آراؤهم

“العقل مع فارس”

الرجاء ارتداء نظارة ثلاثية الأبعاد لمشاهدة الأحداث بأبعاد متكامله و لتقرأ ما بين السطور .

و قرع جرس المدرسة ، إيذاناً ببدء أول حصّة دراسية لهذة السنة الأخيرة في مسيرتنا المدرسية ، ذهبت مبكراً إلى الفصل و إذا بي أرى أصدقائي الخمسة و أنا سادسهم ، فرحّبنا ببعضنا لبعض ترحيباً حاراً و عانقنا بعض بإشتياق ، فهذه هي السنة الأخيرة لنتخرج من المدرسة ، فكان عنواننا لهذه السّنة التعاون و الكفاح ، و عند نهاية الحصّة الثانية ، لمحت “فارس” وإذا به جالس في آخر الفصل ، فلم يأتي لمصافحتنا رغم أنه يسكن بالمنطقة الذي نسكن فيها نحن الستّة ! ، لكنني لم أعرفه من الوهلة الأولى فقد بدا شاحب الوجة و حاد التعابير فقد توفيّت أمّة و تديّن إلى حد التطرف.

لم يُعجب فارس أصدقائي الخمسة بتصرفاته الغريبة ، فطيلة اليوم الدراسي كان يرميهم بالشتائم و يقذفهم بطائراته الورقية المكتوب عليها ” أنا فارس .. أنا أكرهكم” !
وفي اليوم التالي ، اجتمعنا نحن السّتة لنتشاور بأمر فارس و انتهى اجتماعنا على أن نعادي فارس و نعامله بالمثل ، فأربعةٌ منّا قالوا :” لا يفّل الحديد إلا الحديد و سنرّد عليه بالمثل” ، و الخامس التزم الصمت ، و أنا أشاهدهم و أفكّر ملّياً بحل يخرجنا من هذة الأزمه.
وفي بداية الحصّة الأولى من اليوم التالي ، بدأت المناوشات بيننا و بين فارس ، وتشاجرنا مشاجرة عنيفة إلى أن تدخلوا الأساتذة لفّض الشّجار ، و مرّ أسبوعاً كاملاً على هذه المناوشات و المعارك في الفصل إلى درجة كان فارس يستغل نفوذه و ينسّق مع جماعته لإيذاء الأصدقاء في بيوتهم.
مرّت الشهور على هذا الحال المزري الذي أنهكنا و الذي لم نحل به معضلة فارس بعد ، ولم يستقر الفصل الدراسي ، فكان الفصل أشبه بساحة حرب عسكرية ، فطلبت اجتماعاً طارئاً مع أصدقائي الخمسة بحثاً عن حل في سبيل استقرار الفصل ، وقلت لهم كلآتي : ” أعزائي و أصدقائي الخمسة ، إن ما يحدث في هذا الفصل طيلة العام الدراسي أمر مزري و قد انهكنا جميعاً ، و ليس من مصلحتنا هذا الشّد و الجذب مع فارس ” ، و فجأةً .. قاطعني أحدهم قائلاً : ” فارس لا يريد لنا إلا الشّر ” ، فقلت له : ” ربما يكون كلامك صحيحاً و لكن لقد رأينا طيلة هذا العام الدراسي من مناوشات لم يؤثر علينا إلا بالسّلب جميعاً ، نعم فارس ليس هو فارس الصديق القديم المتسامح ، ولكن يظل فارس طالباً معنا في الفصل و جاراً لنا في المنطقة التي نقطنها ، فإستراتيجيتنا السابقة معه لم تفيد بل العكس تماماً فقد زادت الكراهية و عدم الاستقرار حتى في المدرسة بأكملها فضلاً عن إرسال عصاباته في بيوتكم و ايذائكم ، فكلما نشّد الحبل معه لا يأبى إلا ان يشدّ الحبل و بقوة أيضاً، فإذا انقطع هذا الحبل فسنسقط جميعاً ، فلنتحاور معه ليس حباً فيه ، بل استقراراً للفصل و للمدرسة بأكملها ، فنحن شعارنا التحاور و السّلم وليس التسلّح و الحرب ، لنكون عاقلين مع هذا الطالب المزعج و لنتحاور معه و لنفهم ماهيته ، ابتغاءً لإستقرار هذا الفصل و لنكمل بقية العام الدراسي بالنجاح و السّلام ” .

و انتهى هذا المقال بإمضاء فارس و الأصدقاء السّتة مع التحيّة.