محليات

مسلم البراك يتنفس الحرية: سيسجن التاريخ سجّاني

آلاف حضروا لاستقباله بساحة السجن المركزي وفي ديوانه يتقدمهم عدد من نواب الأمة

بوجود أكثر من 5000 مواطن في ساحة السجن المركزي، أفرجت وزارة الداخلية عن النائب السابق مسلم البراك، بعد سجنه على مدى عامين، بتهمة المساس بالذات الأميرية.

ورغم الحضور الأمني الكثيف لأجهزة الداخلية (قرابة 200 رجل أمن داخل السجن وخارجه)، فإن ذلك لم يمنع الحشود من التوجه نحو البراك وهو في مركبة وزارة الداخلية التي خصصت لإخراجه من السجن، مستقبلينه بالأهازيج والشيلات: “يا مسلم يا ضمير الشعب كله” و”الشعب يريد مسلم البراك”.

ورفض البراك تعليمات رجال الداخلية بالبقاء ساكناً داخل المركبة، ليخرج من نافذتها ويحيي جموع المواطنين الذين حضروا لاستقباله في ساحة السجن المركزي.

وفي أول كلمة له بعد الإفراج عنه، توعد البراك نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الحالي والداخلية السابق محمد الخالد، قائلاً: “إذا كان هروبك من الداخلية أعمى عينيك، فافتحهما الآن”، مرددا: “أكررها، سيسجن التاريخ سجاني”.

وأضاف: “اليوم سنبدأ من جديد وسنضع النقاط على الحروف بعد غد الاثنين”. وقال مخاطبا محمد الخالد: “وأقول لمحمد خالد حمد: قلت في المجلس السابق، اسألوا الشعب عن رأيهم في مسلم البراك، عندما كنت في السجن، والآن رد عليك الشعب بهذا الحضور”.

وتوعد البراك بأن الأيام المقبلة ستثبت ان الشعب مصدر السلطات، قائلا: “باسم الشعب وباسم الأمة، اليوم سنعاود النضال من جديد”.

وكانت وزارة الداخلية قد كثفت انتشار رجالها وأجهزتها ودورياتها في السجن المركزي والمناطق المحيطة به، تحسبا لأي خلل أمني قد يصاحب الإفراج عن مسلم البراك.

وشهد خروج البراك مسيرة حاشدة من السجن المركزي الى ديوانه في الأندلس، حيث اتجه الى هناك بمركبة وزارة الداخلية وتحت حراسة أمنية مشددة للحفاظ على سلامته، مما تسبب في ازدحام الطرق.

الشعب يريد مسلم البراك

ورددت جموع المواطنين التي استقبلت البراك عبارة “الشعب يريد مسلم البراك”، قبل خروجه، وذلك في ساحة السجن المركزي، الأمر الذي دعا رجال الداخلية إلى مطالبة الموجودين بالتزام الهدوء، لحين خروج البراك.

وقال شقيق مسلم البراك إن سبب تأخير الإفراج عن شقيقه مسلم هو وجود غرامات وتنفيذ مدني، بسبب قضايا سابقة، على خلفية دعاوي اعلامية، مما اضطرهم الى الإسراع في دفع الالتزامات المالية والغرامات المستحقة وتخليص الاجراءات عند الثالثة مساء، وأصبح البراك طليقا بعدها.

ومن ديوانه قال البراك أمام الحضور “من الأوسمة المميزة في حياتي، ليس أنني خرجت من المعتقل، بل أنني ألتقي بكم الآن”، مضيفا أن “قوة من السجن المركزي دخلت علينا ذات ليلة عنبر 3، لا أعلم اذا كانت تابعة لأمن الدولة ام للقوات الخاصة في 21 سبتمبر 2015، وعاثوا في العنبر فسادا، وقالوا: أنت في زنزانة وحدك، والشعب تخلى عنك، فقلت لهم، إن الشعب، بعد الله، عزوتي وحزام ظهري”.

