عربي وعالمي

سيناريو عزل #ترامب.. ما التداعيات أمريكياً وعالميا؟

منذ تولي الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” لمقاليد الحكم في بلاده، تظهر بين الحين والآخر أنباء حول احتمالات عزله من منصبه، ومع اعترافات مدير حملة “ترامب” تبدو الأمور “أكثر جدية” وفقًا لـ”تايم” التي ترى أن حصول الديمقراطيين على أغلبية الكونجرس في أعقاب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل–كما تتوقع استطلاعات الرأي- سيعني إمكانية تحول التهديدات إلى حقيقة على أرض الواقع.

وعلى الرغم من تحذير “ترامب” نفسه من تأثيرات عزله السلبية على الاقتصاد وتحديدًا على سوق المال والوظائف الأمريكية إلا أن الأمر يستدعي دراسة لتأثير عزل الرئيس الأمريكي –إن حدث- على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

نائب الرئيس

وسيكون “مايك بنس” نائب الرئيس الأمريكي غير المعروف على نطاق واسع بسبب دوره “المتواضع” في إدارة “ترامب” المسؤول عن إدارة البلاد، بما يستدعي التوقف عند اتجاهاته الاقتصادية، ويمكن القول إنه لا يختلف كثيرًا عن الرئيس الأمريكي.

فأثناء عمله حاكماً لولاية “أنديانا” (2012-2016) رفض أكثر من مرة رفع الحد الأدنى للأجور عن الحد الأدنى الفيدرالي كما اقترح برلمان الولاية، معتبرًا أن في ذلك “إفسادا” لسوق العمل، وهو نفس ما فعله “ترامب” حاليًا برفض رفع الحد الأدنى للأجور رغم اقتراب الاقتصاد الأمريكي من حالة التشغيل الكامل، بما يعنيه ذلك من أزمة في سوق العمل، كما صوت “بنس” ضد رفع الحد الأدنى للأجور فيدراليًا إبان تمثيله لـ”أنديانا” في مجلس النواب.

أما في مجال الإصلاحات الضريبية فـ”بنس” من مؤيدي خفض الضرائب على الطبقات الأغنى، بدعوى تنشيط الاستثمار بسبب زيادة الوفورات لديهم، ودعم كافة المشاريع الفيدرالية في هذا المجال، كما خفض الضرائب المحلية بنسبة 5% في الولاية وألغى ضريبة التركات واعتبرها “غير ملائمة”.

ورفض “بنس” إبان وجوده في مجلس النواب حزم المساعدات الحكومية لشركات السيارات وللشركات المالية، بل وانتقد إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما” لإقرارها تلك الحزم، ويتشابه في ذلك أيضًا مع رئيسه.

تأثير ضئيل وتدريجي

ويرى “جيسون ترينت” رئيس مجموعة “استراتيجيس” للدراسات في تصريحات لشبكة “سي.إن.بي.سي” أنه لا يوجد ما يدعم وجود اختلافات حقيقية في السياسات الاقتصادية والمالية بين الرئيس “ترامب” ونائبه، بما يؤشر إلى بقاء الأوضاع على ما هي عليه حال عزل ترامب.

ولا شك أن تأثيرًا سيحدث على الأسواق المالية حال عزل “ترامب” أو استقالته كما أكدت “سي.إن.إن”، لكنه لن يكون كارثيًا كما حذر الأخير، واستدلت على ذلك بعدم تأثر الأسواق المالية “الحساسة” مثل مؤشر الشركات التكنولوجية باعترافات مدير حملة “ترامب” بما يعكس تأثرًا قصير المدى وليس طويلا.

وفي أعقاب عزل “ترامب” –إن حدث- لن يتعدى التأثير على الأسواق الأمريكية بضعة أيام أو حتى أسبوعين في أقصى تقدير، حسب “سي.إن.إن”، حيث تعتبر مؤشرات الاقتصاد الإيجابية الحالية أقوى من أي تأثير سياسي، لا سيما في ظل التأكيدات حول تشابه نائب الرئيس مع الرئيس فيما يتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية الرئيسية.

كما تعتبر عملية “عزل الرئيس” في الولايات المتحدة عملية معقدة وتستغرق وقتًا طويلًا، بما يؤشر لأن التأثيرات التي ستظهر في أعقاب إبعاد “ترامب” من منصبه ستبدأ بالظهور مع دلالات أكثر جدية على ذلك، كما تقول “نيويورك بوست”، لذا فستكون التأثيرات تدريجية وليس مفاجئة بما سيجعل الأسواق أكثر هدوءًا من المرحلة التي ستسبق عزله.

التأثير الدولي

ويمكن أن تستمد الخبرة التاريخية في المرحلة اللاحقة على عزل “ترامب” مما سبق، ففي حالة الرئيس “نيكسون” تأثرت الأسواق بفعل الأزمة الاقتصادية الطارئة نتيجة لرفع أسعار النفط أكثر مما تأثرت بسبب استقالته، وبعد اغتيال “كيندي” المفاجئ لم يتعد التأثير بضعة أسابيع أيضًا قبل العودة للاستقرار، أما في حالة الرئيس “كلينتون” الذي أوشك على الاستقالة ففاق تأثير الاقتصاد المنتعش الإيجابي تأثيرات فضائح الرئيس الأمريكي الأسبق والتهديدات لمنصبه فبقي الاقتصاد مستقرًا حتى في عنفوان الأزمة.

ووفقًا لتقرير لـ”ستراسفور” فسوف تستقبل الأسواق الدولية عزل “ترامب” بالكثير من الارتياح، لما في ذلك من تقليل من حالة “عدم اليقين” التي فرضها الرئيس الأمريكي على الاقتصاد العالمي في ظل تخوفات من حروب تجارية وتنام لسياسات حمائية وصراعات تجارية واقتصادية قائمة وأخرى محتملة مع الصين والاتحاد الأوروبي وكندا.

ويشير التقرير إلى أنه من غير المرجح استمرار خليفة “ترامب” على نهجه في حروبه التجارية لأكثر من سبب لعل أهمها لتلافي الظهور كاستمرار لرئيس تم عزله، على الأقل في الجوانب السلبية له، فضلًا عن احتياج الولايات المتحدة لفترة من الهدوء على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية بما سيجعل الاستمرار في المواجهات الاقتصادية أمرًا غير مرحب به.