كتاب سبر

العودة الى الأمام

“ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب” سورة البقرة، “وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم” سورة التغابن.
قد يختلف معي البعض وقد يتفق البعض الآخر حول ما يقوم به بعض ابناء القبائل من تكاتف وتعاضد لرسم صورة من صور التكاتف الاجتماعي والتلاحم الأسري الذي يرتبط به ابناء القبائل وخصوصا في قضايا القتل والدية الشرعية لأهل المقتول، ربما نختلف ونتفق في أحقيتها وآثارها الجانبية على سلوك الفرد، ولكن تبقى الحقيقة التي لا يمكن لنا أن نختلف عليها أبدًا، مثقفونا وأمّيونا، علمائنا ومتعلمونا، كبيرنا وصغيرنا، بالقيمة الأخلاقية والصورة البلاغية التي يصورها لنا أبناء القبائل في وقت الشدائد.
ها هي اليوم تتجلى لنا بالأفق من صورة جديدة وقيمة وثيقة يعيد توثيقها أبناء إحدى القبائل، والتي لا تختلف عنها بقية القبائل، وهي قبيلة عنزة، في ترسيخ مبادئ القيم الاجتماعية والترابط القبلي والانتمائي التي تؤكد من جديد أن القبيلة ما هي إلا كيان اجتماعي منظم دون ترتيب مسبق ولا مخططات معدة، تتشكل على سجيتها وطبيعتها، شأنها شأن الكيانات الدولية وتنظيمات الدول العظمى.
قصة عبدالرحمن والمطلوب بدية قدرت بالملايين والذي أقسم ابناء قبيلته من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها بالوقوف إلى جانبه صفًا إلى صف، دون سابق معرفة أو صداقة تجمعهم عدا الرابط القبلي والذي سبقته نية المعروف والثواب من الله عز وجل لعتق رقبته أعادت الحياة من جديد إلى معنى التكاتف الاجتماعي والعشائري وأهميته بين أبناء القبيلة، كما أعادت للأذهان قيمة الصفح والمغفرة بين أبناء وشيوخ ووجهاء القبائل التي تتدخل لحل مشاكلها.
كل الشكر لكل من بادر وشارك حتى وإن كانت بالكلمة الطيبة، في سبيل إنهاء هذا الخلاف وعتق رقبة عبدالرحمن.