كتاب سبر

ليتل بوي

قد يكون الإرهاب بفرد، وقد يكون بجماعة، وقد يكون بدولة ترعاه ويكون بدول مجتمعة.
وليس للإرهاب جنسية ولادين، لكن الظلم والإعلام الكاذب، والممارسات الجاهلة، جعلت له جنسية عربية، وديناً هو الإسلام!!
إن الإسلام وجميع الأديان، بل والإنسانية جميعاً، ترفض قتل البريء، وترويع الآمن، وتخريب الممتلكات، فكيف اختُص الإسلام بذلك، وكتاب الإسلام يقول: “أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً”،
كيف يكون قتل البريء، والإفساد في الأرض بهذه الشناعة في كتاب الإسلام، ثم يبيحه الإسلام.؟!
وكيف يجازى ما يزيد على المليار من المسلمين يدينون بهذا الكتاب بجريرة أفراد دفع الظلم بعضهم إلى مافعل، واستُعمل بعضهم لفعل ما فعل، وجهل بعضهم بحقيقة جريمة مايفعل.؟!
إنه الظلم ياسادة، وليس للارهاب من الدين من نصيب.
إنه الشعور بالرغبة بالانتقام لظلم واقع، ومجازاة الصنيع بالصنيع، فسأل إن شئت بعضاً من تاريخ أصحاب إنسانية اليوم، من أصحاب الدين الواحد!!
واسألهم عن تقارير قتلاهم من المدنيين الأبرياء في الحرب العالمية الثانية!!
إسأل عن ذلك فيما فعل اللفتواف الألماني حين أقسم هيرمان غورنغ الكاثوليكي على تركيع بريطانيا، راعية النصرانية، يوم كانت عاصمتها تنام كل ليلة تحت قصف قاذفات”شتوكا”الألمانية بصياحها المرعب، لا تجد ما يقيها إلا أنفاق القطارات لتخرج كل صباح تتفقد قتلاها ومفقوديها وتبحث عن منازلها بعد أن ساوتها القاذفات الألمانية مع الأرض.!!
ثم جاءت المجازاة بالصنيع على الصنيع، يوم أحرقت درسدن وما أدراك ما”محرقة درسدن”؟!
يوم انقضت في الثالث عشر من شباط1945 أي قبل استسلام ألمانيا بأقل من شهرين،أكثر من700قاذفة إنجليزية،و500قاذفة أمريكية،ملقيةً2500طن من المتفجرات،و1500طن من القنابل الحارقة على القلب التاريخي لمدينة درسدن.
كان كل شئ صُمم لكي تكون الإبادة كاملة،فاستهدفت فرق الإنقاذ والإغاثة،وقطعت طرق الهروب…لقد وصلت الحرارة في قلب المدينة إلى1500درجة،”لقد ذاب الكبار فاصبحوا بحجم أطفال صغار” كما يروي أحد الناجين القلة.
روى أحد الطيارين يقول: “لقد استطعت ‏أن أنشئ تقريري على أضواء النيران التي كانت تملأ حجرة القيادة في طائرتي”
لم يُعرف بعد العدد الحقيقي للضحايا،فالتقديرات تختلف مابين25ألف،و135ألف ويرجع ذلك إلى ذوبان الجثث…وعندما سئل الجنرال الإنجليزي آرثر هاريس،قائد طيران الحلفاء،الملقب بالسفاح عما يمكن أن يحققه هذا القصف،أجاب بأنه”يقصر أمد الحرب”،ثم أردف قائلاً:”إن كل مابقي من مدن ألمانيا لايساوي عظم جندي إنجليزي واحد”.
وقل مثل ذلك عن هامبورغ وميونخ وبرلين ودورتموند وغيرها،”ممالايساوي من المدن الألمانية عظم إنجليزي واحد”!!
وسأل عن”ليتل بوي”كيف فعل بهيروشيما!!
لقد كان ترومان مستلقياً يتشمس على المصطبة الخلفية للطراد”أوغستا”،يستمع إلى موسيقى السفينة عندما جاء التقرير عن انفجار هيروشيما يقول:”النتائج جلية في غاية النجاح،فاقت كل تجربة سابقة”،فهب يصيح في غبطة بالغة يقول:”أيها الأولاد لقد رميناهم ببلاطة تساوي قوة 20000 طن من الديناميت”..فانفجر البحارة هاتفين ومهللين.!!
فهل أصيبت الإنسانية بذاكرتها؟!
إن العشرات من العرب والمسلمين السنة يُقتلون كل يومٍ،وتهدم بيوتهم على أطفالهم،ولانسمع لإنسانية اليوم صوتاً،ولو سمعنا فهو أقرب إلى همهمة لانفهم معناها يعبر بها بان كي مون في كل مرة عن قلقه.
إن قتل البرئ،أو ترويع الآمن،وتدمير الممتلكات،بالتفجير،وهو مما نرفضه قطعاً،لايختلف عن قتل البرئ،وترويع الآمن وإتلاف الممتلكات بالبراميل المتفجرة،والقنابل الفراغية والفوسفورية،ولئن كان التفجير يحصد الأبرياء بالعشرات كل عام مرة أو مرتين،فإن الصواريخ والبراميل المتفجرة تقتل بالعشرات كل يوم من العام،لكن إنسانية اليوم لاتسمع إلا التفجير،ولاتبصر إلا مرة في العام أو مرتين!!
وبعد..فإن إنسانية اليوم،لابد أن تعلم أن الظلم ظالم،وإن جنسية ودين الإرهاب،هي جنسية ودين الظالم،وإن الإرهاب ثمر لشجر الطغيان،ولابد لزارع الشجر أن يجني ثمره.
كتبه.. حمد السنان