كتاب سبر

‏مقولات ترامب الأخيرة حول السياسة الخارجية.. أرحب أرحب

‏لا يمكن النظر بغير تفاؤل إلى المقولات الشاملة التي أطلقها المرشح الجمهوري المتقدم دونالد ترامب في شأن السياسة الخارجية والتي جاءت خلال ندوة نظمتها مجلة (ناشيونال انترست) ونشرها موقعها ووردت ضمن خطاب معد مسبقا ألقاه ترامب لنحو 40 دقيقة، واكتسب أهميته بعد تقدم مهم أحرزه هذا المرشح المثير للجدل في انتخابات خمس ولايات رئيسية.
‏وقد احتل العالم العربي حيزا كبيرا من مقولات دونالد ترامب بشأن استراتيجيته الخارجية في حال أصبح رئيسا للولايات المتحد، كما  وجه انتقادات لاذعة للرئيس أوباما وهيلاري كلينتون، حيث أبدى ترامب حسرة على سياستهما التي قال إنها “ساعدت علي إسقاط نظام حسني مبارك الحليف لنا ولإسرائيل وجاءت بالإخوان المسلمون”، حسب قوله.
‏وأضاف:”إذا أصبحت رئيسا فسأتحالف بقوة وحسم مع أي نظام يحارب المستشددين الإسلاميين سواء داعش أو غيرها ومصر الحالية تفعل هذا وعلينا مساعدتها”.
‏وللأسباب الانتخابية ركز ترامب على نقد الرئيس والمرشحة المنافسة لكن من المفيد معرفة أقواله فهو يرى أنهما “أشعلا الشرق الأوسط ودفعاه الي الفوضي الشاملة، ولم يقدما للشعوب إي عون أو مساعادة وحاولا فرض نموذج واحد للديموقراطية.. أنظروا مايحدث في سوريا والعراق وليبيا “.
‏وأضاف:”تحالف أوباما مع إيران على حساب حلفائنا التقليديين، فخسرنا ثقة هؤلاء لأن إيران أصبحت بفضل أوباما قوة عظمى في المنطقة”.
‏ثم يكمل هجومه: “هلاري كلينتون أشعلت حربا أهلية في ليبيا ووزعت السلاح علي ماتسميهم حلفاء الديموقراطية الجديدة فأنقلب الحلفاء علي أمريكا وقتلوا سفيرها وثلاثة من أشجع رجالها.. ثم تجاهلت هيلاري كل الأحداث وتوجهت الي منزلها لتنام قريرة العين “!.
‏إن أوباما وهيلاري “كان ضعيفين أمام كل من روسيا والصين وعندما أفاقا على نفسيهما أشعلا الحرب الباردة من جديد”.
‏وأضاف: “ذهب الرئيس أوباما الي السعودية فلم يستقبله الملك في المطار وذهب الي الدانمرك فلم تستقبله الملكة أو حتي رئيس الوزراء وذهب الي هافانا للصلح مع قادة دولة معادية، متجاهلا التاريخ الأمريكي الطويل، فلم يستقبله راؤول كاسترو في المطار “!.
‏ويلبي ترامب بالطبع مطالب (المجمع العسكري الصناعي) بانتقاده ما فعله أوباما من “إضعاف القوات المسلحة بمعدلات مهينة حيث خفض عدد قطع البحرية من 500 قطعة الي 270 قطة فقط، وخفض سلاح الطيران بواقع الثلث، دون أن يجدد في نوعية وتسليح الطائرات مع خفض القوات من مليوني رجل الي مليون و250 الفا فقط “، مشيرا إلى أن “كل هذا أدى لعدم وجود سياسة متماسكة وتفكيك نفوذنا والاستهانة بمصالحنا والاعتداء عليها، ثم امتداد التهديد إلى الداخل الأمريكي عندما سمحت الإدارة بنمو الإسلام السياسي الراديكالي المتشدد والتغلغل داخل الوطن الأمريكي”.
‏ووعد ترامب بـ “تعزيز التحالفات التقليدية” وأعلن أنه “سيدعو إلى مؤتمر للحلفاء الأوروبيين لنعيد تعزيز السياسات والإستراتيجيات وإلى مؤتمر مع الحلفاء في آسيا لنفس الغرض، ومؤتمر مماثل لكل منطقة” – ملحوظة لم يقل حرفيا إنه سيعقد مؤتمرا للشرق الأوسط لكن ظهر أنه يقصد هذا -.
