محليات

الخارجية الأميركية: الكويت لا تستوفي المعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر

أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، من خلال مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر، تقريرها السنوي عن الاتجار بالبشر، والذي أشاد بالجهود التي قامت بها الحكومة بشكل عام خلال العام الماضي لمكافحة هذه الآفة، بيد أن التقرير أشار الى أن الكويت لا تستوفي المعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر بشكل كامل، وإن كانت تبذل جهود كبيرة للقيام بذلك. كما أدرج التقرير توصيات لمساعدة الكويت على الامتثال الكامل للمعايير الدولية الدنيا في هذا الصدد، والتي تشمل إصلاحات جدية لنظام التوظيف القائم على الكفيل، وزيادة جهود انفاذ القانون للتحقيق مع المتاجرين بالبشر وملاحقتهم ومقاضاتهم وادانتهم بما في ذلك المواطنون الكويتيون والمسؤولون المتواطئون.

وقالت وزارة الخارجية التي تحتفي بمرور 20 عاماً على اصدار أول تقرير لها خاص بالاتجار بالبشر، إن حكومة الكويت تبذل جهداً متزايداً بشكل عام مقارنة بالفترة المشمولة بالتقرير السابق، وهو ما أبقاها عند مستوى 2، من خلال تكليف وحدتها المتخصصة في الاتجار بالبشر للشروع في المزيد من التحقيقات الجنائية في جرائم الاتجار المحتملة والمزيد من المحاكمات والإدانات بموجب قانون مكافحة الاتجار بالبشر، الذي شمل اثنين من المسؤولين الكويتيين السابقين، وأحالت المزيد من ضحايا الاتجار المحتملين إلى خدمات الحماية، واجتمعت لجنة مكافحة الاتجار بها للمرة الأولى، وأحالت إلى المحاكم مئات القضايا المحتملة التي تنتهك قوانين العمل المحلية وإغلاق أو إلغاء التراخيص للشركات المتورطة في المخالفات التي سهلت الاتجار بالبشر والجرائم المتعلقة بها.

وأشارت إلى أن بعض المسؤولين استخدموا التحكيم والعقوبات الإدارية الروتينية لحل التظلمات المرفوعة من العمالة المنزلية وغيرها من العمالة الوافدة بدلاً من التحقيق فيها على أنها جرائم اتجار بالبشر، كما أن طول مدة التقاضي وعمليات الاستئناف اللاحقة دفعت بمعظم الضحايا إلى العزوف عن رفع دعاوى قضائية.

وأضاف التقرير أن الحكومة لم تستخدم بشكل منتظم إجراءات أساسية موحدة لتحديد الضحايا بشكل استباقي واستمرت في احتجاز ومقاضاة وترحيل ضحايا الاتجار بالبشر، بمن فيهم الفارون من العمل القسري.

توصيات

عرض التقرير التوصيات ذات الأولوية لمساعدة الكويت على الامتثال الكامل للمعايير الدولية الدنيا في مجال مكافحة الاتجار بالبشر:

1- الاستمرار في زيادة جهود إنفاذ القانون للتحقيق مع المتورطين في تجارة البشر وملاحقتهم وإدانتهم، بمن فيهم المواطنون الكويتيون والمسؤولون الذين يزعم تواطئهم بالجريمة، بموجب قانون مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2013 بدلا من معالجة حالات العمل القسري المحتملة على أنها انتهاكات إدارية.

2- الاستدلال الاستباقي على مؤشرات الاتجار بين السكان المستضعفين من خلال القيام بجولات على العمالة وخلال فترات العفو لضمان عدم معاقبة الضحايا أو ترحيلهم بشكل غير منصف بسبب الأفعال غير القانونية التي أجبرهم التجار على ارتكابها.

3- إجراء إصلاحات على نظام التوظيف القائم على الكفالة، من خلال السماح لجميع العمال بتغيير أصحاب العمل دون وجوب موافقة أصحاب العمل ووقف مقاضاة العمال الذين يفرون من عملهم، وضمان عدم نقل رسوم التوظيف إلى العمال.

