محليات

“التيار التقدمي” في ذكرى تأسيسه السادسة يدعو إلى إشهار الأحزاب والإفراج عن سجناء الرأي

في السابع من فبراير في كل عام يحتفل اليساريون والتقدميون الكويتيون بذكرى تأسيس التيار التقدمي الكويتي، متطلعين إلى المستقبل ومستذكرين مسيرتنا خلال الأعوام الماضية من تاريخ الحركة السياسية وتطوراتها في البلاد، لنجدد في هذه الذكرى التزامنا بمنطلقاتنا وخطنا السياسي.

لقد ولِدَ التيار التقدمي الكويتي في السابع من فبراير من العام 2011، أي قبل ست سنوات بالتحديد، تعبيراً عن الضرورة الموضوعية لوجود تيار سياسي يمثل الطبقة العاملة والفئات الشعبية متدنية الدخل من العمال وصغار الموظفين والمتقاعدين والكويتيين البدون والمهمشين ليدافع عن حقوقهم ويعبّر عن مصالحهم ويمثّل تطلعاتهم في العدالة الاجتماعية.

وها هي الذكرى السادسة تحلّ في ظل ظروف بالغة الدقة، حيث برزت إشارات لبعض الارتباك في النهج السياسي والاقتصادي للسلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي، ولكن على الأرض نجد أنّ نهج الانفراد بالسلطة لا يزال على ما هو عليه، وكذلك لم يحدث تغيير جدي على توجّه السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي للمساس بالمكتسبات الاجتماعية الشعبية وخفض بنود الإنفاق الاجتماعي الأساسية والدعوم، ومحاولات تصفية الدور الاقتصادي للدولة والقطاع العام والقطاع التعاوني، ما انعكس سلباً على حياة الجماهير الشعبية متدنية الدخول من العمال وصغار الموظفين والمتقاعدين ناهيك عن معاناة العمالة الوافدة والكويتيين البدون، هذا في الوقت الذي اتضح فيه بالملموس أكثر فأكثر عجز الإدارة الحكومية وعدم كفاءتها، بالإضافة إلى انحيازها لمصالح قلة مستأثرة بخيرات البلاد ومقدراتها على حساب مصالح الغالبية الساحقة من الناس، التي تعاني من مشكلات جدية تحتاج إلى حلول وتدني مستوى الخدمات العامة.

وإزاء ذلك كله كان موقف التيار التقدمي الكويتي ولا يزال واضحاً في انحيازه للحريات العامة وللمكتسبات الشعبية ورفضه للنهج الرأسمالي النيوليبرالي.
واليوم في الذكرى السادسة لتأسيس التيار التقدمي الكويتي، يهمنا مجدداً أن نشدد على مواصلة النضال التزاماً منا بمبادئ التقدم والديمقراطية العدالة الاجتماعية، وأن نؤكد عزمنا على مواصلة دورنا في خدمة الشعب الكويتي والذود عن مصالحه؛ والدفاع عن سيادة الكويت واستقلالها الوطني وتجنيبها الوقوع في دوامة العنف والإرهاب أو الانجرار إلى وحل الصراعات الطائفية المحمومة التي تعصف بالمنطقة، مع التزامنا العمل كذلك على تعزيز مَنَعة الكويت في وجه الضغوط الخارجية التي تتعرض لها مع ما يقتضيه الحال من قيام جبهة داخلية متماسكة على أسس المشاركة الشعبية والمواطنة الدستورية المتساوية في إطار الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية.

لقد سبق للتيار التقدمي الكويتي أن حدد موقفه للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد وذلك من خلال الإسراع في تحقيق انفراج سياسي في البلاد عبر إطلاق الحريات العامة للشعب وإلغاء القوانين المقيدة لها؛ وإطلاق سراح المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات، ووقف الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني، وإلغاء القرارات الجائرة بإسقاط الجنسية الكويتية وسحبها وفَقْدها من عدد من المواطنين لأسباب سياسية.

ونحن في التيار التقدمي الكويتي نتابع ما يجري طرحه هذه الأيام من اقتراحات بقوانين في مجلس الأمة وما يتم إعلانه من دعوات ومطالبات نيابية في هذا الشأن، ولكننا نرى أنّ هناك حالة من التفاؤل غير الواقعي الذي يقفز على حقيقة أنّ السلطة لا تزال بعيدة عن التجاوب الجدي مع هذه الدعوات والمطالب، بل أنها ستبذل جهدها لعرقلة إقرار أي اقتراحات بقوانين تتعارض مع نهجها السياسي غير الديمقراطي أو تعترض على توجهاتها الاقتصادية المنحازة لصالح قلة من كبار الرأسماليين، وبالتالي فإنه سيكون من الخطأ التعويل فقط على قدرة مجلس الأمة وحده بمعزل عن الدور المهم للرأي العام الشعبي الضاغط في تحقيق مطالب الانفراج السياسي ورفض السياسات الاقتصادية الحكومية غير العادلة اجتماعياً.

ومن جانب آخر فإننا في التيار التقدمي الكويتي ندرك جيداً ما تواجهه الحركة الشعبية من صعوبات وتحديات وما تعانيه من تشرذم وشلل وخلل، لذا ندعو القوى الحيّة في المجتمع الكويتي إلى إعادة النظر في أساليب العمل السياسي المتبعة للتصدي لذلك النهج ولإحداث ما يمكن تحقيقه من الإصلاح المأمول، بحيث لا تنحصر هذه الأساليب، مثلما كانت ولا تزال، في نطاق النظام الانتخابي المشوّه والآلية النيابية القاصرة، إذ حان الوقت للاتفاق على أجندة للمطالب الشعبية وللإصلاح الديموقراطي، تهدف بالأساس إلى إطلاق الحريات الديموقراطية، ورفض الانفراد بالسلطة، وقيام حياة حزبية سليمة على أسس ديموقراطية، ووجود نظام انتخابي عادل وديموقراطي قائم على التمثيل النسبي، وصولاً إلى الانتقال نحو النظام البرلماني الكامل، وذلك كله بالاستناد إلى عمل سياسي وشعبي دؤوب وطويل النَفَس.

وفي هذا المجال فإننا نرحب بالتطورات الإيجابية التي شهدتها الحركة النقابية العمالية، التي من شأنها تصحيح مسارها وتمكينها من القيام بدورها في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية.

وختاماً، لنجعل من الذكرى السادسة لتأسيس تيارنا مناسبة للتأكيد على عزمنا على مواجهة التعقيدات والصعوبات الراهنة، وأن أن نواصل طريقنا النضالي بثبات وتصميم دفاعاً عن المصالح الوطنية وذوداً عن حقوق الشعب وتلبية لمطالب الجماهير الشعبية والفئات المهمّشة في المجتمع والناس البسطاء الذين لا يجدون مَنْ يدافع عن مصالحهم وحقوقهم ويعبّر عن مطالبهم في الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية والمساواة، بالإضافة إلى مسؤوليتنا في المساهمة بإعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الكويتية المدنية.

ومعاً ويداً بيد لنناضل من أجل وطن كويتي حر وشعب سعيد.