كتاب سبر

كي لا نرتدي ثياب النائحات… شاركوا

لولا أن الأمر يستحق ما كتبت هذه المقالة أثناء استراحتي السنوية، لكنها الضرورة القصوى والمؤلمة. والكتابة في الشأن المحلي مقرفة، وتسبب التلبك المعوي، ولكن “قيل: شحادّك يا مسمار؟ قال: المطرقة”.

أكتب هذه المقالة المغلفة بالجدية، وأسلمها باليد إلى نوابنا السابقين المقاطعين، مع الضغط على إيديهم عند السلام وتسليم المقالة… نوابنا الذين لم يخذلونا عندما كانوا يمسكون بلجام التشريع والرقابة، ونُشهد الله أنهم ما خانوا الأمانة، ولا خانوا ثقتنا بهم، ولم ترتخِ أيديهم تحت ذل الرشوة، في وقت ارتخت فيه أشناب الذكور وانحنت رقابهم.

سيعترض بعض أحبابنا، الداعين إلى الاستمرار في المقاطعة، والذين لا نشك في حسن نواياهم وصدقهم وعِظم تضحياتهم. لكنني أخشى، إن استمرت مقاطعة الشرفاء، أن تنضب دموع المظلومين (لم أقل تجف)، وأن تتعب أيدينا المرتكزة تحت خدودنا من طول الانتظار، وأن يبدأ شوط جديد من طغيان الزمرة الفاسدة، وهو شوط سيكون حارقاً، لا شك، مدمراً للبلد وللناس، ويمتد إلى أربعة أعوام أخرى، كالحة السواد، ونكتفي نحن بارتداء ثياب النائحات على وطن يتهاوى أمام أعيننا، ومواطن يتم إرهابه كل دقيقة، بقوانين تخنق الحريات، لينشغل بنفسه، فيتفرغ اللصوص لاستكمال مسيرة نهب البلد.

ماذا تنتظرون أكثر، نوابنا الشرفاء؟ سيقال: هُزمتم، وها أنتم تكسرون كلمتكم وتنكصون على أعقابكم! وهذا من سخف القول، فالذي هُزم هو الوطن، قبل الجميع. وما جاء قرار المشاركة إلا لأن اللصوص أمعنوا في التنكيل في جسم هذا الوطن المكلوم وتقطيعه ونهشه، ولم يعد هناك حل إلا بالعودة بسرعة إلى قاعة البرلمان، لتشكيل حائط صد أمام جسد الوطن المُلقى على الأرض، في وجه الضباع، بأنيابها الحادة وخستها ووضاعتها.

أقول شاركوا وخوضوا الانتخابات، وأنا وأنتم نعلم أن العضوية، بعد هذا المجلس البشع، وفي سنوات البلاء هذه، لا يحتملها إلا رجالٌ من معادن صلبة لا تلين، رجالٌ من أولي البأس الشديد، رجالٌ يتقدمون أكثر كلما طُلب منهم التراجع تحت التهديد.

أقول شاركوا وخوضوا الانتخابات، رغم رفضنا ورفضكم لقانون الصوت الواحد. القانون المسخ، القانون الذي أفرح اللصوص، ودمعت عين الكويت عند إقراره.

أقول شاركوا لأن تاريخكم المشرف، ومعرفة الناس بكم، وثقتها بكم نتيجة أعمالكم السابقة ومسيرتكم، كلها ستساهم في إنجاحكم، بخلاف بعض الشرفاء من المرشحين الجدد، الذين لا قواعد انتخابية تعرفهم، كما هو حالكم، ولا مواقف برلمانية سابقة موثقة تشهد لهم، كما هو حالكم. وبالتالي ستكون مهمتهم أصعب في الانتخابات، وحظوظهم أقل، في مقابل اللصوص الكبار وأذنابهم المدعومين براً وبحراً وجواً.

خوضكم الانتخابات يفرحنا ويغضب اللصوص ويربكهم ويخيفهم، والدليل أنهم فرحوا ب”قانون المسيء” وظنوا أن الأرض قد خلت لهم، لكن الله أخزاهم. ولولا خوفهم من خوضكم الانتخابات ما قدّموا هذا القانون وهم يلهثون من سرعة الجري ليسابقوا الزمن.