وأضاف البراك “أشعر بقوة مشاعركم وصلابة موقفكم، وأعلم جيدا الألم والقمع والضغط الذي تعرضتم له، وكذلك القيود الامنية الظالمة بسبب مواقفكم المشرفة، فكانوا يأخذون أرقام السيارات، وأثر ذلك الأمر في تعيين بعضكم في الوظائف الإشرافية”.

وتابع: “ما هذه الدولة القمعية التي وصلنا اليها، التي ترفض تعيين المستحق بسبب حضوره ندوة تضامنية لمسلم البراك؟”، ثم أردف مخاطبا الجمهور: “بيض الله وجوهكم، وأنتم بعد الله أصحاب الموقف والمعروف والفضل، فأنتم حميتم ظهري، وأنا في عتمة السجن”.

وأكد “لا أقبل المساس بكرامتي، لأنها جزء من كرامتكم، وكانت تُنقَل إلي مواقفكم المشرفة وتغريدات المغردين بالكويت ودول الوطن العربي، فلكم كل الشكر والتقدير”.

يوم الوفاء

وقال ان “إطلاق يوم الوفاء على هذا اليوم ليس وفاءً لي، فما لمسته طوال وجودي بالمعتقل يجعله يوم الوفاء لكم، فصار في رقبتي دين لكم، فكما كانت المعنويات عالية والعزيمة مرتفعة، وكنت ألتحف برداء الكرامة والعزة، ولم أشعر بحالة الضعف إلا في حالة الحنين لأن أكون موجودا بينكم”.

وأكد: “كنت كما أرادني الله، لا كما أرادتني السلطة ضعيفا ومنكسرا، وحرصت على المجيء ببدلة السجن التي تساوي عندي آلاف البشوت”.

وأوضح قائلاً: “الكويت عزيزة، حتى لو دمرها السفهاء، وحتى لو سرقها اللصوص، وحتى لو تلاعب بها أطفال السياسة، وبلادي عزيزة وإن جار عليها الزمان”.

وتابع البراك: “دخلت السجن، بعد حرماني من المحاكمة العادلة، وحرماني من درجة من درجات التقاضي”، مضيفاً: “أعيد قناعتي التي أكدتها قبل دخولي المعتقل، فلن تنصلح الامور إلا من خلال المضامين التي رددتها في خطاب كفى عبثا، ومن اعتقد أن السجن سيكسر البراك فهو واهم، فقناعتي راسخة ومواقفي تعمقت وإيماني بالشعب لا حدود له، ولن أجعل الضعف والانكسار طريقا إلى قلبي يوما، والسلطة لم تضع أي اعتبار لقهر الرجال، وسعت لفرض منهج القمع وتكريس نظام المشيخة بديلا لدولة القانون”.

وقال: “لقد انفردوا بالقرار وسجنوا البراك وغيره، وسحبوا الجناسي، وما النتيجة؟ هل أصبحت الكويت أفضل؟ بالتأكيد لا، لأنهم تركوا المرتشين، فهم لا يريدونها دولة دستور، بل دولة مشيخة، وتم سحب الجناسي ظلماً، في اتجاه الانتقام من السياسيين، وصدرت القوانين المقيدة للحريات التي صدرت لمجلس المناديب، ويأتون لنسب ما يحدث الآن إلى أنفسهم، وهم كانوا جلادين للشعب”.

وأضاف: “الشعب أسقط 30 مندوبا في مجلس 2016، وهو الذي يستحق التحية، وأقولها بكل مرارة، هناك 11 عضوا حنثوا بوعدهم وقسمهم في انتخابات الرئاسة، لا نستطيع ان نجزم بأسمائهم، لكن مواقفهم المقبلة ستكشفهم، وأعلن رفضي القاطع لتحصين رئيس الوزراء أو أي وزير”.

