كتاب سبر

بعد صمت.. المُبعد سعد العجمي يطرح رأيه في الانتخابات

لم يكن غريبًا ذلك التجاذب والاختلاف في الرؤى من قبل أنصار ومغردي المعارضه، والشباب الوطني بمختلف توجهاته الاصلاحيه، حول موضوع المشاركه أو المقاطعه في الانتخابات القادمه، خصوصًا بعد الإعلان عن حل المجلس، فهو حديث كان يثار تحت رماد نار لا يزال جمرها حي، والجميل فيه أنه حديث اصلاحي بروئ مختلفه وإن كانت متضاده، شذ بعضها إلى مربع الشخصانيه والتنابز، لكنه مازال تحت السيطرة.

أنصار المشاركه حاليًا – هنا اتحدث عن من كان مقاطعًا – يقولون إن المقاطعه ليست مبدأ، بل كانت موقف اتُخذ في وقت معين لسبب معين ولهدف معين، وقد تحقق هذا الهدف عبر تكريس قناعه تامه لدى الشعب بأن أكبر كذبه في تاريخ الكويت، المعارضه سبب تعطيل التنميه، قد انتهت إلى غير رجعه، فقد اتضح أن العله في الحكومه وليست في المعارضه، كما أن صفة التأزيم التي كانت تطلق على المعارضه ماتت، وشبعت موت، بدليل أن هذا المجلس ذو الصوت الواحد، الوديع، المطيع، قد حُل ايضًا بسبب الاستجوابات والتأزيم، وأن هذا الواقع السياسي الجديد والثقافه التي باتت سائده لدى مختلف شرائح المجتمع، بأن العله ليست في المعارضه ولا المجالس بل في الحكومه، تتطلب تغيير أدوات المواجهه السياسية بالانتقال من المقاطعه إلى المشاركه، وساقوا الكثير من المبررات المنطقيه لمشاركتهم.

 فيما المقاطعون يقولون إن الواقع لم يتغير بشيء وإن هذه أمور شكليه فما زالت أدوات اللعبه بيد السلطه ومشاركتنا تعني اضفاء شرعيه على ممارساتها، وإن طريق الإصلاح شاق وطويل ولا بد من الصبر وعدم استعجال النتائج. وبعيدًا عن الخوض في التفاصيل، كلا الرأيين يُحترم ويُقدر، مع التأكيد على انني أعني من قاطعوا انتخابات المجلسين الاخيرين وليس من شارك.

كثيرون يسألونني عبر تويتر أو السناب أو حتى عبر الهاتف عن رأيي في قضية المشاركه أو المقاطعه، أيهما أجدى وأيهما أنفع، وفي ظل الظروف التي أمر بها قد اجد العذر في عدم إعلان رأيي في هذا الموضوع، لكنني لم اتعود أن أبخل برأي أو مشوره أو تقديم النصح عندما يتعلق الأمر بمصلحه وطنيه تحتاج فيها الناس لأستشفاف الآراء جميعًا لتتخذ موقف معين من مشهد صورته مشوشه وغير واضحه.

ولأنني مع المقاطعه، ولو مازلت احمل جنسيتي لكنت آخر من يتخلى عن المقاطعه ، فأنني سأركز حديثي هنا عنها، ولن أتحدث عن المشاركه واسبابها ومبرراتها، أو من يدعو لها فهذا أجتهادهم ويقدر ويحترم بل إنني اطالب من قرر المشاركه بحسن الاختيار وجعل مصلحة الكويت نصب عينيه بعيدًا عن مفسدات الاختيار العائليه والقبلية والطائفيه.

قد يستغرب البعض عندما أقول أنني في هذه المره لن ادعو أو أحث الناس على المقاطعه رغم أنني معها ومتمسك بها. نعم أنا مع المقاطعه وفق قناعتي الشخصية وليس كونها حاله سياسيه يجب الإيمان بها، فالمقاطعه كأداة سياسيه ماتت منذ أول يوم دخل فيه مسلم البراك السجن، وهذه حقيقه من لا يعترف بها جَانبه الصواب.. واقعيًا مرّت المقاطعه بمرحلتين، مرحلة ما قبل سجن مسلم فيها شارع ضاغط وحراك فعال ومعارضه متماسكه ذات جبهه واحده، ومرحلة ما بعد سجن مسلم تشرذمت فيها المعارضه وتفككت وأختفى فيها الحراك وسكن الشارع وهي مرحله اسميها مرحلة ” كُلٍ من خويه تبرأ “.

المقاطعه ليست حالة ترف سياسي، وليست مجرد شعارات ترفع، ولا اماني تُطلق، المقاطعه وسيله تحتاج أدوات كي تصل بك لهدفك المنشود، وأهم هذه الأدوات في ظل قوة الطرف الاخر وتفرده بالسلطه المطلقه، هي الثمن والتضحيه الذي يجب أن يدفع، فإن كانت المقاطعه من أجل هدف فعلى من قاطع أن يدفع الثمن لكي يصل للهدف، وهنا لا اقصد الناس وجمهور الناخبين بل السياسيين والنخب التي تصدرت المشهد في السنوات الخمس الأخيره.