4- زيادة التحقيقات ومعاقبة أصحاب العمل الذين يصادرون جوازات سفر العمالة الوافدة بشكل غير قانوني بما يتماشى مع قانون العمل في الكويت، وتعزيز الجهود لمعاقبة جرائم العمل القسري المحتملة جنائيا بدلاً من إدارياً.

5- تنظيم دورات تدريبية لجميع المسؤولين المعنيين بشأن الآليات المتعلقة بتحديد واستشارة خدمات الحماية بشكل استباقي لجميع ضحايا الاتجار بالبشر واستخدام هذه الإجراءات بشكل روتيني.

6- الاستمرار في تعزيز إنفاذ قانون العمل المنزلي لضمان حماية حقوق العمالة المنزلية.

7- البدء في بناء أو تخصيص مرفق قائم كمأوى لاستيعاب الضحايا الذكور.

8- الاستمرار في عقد اجتماعات اللجنة الحكومية الرسمية وتعزيز تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.

9- توسيع نطاق الجهود لزيادة الوعي بمكافحة الاتجار بالبشر، لا سيما بين المستضعفين، بمن فيهم العمالة الوافدة.

الملاحقة القضائية

وذكر التقرير أن الحكومة عززت من جهود إنفاذ القانون، إذ يجرم قانون مكافحة الاتجار لعام 2013 الاتجار بالجنس والعمالة وتفرض عقوبات تصل إلى السجن لمدة 15 عاما على الجرائم التي يكون ضحاياها من الذكور البالغين والسجن مدى الحياة للمدانين بجرائم تشمل ضحايا من الإناث أو الأطفال، وهي عقوبات صارمة بما فيه الكفاية، وفيما يتعلق بالاتجار بالجنس، تتناسب العقوبات مع تلك المنصوص عليها في الجرائم الخطيرة الأخرى، مثل الاغتصاب.

وأشار إلى أن وحدة مختصة بمكافحة الاتجار بالبشر التابعة للحكومة حققت في 51 حالة اتجار محتملة خلال السنة المشمولة بالتقرير، مقارنة بـ 50 و60 في الفترتين السابقتين، واكتشفت مثل هذه الحالات من خلال معلومات حصلت عليها من السفارات الأجنبية والمجتمع المدني والخطوط الساخنة والمأوى الذي تديره الحكومة ، وإدارة التحقيق في شؤون الإقامة التابعة لوزارة الداخلية وإدارة تشغيل العمالة المنزلية بالهيئة العامة للقوى العاملة.

وقال التقرير إن «السلطات في الكويت لا تقوم بتصنيف انتهاكات العمل أو التحقيق فيها على أنها اتجار محتمل بالبشر، وعادة ما تعامل مثل هذه الحالات على أنها مخالفات إدارية، ومع ذلك هناك تحول مؤسسي طفيف ولكن ملحوظ عن هذه الممارسة».

وأضاف: «التحكيم هو الأسلوب الشائع لحل القضايا العمالية والذي يؤدي إلى تعويض نقدي وسداد الرواتب المتأخرة للضحايا والغرامات الإدارية، وإغلاق شركات التوظيف، إذا لم يتم الاتفاق على تسوية، يحيل المسؤولون القضية إلى محاكم العمل، أما إذا كانت الشكوى تتعلق بانتهاك جسيم، مثل الاعتداء أو إساءة معاملة عاملات المنازل، فقد نقلت السلطات القضية مباشرة إلى مكتب المدعي العام».

وتابع: «على الرغم من أن حجز جوازات سفر العمال محظور بموجب القانون الكويتي، إلا أن هذه الممارسة ظلت شائعة بين الكفلاء وأصحاب العمل، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وتلقت الهيئة العامة للقوي العاملة 2804 شكاوى عن جوازات سفر مصادرة، لم تبلغ الحكومة عن عدد أرباب العمل الذين أمرتهم الهيئة بإرجاع وثائق سفر الموظفين».

