عربي وعالمي

إسرائيل تسابق الزمن لتدمير “أنفاق غزة”

تبذل إسرائيل جهودا كبيرة في الوقت الحالي، لتدمير أنفاق تحفرها الفصائل الفلسطينية المسلحة قرب حدود قطاع غزة، غير أن خبيرا فلسطينيا رأى أن فضائل المقاومة لن تستسلم بسهولة لهذا المخطط الإسرائيلي وستبذل جهودا كبيرة من أجل الحفاظ على شبكة الأنفاق التي تعد بمثابة “كنزها الاستراتيجي”.

وتنوي السلطات الإسرائيلية بناء جدار إسمنتي من عدة طبقات أسفل سطح الأرض على طول الحدود مع قطاع غزة، في محاولة لمنع وصول تلك الأنفاق إلى البلدات والمعسكرات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

ونشرت مؤخرا صحيفة “يديعوت العبرية” واسعة الانتشار، على موقعها الإلكتروني، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية وزعت مؤخرا، مناقصات على 20 شركة إسرائيلية، لبناء جدار إسمنتي من عدة طبقات أسفل سطح الأرض على حدود قطاع غزة مع إسرائيل.

وذكرت الصحيفة، أن العمل في بناء الجدار الإسمنتي، سيبدأ في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مرجحة أن تتولى 4 شركات إسرائيلية تنفيذ المشروع.

وأشارت، أن المرحلة الأولى من الجدار ستسير على مسافة 10 كيلومترات، ليجري توسيعه تدريجيا ليصل إلى طول 60 كيلومترا، “وبذلك يحيط غزة بشكل كامل”، دون أن تحدد عمقه أو تكلفته.

وقالت، إن “الجدار سيمتد لعدة طبقات أسفل الأرض، وسيكون هناك جزء فوق الأرض أيضا، ليشكل حاجزا أمام الأنفاق التي تصل إلى إسرائيل، وسيكون الجدار المعقد قادرا على رصد عمليات حفر قريبة منه، وهو ما سيمكن الجيش الإسرائيلي من تدمير هذه الأنفاق قبل أن تشكل خطرا”، دون تفاصيل عن كيفية رصد عمليات الحفر.

وبحسب الصحيفة العبرية، فإنه “نظرا لتعقيد المشروع والعمق الذي سيجري حفره فإنه ينبغي على المقاولين الإسرائيليين الاستعانة بخبرات شركات غربية صاحبة خبرة في بناء الجدران أسفل الأرض”.

وتسببت أعمال بحث إسرائيلية عن الأنفاق، (داخل أراضي القطاع)، في مناوشات قصيرة بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية، بداية شهر مايو/أيار الماضي، حيث أطلق مسلحون فلسطينيون قذائف هاون على القوات الإسرائيلية، فيما ردت إسرائيل بشن نحو (17) غارة جوية، على القطاع.

وسبق أن حذّرت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة “حماس”، إسرائيل، في 4 مايو/ أيار الماضي، من تخطّي حدود قطاع غزة، قائلة في بيان لها اطلعت عليه “الأناضول”:” على العدو ألا يتذرع بأي سبب كان، وأن يغادر قطاع غزة فوراً وأن يعالج مخاوفه ومخاوف مغتصبيه خارج الخط الفاصل”.

وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة صيف 2014، استخدمت كتائب القسام الأنفاق بشكل مكثف، لشن هجمات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية محاذية لحدود القطاع.

ومنذ ذلك الحين باتت الأنفاق موضع جدل داخلي في إسرائيل، دون أن تتمكن الحكومة الإسرائيلية من إيجاد طريقة لوقف ما تسميه “خطر الأنفاق”.

ويجري الجيش الإسرائيلي في الوقت الحالي، أعمال تجريف وحفر مكثفة، على طول الشريط الحدود الفاصل مع قطاع غزة وإسرائيل، بحثا عن “الأنفاق”.

وفي إبريل/ نيسان الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي، اكتشافه لنفق تابع لحركة “حماس”، قرب الحدود مع قطاع غزة، امتد الى داخل الأراضي المحتلة عام 1948 لمسافة ثلاثين مترا.

وأعلنت آنذاك كتائب القسام، مسؤوليتها عن حفر النفق، وقالت في بيان نشرته على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت: “ما أعلنه العدو ليس إلا نقطةً في بحر ما أعدته المقاومة من أجل الدفاع عن شعبها، وتحرير مقدساتها وأرضها وأسراها”.

