كتاب سبر

عادل الجبير يشرح اسباب العصبية الإيرانية.. الله ينور عليه!

اختصر وزير الخارجية السعودي المسألة بتصريحه عندما أوجز قائلا بأن “هزيمة الحوثيين وتدهور نظام بشار الأسد هو سبب تصريحات إيران العدوانية.”
إن ما نشهده من تطورات يكشف عن حجم ووزن إيران الحقيقي وهذا يصيبها بالصدمة بعد ربع قرن كامل من الكذب على النفس والناس.. والله، فإيران تقف اليوم في مواجهة حقيقة المارد العربي حتى وإن أصابه المرض والإعياء، وتكتشف عجزها عن مواجهة أمة أدبتها وعلمتها مبادئ الإيمان.
فهل ستعتبر القيادة الإيرانية؟ أم تواصل الفجور والتغول!؟.. وخذها مني، هي لن تعتبر، ذلك أنها أضافت لشموليات الأرض الحمقاء شرط ضلال سماوي!
فالنظام الشمولي لا يمكن أن يعتبر ويستمع إلى صوت العقل، فهو يرى النفق المظلم نورا على القمة، والهزيمة نصرا، والخيية نجاحان ويواصل العناد حتى ينكب على أنفه، جثة هامدة.
وعادل الجبير اليوم، كرجل منطقي، لا ورائي ولا توهمي، ولا هيستيري النزعة، أعطى إيران لكمة تسمى في عالم الملاكمة: الضربة القاضية، ذلك أن تأديب توافه اليمن ولمامته، هو المفتاح، وشلع نظام العلويين هو الباب مع قفله، لإعادة إيران لطبيعة تهواها: عزلة غير قابلة للانسجام مع العالم.
وينبغي في هذا المقام أن نفتح ملف عناصر القوة والضعف لدى القوى الإقليمية، وهي عناصر لا تخفى إلا عند الأنظمة المتخلفة عقليا سواء التي حكمها عسكر أو أحزاب جامدة، أو هذا النمط الغوغائي المريض في إيران.
وكل هذه (الموديلات) من الأنظمة ناهضت السعودية وآخرها إيران التي لو كان في لدى مخططيها ذرة عقل ما كانوا جابوا سيرة مذهب ولا قومية، ففي البدء كان الصراع عربيا عربيا، ولم يكن الأمر ينطوي لا على تمذهب ولا على قومية أو عرقية، لدرجة أن السعودية (ضد جمال عبدالناصر) دعمت في اليمن الإمامية!
وهؤلاء (الأعدقاء والأعداء القدامى) – من نوعية ناصر وبشار ومعمر وغيرهم- عسكر لا يفهمون قواعد الاستراتيجية والتاريخ، وتعلقوا بأوهام دنيوية وضعية، لكن إيران أضافت فوق هذا الغباء غباء التفرد بمفهوم إلهي لا يؤمن به أحد غيرها، وغير مستعد غيرها لقبوله، فاكتملت دائرة الحمق على إغلاق تام دون منازع.
وإذا عقدنا مقارنة بين إيران والبلد الأكبر الذي يقود المواجه ضدها، فمن الواضح أنه لا يوجد فيها تعددية مذهبية تذكر كما إيران، فوق أنه لا وجود بها إطلاقا لتعددية قومية كما هي حالة إيران الكلية!.
والسعودية محاطة بمجموعة دول أصغر منها واقعة في دائرة من حبها والتماهي معها والانتماء لعمقها الاستراتيجي فهي متعاونة متكاملة رغم الخلافات الصغيرة
بينما إيران محاطة بدول لا تطيقها، وهي دول كبرى بالمفهوم الإقليمي: تركية، باكستان، العراق، والسعودية (كامتداد وتجاور بحري) مع مجموعة دول أصغر تمقت إيران، ولها مشاكل معها وهواجس وقلق، وبالتالي فمثير للدهشة حق اشتغال إيران على خط الفتنة والتفريق، لأن المنطقي أن هذا سيرتد عليها تلقائيا.
فأي دولة مجاورة وفق لمبدأ التشظي المذهبي الذي تتبعه إيران، يمكنها أن تعبث بإيران كما تشاء وبنفس الطريقة، وذات الأساليب، وليس أسهل أو هو متاح أكثر منها.