الحماية

وكشف التقرير أن الحكومة عززت الجهود الشاملة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، اذ وفرت في عام 2019، المأوى لما مجموعه 2183 عاملة منزلية، ارتفاعا من 1600 عاملة منزلية كانت تتقدم لها في العام السابق، وتمكنت من استعادة 21000 دينار كويتي كأجور غير مدفوعة لهذه الفئة الضعيفة.

وقال إن معظم الذين دخلوا إلى الملجأ فروا من ظروف العمل السيئة بما في ذلك ساعات العمل المفرطة وتأخر دفع الأجور أو الرغبة في العودة إلى بلدانهم الأصلية، وخلال الفترة المشمولة بالتقرير أعادت الحكومة 1973 عاملة منزلية إلى بلدانهن الأصلية.

وأشار التقرير الى أن نزلاء المأوي يحصلون على هواتف محمولة ويملكون حرية الحركة للمغادرة في نزهات منتظمة تحت إشراف مراقبين، ولفت إلى أنه في فبراير 2020 تبنت إدارة المأوى نظام المناوبة حيث كان المشرفون والطاقم الطبي والمحققون يعملون على مدى 24 ساعة في اليوم -خلال الفترة المشمولة بالتقرير-، وتم تخصيص 5000 متر مربع من الأرض لبناء مأوى جديد لضحايا الاتجار بالبشر من النساء العاملات.

وذكر التقرير أنه على الرغم من المخصصات الحكومية والموافقة على الميزانية والوعود المتكررة ببناء مأوى للرجال، لم تبدأ الكويت بعد في بناء مثل هذا المأوى -خلال الفترة المشمولة بالتقرير الحالي-.

وبين أن الحكومة خصصت ميزانية سنوية قدرها مليونا دينار كويتي لعمليات إيواء عاملات المنازل وبرامج حماية ضحايا الاتجار.

الخوف من العقوبات

وأفاد التقرير الى أن الخوف من العقوبات إلى جانب إجراءات التقاضي الطويلة والرسوم القانونية الباهظة جداً، تجعل العمال يعزفون عن اللجوء إلى الشرطة أو غيرها من السلطات الأخرى طلبًا للحماية والتعويض القانوني المناسب لاستغلالهم.

وأضاف «كان من المألوف تقديم الكفلاء شكاوى مضادة ضد موظفيهم، بما في ذلك ضحايا الاتجار الذين أبلغوا عن الانتهاكات، وأدى ذلك في بعض الأحيان إلى الترحيل أو الاحتجاز الإداري للموظفين والضحايا».

وتابع التقرير القول إلى أنه «داخل المجتمعات العمالية، يسود خوف دائم من أن يؤدي اللجوء الى السلطات إلى الترحيل أو السجن أو العودة إلى صاحب العمل المعني»، مضيفاً أن الحكومة أفادت بأن المدعين العامين كانوا ينظرون طواعية في القضايا نيابة عن الضحايا باستخدام أقوالهم الشفوية والمكتوبة، إلا أن الافتقار لقوانين الخصوصية لحماية الضحايا من الانتقام المحتمل كان يعيق توفير الرعاية الكافية للضحايا طوال مدة الإجراءات القانونية.

استغلال العمالة

وقال التتقرير أيضاً إن الحكومة واصلت جهودها لمنع الاتجار بالبشر، على الرغم من أنها لم تتخذ أي خطوات جديدة لإصلاح نظام الكفالة الإشكالي.

وأكمل «وكما ورد على مدى السنوات الخمس الماضية، يستغل تجار البشر الضحايا الأجانب في الكويت، اذ يسافر الرجال والنساء من جنوب وجنوب شرق آسيا ومصر والشرق الأوسط للعمل في الغالب في قطاعات الخدمة المنزلية والبناء والضيافة والصرف الصحي، وتصل الغالبية العظمى طواعية».

وقال التقرير إن العمال غير المهرة والعاملات المنزليات هم الأكثر عرضة للعمل القسري، حيث انهن غالبا ما يحصلن على مساعدة محدودة بسبب غياب التمثيل الدبلوماسي لبلادهن في الكويت.