‏وعن داعش قال “لن تكون داعش في عهدي بأي حال من الأحوال، وسيتم تحجيم وحصار الإسلام السياسي المتشدد والراديكالي وسأتحالف مع أي قوة تحارب معي معركة داعش والإسلام السياسي المتشدد والراديكالي، سواء كانت هذه الحرب علي الأرض الأمريكية أو خارج الأرض الأمريكية”.
‏ وسخر من الإدارة الحالية قائلا: “أوباما أعلن الحرب علي داعش والإسلام السياسي المتشدد والراديكالي، لكنه لم يحدد حتي الآن أسماء منظماته”!..
‏وقال: “عليك ياسيد أوباما أن تحدد أسماء المنظمات التي تحاربها حتي نتجاوب معك أو نتخلي عنك”!
‏وعن إيران قال: “لن أسمح أيا كان الثمن بأن تمتلك إيران القنبلة النووية.. لن أسمح لها أن تكون قوة نووية.. أو حتي قوة عظمى في المنطقة.. وسوف إتحالف في هذا الشأن مع يبدي إستعدادا حقيقيا لهذه المعركة ضد إيران”.
‏وشدد ترامب بالطبع على ما كرره باستمرار من ضرورة أنه “لن يحارب معركة الأمن والسلام الدولي مجانا وعلى الحلفاء أن يدفعوا التزاماتهم، ولن يتحمل الأمريكان وحدهم تكاليف الدفاع عن الحلفاء في الخارج “.
‏وتعهد ترامب بإقامة “علاقات جديدة قائمة علي المصالح والإحترام المتبادل مع كل من روسيا والصين.. لا يجب أن تعود الحرب الباردة مرة أخرى”.
‏كما أشار إلى أنه سيراجع كل إتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا وفي مقدمتها إتفاقية النافتا مع كندا والمكسيك” وقال بأن “هذه الاتفاقيات خربت الإقتصاد الأمريكي ونقلت الصناعات الأمريكية الرئيسية الي الخارج، وتركت عمالنا في حالة بطالة متزايدة، وأدي ذلك الي تراكم المديونية الأمريكية إلى حدود الخطر والهديد “.
‏وفيما هو يعنينا بالدرجة الأولى قال: “لن نعمل علي فرض النظام الديموقراطي الغربي، أو القيم الديمقوقراطية الغربية الي العالم الخارجي، بل سنعمل علي تعزيز قيم وسلوكيات الحضارة الغربية، وهذا يكفي لصنع السلام الثقافي مع العالم الخارجي”.
‏إن حذف المقولات (الشعبوية الانتخابية) لأنها من الناحية العملية غير مجدية ولا تصلح للتطبيق يترك منظورا يمكن التفاهم معه، ويحبذه العالم العربي خصوصا السعودية ودول الخليج العربي، وهو غير بعيد عن السياسات التقليدية للحزب الجمهوري التي اعتبرت المنطقة جزءً حيويا يهم الأمن القومي الأميركي خصوصا وأن ترامب يظهر موقفا متشددا من النظام الإيراني تحتاجه الجزيرة العربية والإقليم النفطي عموما.
‏أما مواضيع الهجرة فغير متصلة بالخليج، وبالنتيجة فإن تطبيقها سيطال إجراءات الهجرة والتأشيرات، لكن لا يمكن افتراض مقاطعة بلدان بأسرها لدخول الولايات المتحدة لأنه هذا سيؤدي لإجراءات مضادة ليس أقلها التهديد الذي رأيناه من السعودية بتسييل أصولها الأميركية والانسحاب ولو تدريجيا من السوقها أو الشراكة معها.
‏إن الخلاصة التي يمكن تمريرها في هذا المجال هو أن مغادرة (اللغة الانتخابية) ستجعل من إدارة ترامب – في حال فوزه – مريحة بشكل أفضل كثيرا من الإدارة الديمقراطية التي شهدنا أسوأ ما فيها عبر محاولات الرئيس أوباما فرض دور إيراني غير مؤهل ولا أحد يرغب به أويتقبله.