والدليل الآخر على أن مشاركتكم تربكهم، هو شتم أتباعهم في تويتر ووسائل التواصل لكل من يدعو للمشاركة، بطريقة سافرة تفضح خوفهم وارتباكهم. والدليل الثالث أن قنواتهم وصحفهم طبّلت وستطبل لكل من يدعو إلى استمرار المقاطعة، وسنشاهد بعض المتنكرين بلباس المعارضة يظهرون في قنواتهم ليزايدوا على وطنية المشاركين ويدفعوهم دفعاً إلى التراجع وإخلاء الساحة لمعازيبهم. وإن كانت أوراق هؤلاء قد انكشفت لكل عاقل، لكنها أدلة على ارتباك اللصوص ورغبتهم بعدم مشاركتكم.

شاركوا وأحرجوا نواب الخيبة والرشى بمشاريع القوانين التي تعزز قيمة المواطنة، وبالاستجوابات الرادعة، فإما أن يقف هؤلاء الأتباع معكم مُكرَهين مُحرَجين، أو “يفلّصون ويحذفون أقنعتهم”.

شاركوا وحدّوا من سطوة نواب خلية حزب الله وأذناب سفارة إيران، الذين لا يُرد لهم طلبٌ ولا يُصد، والذين كلما عطس أحدهم تسابق اللصوص لتشميتهم وتوفير المناديل لهم، طمعاً  في أصواتهم.

شاركوا وسنتكفل نحن بتوفير الغطاء الإعلامي لكم ولكل شريف مثلكم. شاركوا وسنرد نحن على كل من يقول: “ما الذي يمكنكم فعله؟”، بأنه لولا قدرتهم على “عمل شيء ما” ما صدر “قانون المسيء” ولا اشتغلت مكائن اللصوص الإعلامية لمنع الشرفاء من خوض الانتخابات.

شاركوا من أجل المسحوبة جنسياتهم ظلماً، ومن أجل السجناء، وعلى رأسهم ضميرنا، الملهم مسلم البراك. فأن يكون لهم صوتٌ داخل البرلمان خيرٌ من أن يكون الصوت عليهم.

شاركوا فقد تكشّفت أوراق اللصوص بالمقاطعة، وعرف الناس أن أحرار المعارضة هم السند وهم عشاق الوطن.

هذه الدعوة للمشاركة ليست “حذفة عقال” يُراد منها إحراجكم، بل هي دعوة أزعم أنها ترتدي ثياب العقلانية وتخشى ارتداء ثياب النائحات.

شاركوا…

5 تعليقات

  • لله درك يا الوشيحي هذا كلام الرجل العاقل وانا كنت انادي بالكلام هذا من زمان لا تتركون الساحه لهم نعم نبيهم صوت لنا ما نبي تكون الأصوات علينا واسئل الله العظيم إن يحفظ بلدنا ويفك عوق الشباب وعلى رأسهم ضمير الامه ابو حمود و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  • كل ما يمكن إنجازة في ظل النظام الإنتخابي الحالي (المسخ) هو المناكفة. نظام الصوت الواحد صمم بطريقة حرفية بحيث لا تقوم لأي مجموعة قائمة، ويصبح العمل الفردي السمة السائدة.

  • الاستاذ القدير ابو سلمان كاتبجي من العيار الثقيل وذو فكر ولاشك وعقلية فذة بلا مراء، ولكن! أنصحه بالاستماع لرأي الدكتور الفحل عبيد الوسمي في ذات الموضوع، وانا أرى أن طريق النضال ليس مفروشاً بالورد، ومسلم البراك لم يسجن لأجل أن يكون له نواب بالبرلمان يدافعون عنه ليرفعوا عنه الظلم والا لما تحرك من البداية! الهدف هو الاصلاح وليس تخفيف آثار السير في الطريق وإن كانت مطلوبة دون التنازل عن المباديء والا لما كان للتحرك ابتداءً اي معنى! هذا محمد صلى الله عليه وسلم اضطر لترك موطنه في سبيل مبادئه ولو تنازل عنها لاجل رجوعه لبلده لما كان لتبنيه لها ابتداءَ أي معنى صلوات ربي وسلامه عليه صفوة الخلق وقدوتهم، واكرر لك يابو سلمان ارجع مشكوراً غير مأمور لرأي الوسمي في الموضوع فإنه ناجع ناجح باتع راكز فائز على الحقيقة حائز…واسلم

أضغط هنا لإضافة تعليق