الحكومة المنتخبة

وتابع: “لا أرى أي طريق إلا عبر الحكومة المنتخبة، لأنها خيارنا”، مخاطباً محمد الخالد: “منّتك بصبخة”.

وتحدث عن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم قائلا: “مهما وضعت من محاولات التجميل لمواقفك، فالكل يدرك الدور الذي قمت به لسحب الجناسي لمعاقبة الخصوم السياسيين، أنت ومحمد الخالد، وتعلم أن كل من كان موجودا بالسجن لم يسئ لصاحب السمو، وللأسف مسلسل التشكيك في الانتماء للكويت مستمر من قبلك وأطلقت على ثلث الشعب أنهم مزورون”.

وأشار إلى أن “كلام الغانم عن المزورين محاولة لخلط الأوراق ويعرض أحكاما سقطت بالتقادم ولا علاقة للقضاء الاداري بالتقادم وهذه أبجديات القانون”.

وقال البراك باكياً: “بقدر فرحتي بالالتقاء بكم، وبمواجهتكم بهذه المشاعر الفياضة كنت أتمنى وجود الصواغ بيننا”، مشيراً إلى أن “الصواغ لم يخن شعبه، ولم أجده إلا رجلا صلبا وواثقا ومؤمنا بربه وبحق الشعب”.

وأضاف: “الأمر الآخر فرحتي وفرحتكم بعودة الأخ العزيز سعد العجمي، وما أحد قدم تضحيات مثله، نتمنى أن أي كويتي لا يتعرض لما تعرض له سعد… عموماً عودته أنستنا مواقف كثيرة”، مستطرداً: “سحبت جنسية 57 فردا من أسرة البرغش، وأبوفهد مثل ما عهدناه هو والجبر”

سعد البراك: ظاهرة تاريخية

قال د. سعد البراك إن أجواء استقبال ضمير الأمة رائعة، بعد خروجه من السجن مكللا بثوب العزة والفخر وبمحبة الناس الكبيرة وفي لحظة خروجه من السجن كان هناك الآلاف في استقباله، وظاهرة تاريخية بالنسبة إلى سياسي من الطراز الأول.

«المنبر»: الإفراج عن سجناء الرأي

أكد الأمين العام للمنبر الديمقراطي بندر الخيران أهمية الانفراج السياسي في المرحلة المقبلة، حتى تتوفر أرضية مناسبة تتضافر فيها الجهود، بما يفسح المجال للعودة إلى طريق بناء الدولة الديمقراطية المدنية.

وقال الخيران، في تصريح صحافي، أمس، بمناسبة الإفراج عن النائب السابق مسلم البراك، “إننا نهنئ الشعب الكويتي وحركة العمل الشعبي وآل البراك الكرام بهذا الإفراج، متمنين أن يستمر بخروج جميع سجناء الرأي، وإسقاط بقية التهم عن العناصر النشيطة التي مارست حقها الدستوري في التعبير عن توجهاتها”.

وأشار إلى أن الكويت مرت بمرحلة صعبة من عدم الاستقرار السياسي نتيجة عوامل عدة، أهمها صراع الأقطاب الذي اتخذ أشكالا متنوعة تداخلت وتشابكت معها المصالح المختلفة والمتناقضة، كما ساهمت السلطة التنفيذية بإجراءاتها وأخطائها في تأجيج مثل هذا الوضع، ما زاد من حالة التخاصم السياسي، وانحراف الخطاب العام من مختلف الأطراف عما هو مأمول، وابتعاده عن المسار الإصلاحي الحقيقي.

وطالب الخيران بضرورة حماية المواطنة الدستورية من أي تعسف من قبل السلطة التنفيذية، حيث يبرز في هذا المقام أهمية أن يكون للسلطة القضائية رقابة على قرارات السلطة، خصوصا بما يتعلق بالجنسية وإسقاطها بقضايا التزوير، حتى يستطيع المتضرر اللجوء إليها، على أن تكون أحكامها الفيصل النهائي بها.