إن كان القرار بالمقاطعه سيستمر فعلى المقاطعين وضع اهدافهم وتحركاتهم وفق برنامج زمني محدد وواضح بآليات محدده ومعلومه يتعهدون بتنفيذه ويقومون بشرحه للناس لإقناعهم باستمرارهم في المقاطعه، مع الاستعداد لدفع الثمن قبل أن يطلبوه من الناس، وإذا لم تكن عندهم هذه الرؤيا وهذا البرنامج، فليتركوا الناس تتخذ قرارها وفق ما يرون.

أما مقاطعه “براغماتيه” آلياتها، وضع رِجل على رِجل والتنظير، أو هاشتاق في تويتر، أو ندوه عدد حضورها لا يتجاوز اصابع اليد الواحده، وكبار سياسييها ونخبها تحولوا إلى مغردين (مع الاحترام للمغردين ودورهم الوطني وتأثيرهم) هي مقاطعه تنجح إذا كنا نريد مقاطعة منتج زراعي، أو شركة اتصالات، أو مشروب غازي، أما أذا كنا نريد تغيير مشهد سياسي كامل، مثقل بالاخطاء منذ الستينيات، فلن يتم ذلك ما لم نقدم التضحيات وندفع الثمن كما دفعه مسلم البراك.

هذه ليست دعوه لجلد الذات بل دعوه للتفكير وتقييم المواقف والاستفاده من الأخطاء في معسكر المقاطعه مع التأكيد على اهمية عدم الاندفاع لتخوين من كان في معسكر “قرار” المقاطعه وانتقل اليوم إلى معسكر “اجتهاد” المشاركه، فهم اخوة لنا لا يجوز المزايده عليهم ولا يجب تصوير الأمر على أنه صراع لتصيُّد الاخطاء كل طرف يمارسه على الاخر، وعلينا عدم أستعجال الحكم على الامور فمن يدري لعل ” اجتهاد ” من عزم على المشاركه، و”قرار” من أستمر على المقاطعه يلتقيان في يوم ما ليحققا الإصلاح المنشود.

لذا ومن واقع ما سبق، سأستمر مقاطعًا، دون الدعوة لها هذه المره، فلا مقاطعه بلا ثمن، وأنا خلال أربع سنوات مقاطعه، لم اعد أملك الثمن الذي اقدمه للناس كي ادعوهم لها، ففي السنة الاولى دفعت وظيفتي كثمن، وفي الثانيه دفعت جنسيتي كثمن، وفي الثالثه دفعت ابعادي عن وطني كثمن، وفي الرابعه دفعت فراق أبنائي كثمن، ولأنه من المخجل ” أن اطالبكم بشئ ولا أقدم تضحية قبلكم ” فأنني أقول: عذرًا يا أبناء وطني لم يعد لدي، شي له ثمن، يليق بكم كي أدفعه من اجلكم عندما أطالبكم بالمقاطعه،، وإن لم يعد بينكم برغش آخر أو جبر آخر أو عوضي آخر أو براك آخر أو حربي آخر أو دمخي آخر أو شطي آخر فـ اتركوا الناس تقرر أمرها حسب قناعاتها.

4 تعليقات

  • @Alwashi7i

    إحنا من المقاطعين لكن هذا مايمنع بوجود اعضاء شرفاء يعرچبون للمناديب قبل لا يوهقونا بقرارات غصب المقاطعين يتفذونها😬

  • كنت ولا زلت كبيرا يا سعد … قدمت تضحيات يعجز جيل كامل أن يقدم نصفها .. الله يجمع شملك بأبناءك .

  • كلامك موزون و رأيك محترم.. كنت أتمنى لو كانت هذه النبرة الهادئة و العقلانية موجودة قبل ٥ سنوات لدى أغلب رموز المعارضة. للأسف، صعّدنا من وتيرة الخطابات و زايد الكل على الكل فتشتتنا، وأصبحنا نتسرع بالحكم على الآخر و نرميه بكل التهم جزافا، حتى تفرغنا لضرب بَعضُنَا بعضا.. و بالنهاية أضعنا دفة القيادة من بين أيادينا.
    أتمنى استمرار مسار الحكمة و الهدوء و العقلانية، بالتوازي مع احترامنا لاختلافاتنا كشعب بالرأي. و عسى الله يفك عوقك و يجمعك بمن ضحيت بهم لأجل موقفك.

  • لله درك من رجل يا سعد العجمي اصبت كبد الحقيقة >>>>>>>>>>>> وجميع الشعب مع المشاركة والجواء العامة واضحة للاعمى والبصير

أضغط هنا لإضافة تعليق

اترك رداً على بوحمد إلغاء الرد