فن وثقافة

ثورة “الياسمين” تعيد الروح للفن الملتزم والفرق الموسيقية تجمع صفوفها

شهدت الساحة الغنائية في تونس بعد ثورة 14 يناير زخماً كبيراً في عدد الأغاني الوطنية والملتزمة، رأى فيه البعض ركوباً على الأحداث، واستعراضاً للروح البطولية الوطنية التي طالما غابت عن معظم الفنانين الذين كثيراً ما نشدوا وصفقوا للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بينما رأى فيه البعض الآخر إعلاناً عن حرية فكرية جديدة وإعلاء لصوت الأغنية الملتزمة الذي طالما حاربه بن علي وعمل على كتمه في الساحة الثقافية.


فرقة البحث الموسيقي في قابس هي إحدى الفرق الملتزمة التي تعرضت إلى الواقع التونسي ونقدت مشاكله الاجتماعية والسياسية.


أحد مؤسسي الفرقة السيد نبراس شمام تحدث لـ”العربية.نت” عن حيثيات تأسيس الفرقة قائلاً: “نهاية السبعينات شهدت حركة تلمذية هامة تتميز بوعي ونضج كبيرين، وخاصة بعد أحداث 26 يناير/ كانون الثاني 1978 التي شهدت مواجهات كبرى آنذاك بين مناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطة, وكان تأثير الأحداث كبيراً على هؤلاء التلاميذ الذين حسوا بالقمع والظلم والاستبداد الذي كانت تمارسه الدولة أمام النقابيين و النضاليين”.


وأضاف “هذا الإحساس الذي تغذى بالروح القومية العربية وبالأشرطة المهربة للشيخ إمام ولد الرغبة في تأسيس فرقة موسيقية تقطع مع الموجود وتبحث عن المنشود من حريات ومساواة، وتنقد وتعالج عديد الظواهر الاجتماعية والسياسية”.


ومن هنا كانت البداية، وتم تكوين المجموعة الأولى في عام 1979 في كليات محافظة صفاقس، والتي اختصت في البداية بترديد أغاني الشيخ إمام، ثم تلحين أغاني خاصة بها تعد الآن أكثر من 50 أغنية.


شمام أكد أن هذا الاختيار الموسيقي لم يكن هدفه يوماً الشهرة أو المال أو الظهور الإعلامي، بل نقد الواقع المرير إلى درجة أنه كلفهم الكثير من المضايقات والاعتقالات وحتى الطرد التعسفي من العمل.


كل هذه التضييقات لم تثنهم عن المواصلة بل آمنوا أن “الفن نضال أو لا يكون”، ورغم المنع بقيت المجموعة تنشط في السرية وأحيت 70 عرضاً في 5 سنوات، وآخرها كان يوم 4 ديسمبر/ كانون الأول في ذكرى اغتيال الزعيم فرحات حشاد.


تواصل عمل فرقة البحث الموسيقي في قابس رغم التضييقات إلى حدود عام 1995 ثم توقفت لأسباب داخلية وانشقاقات بين أعضائها.


وبعد ثورة 14 يناير عادت الفرقة إلى مزاولة نشاطها الموسيقي، وقامت بإصدار قرص مضغوط يحمل 4 أغان جديدة، وهي “يا شهيد تونس” و”هبت ناركم في سيدي بوزيد” و”ولع يا بوعزيزي” و”في روحك ودومي يا ثورة الأبطال”.


كما قامت بإحياء 40 حفلاً في 40 يوم فقط في مختلف المحافظات التونسية من بنزرت إلى بن قردان.