وأشار تقرير الخارجية الأميركية إلى أنه رغم الظروف الصعبة التي يعاني منها الكثير من البلدان، الا أن العديد من البلدان المرسلة للعمالة، تحظر على مواطنيها من الإناث العمل في الخدمة المنزلية في الكويت، رغم ذلك لا يزال العديد من العمال يتحدون الحظر عن طريق المرور عبر دول ثالثة قبل الوصول إلى الكويت.

ولفت التقرير إلى أن عند الوصول يخضع بعض الكفلاء العمالة الوافدة للعمل القسري، وبدرجة أقل بكثير للاتجار بالجنس، من خلال ما يلي: عدم دفع الأجور وساعات العمل المطولة المخالفة للعقود المتفق عليها والحرمان من الطعام والسكن دون المستوى المطلوب والتهديد أو المضايقة، والاعتداء البدني أو الجنسي والقيود المفروضة على الحركة، مثل الحجز في مكان العمل ومصادرة جواز السفر.

حجز جواز السفر

يقول التقرير «على الرغم من عدم قانونيته، إلا ان حجز جواز السفر من قبل أصحاب العمل اجراء سائد في كل مكان في الكويت، وعلاوة على ذلك، يدفع العديد من العمال الوافدين رسوما باهظة لوكلاء الاستقدام في بلدانهم الأصلية أو يكرهون على دفع رسوم العمل في الكويت والتي وفقا للقانون الكويتي يجب أن يدفعها صاحب العمل، مما يجعل العمال عرضة للعمل القسري وتحمل أعباء ديون كبيرة».

وأضاف التقرير الى أن تجارة الإقامات لا تزال مظهراً شائعاً في الكويت، وتوسعت أسواق تجارة التأشيرات غير المشروعة بشكل متزايد في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

وأردف: «في بعض الحالات، لا يزود المسؤولون العمال بنسخ من عقودهم، أو أن العقود لا تكتب بلغة يمكنهم قراءتها، وتسهل بعض الشركات التي توظف عمالة غير قانونية الاتجار بالبشر من خلال استخدام تقنيات خادعة لجلب العمال على أساس عقود غير قابلة للتطبيق وتأشيرات احتيالية ووظائف غير موجودة».

وأشار التقرير إلى مزاعم مفادها أن بعض المسؤولين يأخذون الرشاوى أو يبيعون تصاريح العمل بشكل صريح لشركات التوظيف غير القانونية أو مباشرة للعمال.

قانون الكفيل

وذهب التقرير إلى قانون الكفالة الكويتي الذي يربط الإقامة القانونية للعامل وصلاحيتها بصاحب العمل، واصفاً إياه بأنه يقيد حركة العمال ويعاقبهم على مغادرة أماكن العمل التي يتعرضون فيها للاساءة، مشيراً إلى أن عاملات المنازل معرضات بشكل خاص للعمل القسري داخل المنازل الخاصة، لافتاً إلى أن العديد من العمال أفادوا بأنهم يعانون من ظروف عمل تختلف اختلافاً جوهرياً عن تلك الموضحة في العقد.

ويضيف: «تشير المصادر إلى أن عاملات المنازل الهاربات يتعرضن أحيانا للاستغلال في الاتجار بالجنس من قبل الوكلاء أو المجرمين، الذين يتلاعبون ويستغلون وضعهن غير القانوني، ولا يزال استخدام التأشيرات التي تم الحصول عليها عن طريق الاحتيال وتصاريح العمل المزيفة شائعا».

وأفاد التقرير أن الفترة المشمولة بالتقرير شهدت ارتفاعاً في الاعتصامات والاحتجاجات من قبل الموظفين الذين تم التعاقد معهم من الباطن للعمل في الوزارات أو الشركات الكويتية، حيث زعم هؤلاء الموظفون أنه تم حجب أجورهم لمدة تصل إلى عدة أشهر من قبل المقاولين، وتجَاهَل المسؤولون المعنيون وممثلو الشركة شكواهم.

المصدر : القبس