رياضة

الدعارة الفكريّة.. تخفي الجانب القبيح في برشلونة

الدعارة الفكرية: مصطلح شاع استخدامه كثيراً بعد المؤتمر الصحفي الشهير للمدرّب المثير للجدل البرتغالي “جوزيه مورينيو”؛ حيث هاجم  الصحافة الإيطالية، لتعاملها السيء مع لاعبي فريقه.. ومحاولاتها المتكررة للتحجيم من إنجازاته، والتي اختتمها بثلاثية تاريخية للإنتر.

ولا شك أننا في حياتنا الطبيعية نعيش أزمة هذه الدعارة الفكرية، على كافة المستويات الدينية، والسياسية، والاجتماعية، وحتى الرياضية أيضاً.. هذا واقع يمارس علينا من الإعلام الموجّه، لخدمة قضاياه الخاصة، وتأثيره كبير جداً، أكثر من الإعلام النزيه.. فمن أين يكتسب هذا النوع من الترويج الإعلامي.. القدرة الكبيرة على التأثير؟

هذا الإعلام يسعى في المقام الأول إلى تحوير الحقيقة بشكل كبير، محاولاً الابتعاد عن الجوهر، والتركيز على هوامش الأمور وربطها بأفكار بديهية؛ لإقناع المتلقّي بأفكاره السطحية، حتى يتعامل معها كمبادئ قطعية غير قابلة للنقاش، فهم بهذه الطريقة يرسمون الفساد بطريقة خبيثة، حتى يصل إلى مقام المبدأ الأساسي الذي سيعتمد عليه في النقاشات والمحاورات القادمة، وسيرفض النقاش بعدها مع أي طرف آخر لا يقبل بهذه المبادئ التي صنعها هذا الإعلام.

ولا شك أننا في ظل هذا الانفتاح الإعلامي الكبير على الصعيد الرياضي، نعاني من هذه الممارسات المتطرفة من (الدعارة الفكرية) في ظل سيطرة الإعلام الموجّه، فـ (برشلونة) على سبيل المثال، لا يفوز بفضل أدائه وكرته الجميلة التي لا تقارن بأي أسلوب آخر، ولكنه يفوز بفضل أخلاقه ومبادئه، وهو الذي يساند منظمة (اليونيسيف) العالمية دون الاكتراث للمردود المادي، يساعد الشباب على صقل مواهبهم لديه في مدرسته الأفضل على كافة المستويات الرياضية، نادي لا يصرف الكثير من المال، فهو أكثر من نادي، إغراءاته للآخرين تتجاوز الأمور الماديّة، يسعى لتقديم الكرة الجميلة فقط، لا يفسد على خصومه نجاحاتهم، حتى ولو كانت ضدّه.. هذا هو الجانب الملائكي الذي يتم الترويج له للنادي الأفضل في العالم.

الحق كل الحق في كل مشجع الترويج لناديه المفضّل بالطريقة التي يراها مناسبة، ولكن هذا الأسلوب في الترويج هو كذبة كبيرة جداً، تستغفل المشجع الرياضي، برشلونة الذي وقّع على عقد رعاية مجاني مع اليونيسيف، استبدله بعقد رعاية مع شركة قطر للاستثمار الرياضي مقابل 30 مليون يورو، ولكن هنا التغاضي عن العقد القطري أكبر بكبير من التباهي بعقد (اليونيسيف) الإنساني، برشلونة الذي لا تتزعزع مبادئه في الاعتماد على مدرسته لخدمة فريقه الأول، صرف أكثر من 350 مليون يورو على تعاقداته خلال السنوات الأربع الأخيرة، دون النظر لمرتّباتهم.

أما الجانب الأخلاقي فهو الأهم، الصورة الملائكية التي تم صنعها بفضل أدوات إعلامية متطوّرة، تتجاوز الحديث عن أخطاء النادي الأفضل في العالم، بعد سداسية برشلونة الشهيرة مع مدرّبهم الناجح “غوارديولا” لم يستطع أحد تقبّل فكرة أن ينهزم هذا الفريق، فبعد إقصائه من دوري الأبطال على يد إنتر ميلان، انطلقت رشاشات الماء في ملعب (الكامب نو) لتشويه فرحتهم والنيل منها، وفي الكلاسيكو القريب جداً، والذي انتهى لصالح زملاء “ليونيل ميسي”، لا يتم الحديث طويلاً، بل مرور الكرام أفضل هنا على استفزاز الفتى الأرجنتيني للمدرّب البرتغالي “مورينيو” بالبصق بجانبه، أو محاولته تقليد حركته الشهيرة عن طريق يديه، إلى جماهيره وعشاقه، وبعدها من دون قصد يذهب للاعب “كونتراو” ليصدمه في وقت كانت المباراة فيه متوقّفه.

هذه هي الأزمة الحقيقية جراء تأثير الدعارة الفكريّة، استخدامها يسمح لصاحبها بالتحكّم في عقولنا، وتسيير تركيزنا على هواه الذي يطلبه، ولا يمكن لها أن تستمر في غياب الآراء الشخصية والمستقلّة البعيدة عن تآثير الطرف الأقوى في الترويج الفكري لإعلامه الموجّه.