عربي وعالمي

23 توصية حقوقية للسلطات المصرية لوقف “حياة القبور” بسجن العقرب

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن هناك “انتهاكات” تمارسها قوات الأمن المصرية داخل سجن العقرب، جنوبي القاهرة، موجهة 23 توصية لـ 3 مؤسسات مصرية بينها الرئاسة لوقف هذه “الانتهاكات” بالسجن الذي يقبع به قيادات إسلامية ومسؤولين سابقين بعهد محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا.

جاء ذلك في تقرير للمنظمة الدولية (مقرها نيويورك)، اليوم الأربعاء، في 58 صفحة بعنوان “حياة القبور: انتهاكات سجن العقرب في مصر”، ويستند إلى 23 مقابلة مع أقارب سجناء ومحامين وسجين سابق، لـ”توثيق الظروف المتسببة في الانتهاكات بسجن العقرب”.

وأوضحت رايتس ووتش، أن التقرير يوثق “حظر سلطات السجن (العقرب) على النزلاء التواصل مع عائلاتهم أو محاميهم لشهور، وتحتجزهم في أوضاع تنتهك الكرامة، دون أسرّة أو أفرشة أو مواد النظافة الشخصية الأساسية، ويتعرضون للإهانة والضرب والسجن لأسابيع في زنازين التأديب المزدحمة، وهي معاملة يُرجح أنها ترقى لمصاف التعذيب في بعض الحالات، مع عرقلة الرعاية الطبية للنزلاء بشكل ربما أسهم في وفاة بعضهم (في عام 2015) أدى الافتقار شبه الكامل للرقابة المستقلة على سجن العقرب إلى زيادة هذه الانتهاكات، وأسهم في الإفلات من العقاب”.

وحول السجن، أضافت المنظمة: “يعتقد أهالي المعتقلين أن زنازين العقرب البالغ عددها 320 زنزانة، في بلوكات في شكل الحرف H، تضم حاليا نحو 1000 معتقل، بينهم أغلب أعضاء القيادة العليا للإخوان المسلمين، المسجونين جنبًا إلى جنب مع أشخاص يُدعى أنهم من أعضاء داعش”.

كما “يجرى احتجاز أشخاص ليسوا أعضاءً في أية حركة إسلامية في سجن العقرب، ومنهم الصحفي هشام جعفر والطبيب الناشط أحمد سعيد”، حسب التقرير.

وحول أبرز حالات الوفاة بسجن العقرب، قالت المنظمة إن “فريد إسماعيل، البرلماني السابق من “حزب الحرية والعدالة المنحل” التابع للإخوان المسلمين، مات في مايو/أيار 2015 بعد أسبوع تقريبا من الدخول في غيبوبة بسبب مرض كبدي، داخل زنزانته في العقرب، نُقل على إثرها إلى مستشفى خارجي”.

ونقلت المنظمة عن عائشة نجلة خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، وهو محتجز في سجن العقرب، قولها إنه “قبيل وفاة إسماعيل، لم تسمح السلطات للنزلاء بالخروج من زنازينهم، فتدبر والدها وآخرون نظاما للاطمئنان على صحة بعضهم البعض، إذ كانوا يطرقون على أبواب الزنازين ويصيحون للتواصل”.

وأضافت عائشة: “يوم وفاة إسماعيل لم يكن يرد، فافترضوا أنه نائم أو لم يسمع، وفي الليل عندما طلبوا من الحراس الاطمئنان عليه، قال لهم الحراس: ليس شأنكم”، حسب التقرير.

وتابعت: “في اليوم التالي عندما لم يرد إسماعيل، أحدثوا جلبة وجاء الحراس أخيرا وأخرجوا إسماعيل – الذي كان فاقدا للوعي – من زنزانته”، قبل أن تستدرك: “إلا أنه بعد ذلك أصبح الصياح من داخل الزنزانة ممنوعا ويقولون: إنها حياة القبور… أحياء لكن في قبور”.

وأوصت المنظمة الدولية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأربعة مطالب رئيسة هي ” فتح سجن العقرب، دون قيود، أمام مراقبين دوليين معترف بهم لرصد أوضاع الاحتجاز، ووضع خطة لتحسين الأوضاع في السجن، واقتراح قانون بسن آلية وطنية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية في السجون، ودعوة اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى زيارة مصر لتقييم الوضع الحقوقي فيها، والسماح لها بزيارة سجن العقرب وغيره من منشآت الاحتجاز الأخرى”.

كما أوصت وزارة الداخلية المصرية بـ 9 مطالب أخرى منها “وقف حظر الزيارات التعسفي والسماح للأهالي، والسماح للنزلاء بكتابة رسائل ومحادثات هاتفية، والرعاية الطبية والصحية والسماح بحيازة الكتب والصحف والتعاون في تحقيقات وفيات السجناء”.

كما حثت هيومن رايتس في 5 توصيات وجهتها للنيابة المصرية بـ” التحقيق مع مسؤولي السجن وممارسة سلطة الرقابة وتفتيش سجن العقرب والتحقيق في وفيات السجن”.

فيما وجهت 5 توصيات أخرى للبرلمان المصري، مطالبة إياه بالتصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب وتعديل قوانين متعلقة بالحبس الانفرادي وتفتيش السجون وتقديم الشكاوي.

وحول الموقف الحكومي، قالت هيومن رايتس انها أرسلت في 12 أغسطس/آب عن طريق الفاكس أسئلة وطلب معلومات حول الأوضاع في سجن العقرب والسياسات المفعلة به إلى وزارة الداخلية ومكتب النائب العام، وزارة الخارجية، مشيرة إلى أنه لم يصل ردود حتى إعداد التقرير للنشر منتصف سبتمبر/أيلول.

ولم يتسن الحصول على رد فوري من الجهات الأمنية المصرية، حول التقرير إلا أن الحكومة المصرية عادة ما تنفي الاتهامات الموجهة لها من ذوي السجناء السياسيين، في بيانات صحفية عديدة، تتحدث عن أن “قطاع السجون بوزارة الداخلية يتعامل مع جميع المحبوسين، وفقًا لما تنص عليه قوانين حقوق الإنسان”، ونفت وزارة الداخلية على لسان مسؤولين أمنييين بوجود أي تقصير بسجن العقرب معتبرة ما يحدث تشويه لها.

وتأسس سجن العقرب شديد الحراسة عام 1993 في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك (أطاحت به ثورة 25 يناير 2011)، وتكون الزيارة فيه عبر المحادثة بالهاتف من خلف حاجز زجاجي، ويقبع فيه رموز سياسية معارضة.