وقد بات بيّنا للجميع الآن أن التطرف المذهبي الإرهابي من الطرف المقابل، موجود فقط في العراق وسورية، والخليج (كرأي عام ومنحى عاطفي لا أكثر).. والسبب واضح دون أي لبس وهو تطرف إيران المذهبي الإرهابي، فهي زرعت في العراق ميليشيات ترتكب جرائم حرب دون أن يرف لها جفن، وبالتالي فليس هناك أي حل، لأن مشكلة العراق تكمن بمحاولة فرضه (إيرانيا) كمذهب واحد في معاكسة لما هو حقيقي على الأرض والواقع، لأن العراق ليس فارسيا.. ما كان ولن يكون ولو انطبقت السماوات على الأرض، وحكامه الحاليون لا يمثلون مكنونه ولا ماضيه ولا مصيره بأي صورة، وسورية منذ نشأت بولاية معاوية في عهد الخليفة الأول (أبو بكر الصديق)، وحتى الفتنة، وصولا للبيعة العامة لمعاوية في (عام الجماعة) كأمير للمؤمنين، وبلا منازع أو طالب سلطة، ولمدة عشرين عاما متصلة، ظلت كيانا لم يحكمه علوي إطلاقا باستثناء حافظ الأسد وبشار ابنه!.
ومن حق الجبير أن يقول ما يقول، فهو ينطق بلسان دبلوماسية دولة إقليمية عظمى، وما تم على الأرض حتى الآن يراه العدو والصديق، فالبحرين كانت أسهل أحلام من يريدون جعل الخليج يعيش قلقا دائما، وهناك في الأوساط الأميركية من حسبها على طريقة العراق، فنفوذ محلي لإيران يسيطر على العراق لا يؤثر ولا يلغي كونه في الجيب الأميركي، والأميركيون لا يهمهم مذهب ولا دين!.. ولو تحولت البحرين للهوى الإيراني تطبيقا للشعار الأحمق (يسقط يسقط حمد)، فلن يتغير شيء، فلن تحتل إيران السعودية من البحرين وهي لا تستطيع ذلك، لكن البحرين ستكون منبرا نفسيا وإعلاميا للملالي ينغصون منه على الخليج العربي عيشه فيحتاجونا (الغرب) أكثر!
لكن السعودية تيقظت سريعا وحذفت موضوع البحرين من جدول الأعمال بضربة واحدة، انتهى موضوع البحرين.. خلصنا فإذا بالله يكتب لشعب اليمن زعيما طموحا!.
إنه علي عبدالله صالح!
والرجل محسوب على الخليج، وحماه الخليج، ورقعت السعودية وجهه من مؤخرته وأنقذته من الموت إعداما كما معمر القذافي!.
ظن صالح أن الخليج يجب أن يفعل معه ما فعله مع نظام العسكر في مصر، في تجاهل لأن مصر بلد يحكمها العسكر منذ 1952 شاء الإخوان وغيرهم من الطامحين بحق أو بغير حق أم أبوا، فالعسكر هم من انقلب على حسني مبارك لأنه يريد ابنه المدني المدعوم من الأمن (الداخلية) ولوبي اقتصاد مستجد حكم مصر بعد أبيه، ورأينا كيف نزل الشعب بحماية العسكر وأجبر مبارك على التنازل فصعد الناس إلى بيوتهم بعد أن تنازل مبارك للمجلس العسكري ليدير مصر.
لقد خجل عسكر مصر من القيام بانقلاب على بطل حرب أكتوبر، العسكري مثلهم، فجعلوا الشعب يتولى المهمة وكأي شعب تفاءل بالتغيير فعل المصريون ما كان في نطاق السيطرة، فلما جاء د. محمد مرسيرئيسا بالانتخاب وبإرادة الدولة العميقة والقائمين عليها (العسكر) رأوه (يلعب) ويريد إنهاء طبيعة الحكم (العسكري) فانقلبوا عليه وانتهى الموضوع، فالانقلاب في مصر كان سيتم شاء الخليج أم أبى، دعمه الخليج أم لم يدعمه، وكان هناك خيار ممكن وهو أن يدعم الخليج الإخوان فتحترق مصر.
لكن علي عبدالله صالح مثل كثيرين لا يفهم هذا.. أعدتم العسكر ودعمتم السيسي فادعموني مثلهم، وكان هناك مبرر لصالح حسب أن الخليج سيوغل في تفهمه، فالإخوان يتصدرون واجهة العهد الجديد في اليمن، فجاء صالح بالحوثيين حاسبا أن هذا يرضي الخليج ومكنهم من الدولة، أولا ضد الإخوان، وثانيا لتخويف الخليج من إيران.. فإذا بإيران تصدق أن لها يد في اليمن!