ماذا قال النواب في البراك؟

السبيعي: كان شامخاً

هنأ ‏النائب الحميدي السبيعي البراك قائلا: الحمد لله بسلامة وخروج ضمير الأمة الأخ العزيز ‫مسلم البراك وعودته لأهله ومحبيه، كما كان، شامخاً عزيزاً… يا مرحبا يا بوحمود.

هايف: دفع ضريبة مواقفه

من جانبه، قال النائب محمد هايف من ديوان ‫مسلم البراك: هذه ضريبة دفاع الإنسان عن مواقفه، مشيرا الى أن أهل الكويت فرحوا كثيرا بالإفراج عن البراك.

الطبطبائي: تحية للمناضل البراك

وجه النائب وليد الطبطبائي تحية من البرلمان العربي بمقر الجامعة العربية إلى المناضل ‫مسلم البراك بمناسبة خروجه، واليوم عادت الحرية الى الكويت.

الدمخي: صفحة جديدة

وقال ‏النائب عادل الدمخي: نتمنى طي صفحة وخلافات الماضي، وفتح صفحة جديدة بعد الإفراج عن البراك.

العتيبي: عنوان صادق للوطنية

أعرب النائب خالد العتيبي عن سعادته قائلا: هنيئا للكويت خروج من عاشت في وجدانه وعاش في ضميرها، هنيئا لكل محب للكويت وأهلها… مبروك يا ‫‫مسلم البراك، وستبقى عنوانا صادقا للوطنية.

الفضالة: نهنئ أسرة البراك

قال النائب يوسف الفضالة: أبارك وأهنئ الأخ ‫مسلم البراك على خروجه من السجن، ونهنئ أسرة البراك الكريمة في هذا اليوم، سائلين الله له التوفيق والسداد.

الدوسري: صدق المواقف

قال النائب ناصر الدوسري: نهنئ ‫مسلم البراك على محبة أهل الكويت له، وهذا دليل على صدق مواقفه.

السويط: استقر في وجدان الشعب

رحب النائب ‏ثامر السويط بالإفراج عن البراك قائلا: حمدا لله على سلامة ‫مسلم البراك الذي أثبت أن السجن وقيوده ومدته لن تنسينا من قدم حريته ثمنا لحب وطنه، فاستقر في وجدان الشعب.

البابطين: أخي الكبير

قال عبدالوهاب البابطين: الحمد لله على حرية أخي الكبير ‫مسلم البراك، ‏عرفته صلبا في المبدأ، نزيها في الموقف وعاشقا للوطن، في ضميره الأمة التي أحبها وأخلص لها ودافع عنها.

لقطات

إعلام عربي وأجنبي

لم تقتصر تغطية وقائع الإفراج عن البراك على وسائل الاعلام المحلي، ولكن حضرت وسائل اعلام عربية وأجنبية أبرزها قنوات العربية والجزيرة وسكاي نيوز وراديو سوا ورويترز.

ونشرت وزارة الداخلية، منذ صباح أمس، عددا كبيرا من دوريات المرور والأمن العام في الطرق المؤدية الى السجن المركزي والمنطقة المحيطة به، ولم تسمح لأحد بالدخول بالقرب من بوابة السجن المركزي، إلا بعد صلاة الجمعة، عند وصول كبار قيادات الداخلية.

صلاة العصر

أصر مسلم البراك بعد انتهاء كافة إجراءات إخلاء سبيله على اداء صلاة العصر مع السجناء، حيث سلم عليهم وودعهم الوداع الأخير.

برافو للداخلية

كان تعامل رجال وزارة الداخلية مع الحشود الكبيرة المنتظرة خارج محيط السجن لاستقبال مسلم البراك راقيا جدا، بعيدا عن اي تشنجات، وبأعلى درجات ضبط النفس، حيث حرصوا على سلامة الجميع.