وفي هذا الصدد، يقول اللواء المتقاعد، والخبير العسكري الفلسطيني، واصف عريقات، إن “المقاومة في غزة، وعلى وجه التحديد كتائب القسام ستسعى إلى تطوير منظومة الأنفاق”.

ويضيف عريقات لـ”الأناضول”، “المقاومة ترى في الأنفاق كنز استراتيجي، وستبذل جهودا كبيرة في المحافظة عليه”.

ويتابع:” إسرائيل تحاول من خلال الجدار الذي تنوي إقامته تحت الأرض، أن تحمي نفسها، وتستكمل مشاريعها الدفاعية، ولكن في المقابل ستسعى المقاومة بكل ما أوتيت من قوة لإيجاد وسائل تلتف على هذه المنظومة”.

من جانبه، يقول عدنان أبو عامر الكاتب السياسي، والخبير في الشأن الإسرائيلي لـ”الأناضول” إنّ “إسرائيل تحاول حشد قواها المالية، والعسكرية من أجل القضاء على أنفاق المقاومة”.

وتابع:” تشكل الأنفاق بالنسبة لإسرائيل هاجسا أمنيا، يفرض عليها التفكير في كيفية مواجهته، وبناء الجدار تحت الأرض هو محاولة منها لعدم دخول هذه الأنفاق إلى العمق الإسرائيلي”.

وفي المقابل يرى أبو عامر، أن المقاومة في غزة ستسعى هي الأخرى إلى توسيع شبكة “أنفاقها”، والاستعداد لأي معركة قادمة مع إسرائيل التي لن يسهل عليها تدمير شبكة الأنفاق.

والاثنين الماضي، نقلت صحيفة “مكور ريشون” العبرية، عن مصادر إسرائيلية عسكرية، قولها إن مقاتلي حركة “حماس” استخلصوا العبر من انهيار الأنفاق السابقة، ولجأوا إلى تشييد جيل جديد أكثر مقاومة لعوامل الطبيعية والانفجارات.

وتقول تلك المصادر إن “حركة حماس استخلصت العبر من انهيار الأنفاق السابقة بفعل الأمطار وعوامل حركة الأرض وكذلك الانفجارات، حيث جرى تصفيحه بشكل عرْضي بدلًا من الشكل الطولي الهش”.

وأفادت بأن “المنظومات المضادة -التي اعتمدتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لكشف الأنفاق في قطاع غزة وهدمها- لم تساهم في تراجع حركة حماس عن استثمار المزيد من مقدراتها العسكرية والمالية في حفر المزيد منها، وإعادة ترميم ما تضرر منها أثناء الحرب”.

كما ذكرت الصحيفة ذاتها، في تقرير أعده الخبير العسكري الإسرائيلي، آساف غيبور، أن إسرائيل تبذل جهودا مضنية وتعتمد تكنولوجيا متطورة للتعامل مع تحدي الأنفاق، وتحيطها بالسرية، حتى أن بعض العاملين في مشروع مكافحة الأنفاق لا يعلمون حقيقة العمل الذي يقومون به خشية تسرب المعلومات”.

وأضاف أن إسرائيل شهدت في الأشهر الأخيرة انعقاد العديد من المؤتمرات الخاصة بمواجهة الأنفاق و”ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من عمليات مضادة للأنفاق -لا يستطيع كشفها- قائم على اعتبارات علمية وعسكرية، لكن النتائج على الأرض تشير لتقدم ملحوظ في مواجهة الأنفاق”.

وجاء في التقرير أن حركة “حماس” تواصل حفر الأنفاق “على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع، وهناك تقديرات إسرائيلية تقول إن الحركة تنفِق جل ميزانيتها العسكرية من أجل (تلك) الأنفاق بمئات الملايين من الدولارات”.

ونقلت “مكور ريشون”، عن أحد الجيولوجيين الإسرائيليين العاملين في مشروع مكافحة أنفاق “حماس” في غزة: قوله “إن 80% من تربة غزة رملية، يسهل فيها الحفر، ولا يواجه الحفارون جدرانا خرسانية وهو ما يتطلب من إسرائيل إقامة وسائل دفاعية تواجه كل متر واحد يقوم الفلسطينيون بحفره مقتربين من الجدار الحدودي. علما بأن أنفاق حماس في غزة يتم بناؤها بصورة محكمة تكون مستعصية على الهدم والاستهداف”.