وأصدقاء إيران في اليمن بدائيون وأشد حمقا منها، فهم تركيبة تريد إعادة العهد الإمامي ويعتبرون أنفسهم ابناء النبي محمد، ومعهم أو حولهم نسيج اجتماعي طامح.
وقد جعل صالح الحوثيين كحصان طروادة واختبأ داخل قشرتهم الهشة، ففهم يمثلون فقط 1% من الزيدية التي لا تمثل غير 25% من البلد، يدعمهم من يسمون الأشراف ويلقبون أنفسهم بالهاشميين ويصنفون في اليمن كـ (قناديل) فيما بقية الشعب (الزنابيل)!.. ومن مصلحتهم عودة الإمامية الزيدية.
وصدقت إيران هنا نفسها، فنحن صددناها في البحرين فإذا بها تثأر لنفسها عبر اليمن!
هنا قامت عاصفة الحزم وكان يجب أن تقوم، ومع ذلك فاليمن مجرد مغامرة إزعاج فقط، ولا أحد في العالم يتخيل سيطرة إيرانية عليه لعدم توافر إمكانات ذلك سوى أن المخطط الإيراني الغارق بالأحلام المتبخرة، ربما تصور أنه يمن آخر ينادي كسرى للتصدي لأبرهة الحبشي!
وعادل الجبير اليوم على راي اللبنانيين (بق البحصة)، وقالها بلغة فظة غير معهودة من السعودية على الرغم من مظهره الناعم الأنيق، فلا بد أن يحكم سورية رجل من أغلبية أهلها الكاسحة شاءت إيران أم أبت، طال الزمان أم قصر، سكت العالم عن جرائم إيران وبشار أو لم يسكت، أما لبنان فنتوء عربي صغير، يعتاش على القبول العربي والأفق والسياحة والدعم العربي، وشخصيته كبلد ناعم لا تناسب خشونة الأهداف الاستراتيجية الإيرانية، فإذا رفع العرب أيديهم عن لبنان وباعوا ممتلكاتهم وقطعوا صلاتهم معه، وتركوه لأمره فستجده يغني يا ليل يا عين عاريا وفي الهواء الطلق، فليس لإيران (أي خبز) في هذه البلدان ومثلها البحرين من قبل وأي مكان آخر، ولن ينجح مشروعها بل لا مشروع أصلا لها  سواء في سورية أو العراق أو اليمن أو لبنان!.
وقصفة العمر الكبرى لإيران في سورية، فمنه هناك سيتعزز خيار طردها من العراق وسينتهي أثرها في لبنان، وتعود لحجمها الطبيعي أمام بلد استيقظ على تغول غير منطقي لها وبدأ يمارس السياسة بنفس طريقتها ومن ذلك أمثلة واقعية وافتراضية:
أذربيجان أليست دولة شيعية!؟.. أليس نحو ثلث إيران من الأذريين؟.. وخامنئي الزعيم الإيراني الحالي أليس أصله أذريا؟.. فلماذا تعزز السعودية علاقتها بأذربيجان!؟
وحتى تركية.. وهي الآن الحليف قوي للسعودية بعد تجاوز الخلاف الخاص بمصر، فإن السعودية تملك ورقة عملاقة يمكنها هز تركية، ويكفي الجبير أن يصرح لصحيفة في جنوب أفريقية “بأن المملكة تتفهم التطلعات السيادية للأشقاء الأكراد في شمال العراق”.. ماذا يعني هذا؟.. إن معناه تشجيع السعودية لاستقلال الأكراد التام وفي هذا إحياء لقومية طويلة عريضة في المنطقة جاهزة للتحالف مع السعودية ضد إيران وتركية وغيرهما في حال استمرت سياسات المحاور المتغولة على العرب.
وإذا استمرت إيران بالفتنة فلا أسهل من تشجيع حركات الانفصال فيها: الأحواز، بلوشستان، كردستان، أذربيجان، هذا فضلا عن المعارضة الحرة المقيمة في الغرب (مجاهدي خلق) والتي تضم ائتلافا وطنيا من خمس فصائل كبرى يحسب الغرب حسابها جيدا.
لقد أثلج صدرنا عادل الجبير اليوم، ونسأل الله أن يثلج صدره وينور عليه.