الاستهلاك إذ قد يكون لإضافة مخزون نتيجة انخفاض الأسعار وهو الأرجح”.

وذكر أن اضافة 55 منصة إلى منصات الحفر الأمريكية منذ شهرين لتصل الى 371 منصة جاءت لتعوض التناقص في المخزون الأمريكي الذي بلغ 519 مليون برميل من 540 مليون قبل شهر مشيرا إلى أن تعويض الفقدان من المخزون بحاجة إلى 100 منصة حفر إضافية أخرى لتعويض الاستهلاك.

وحول مدى أثر تباطؤ الاقتصاد الصيني بانخفاض أسعار النفط الخام اعتبر بهبهاني إنه ليس بالعامل الفوري المباشر حاليا بل تدل الإشارات عكس ذلك بأن معدل النمو المحلي الإجمالي الذي اعلنت هي بنسبة 7ر6 في المئة بينما كان المتوقع 5ر6 في المئة.

وذكر بهبهاني أن اجتماع مجموعة العشرين في بكين وعرض التسهيلات الضريبية كلها اشارات نحو انتعاش اقتصادي مما دل على انتعاش الأسواق الآسوية وهجرة رؤوس الأموال إليها مبينا أن الربع الرابع من العام الحالي سيشهد هذا التحسن بزيادة الطلب.

وأشار إلى أن (أوبك) ورغم اضافات الإنتاج الإيراني والعراقي فقد أضافت فقط 7ر0 في المئة ليصل إلى 9ر32 مليون برميل يوميا مقابل الطلب الفعلي 7ر32 مليون برميل يوميا.

ولفت إلى أن الفارق بسيط نسبيا مما يدل على جدية عودة (أوبك) إلى موازنة السوق وهو أيضا ما يستشف من تصريح وزير النفط السعودي خالد الفالح بشأن أهمية الاستثمار النفطي فوق الخمسين دولارا للبرميل.