حالة الركود التي يشهدها الاقتصاد العالمي ستؤثر حتماً وبشكل سلبي على اقتصادنا المحلي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاديات العالمية الكبرى، وهو ما دفع الحكومة إلى الاستعداد والتأهب لذلك عبر تشكيل لجنة اقتصادية لهذا الغرض.. لكن الأهم من تشكيل اللجنة هو: هل ستكون قادرة على مواجهة تداعيات الأزمة القادمة لامحالة؟.. وهل سيكون في مقدور الحكومة ممثلة بلجنتها الوليدة مواجهة شبح الركود الذي يلوح في الأفق؟
((سبر)) حملت هذين السؤالين (وغيرهما من الأسئلة) إلى عدد من الاقتصاديين، فأدلى كل منهم بدلوه، وكانت هناك آراء مختلفة لكنها في المجمل تقاطعت عند الرأي القائل بعجز اللجنة عن مواجهة الأزمة الآتية، والتي ستكون ربما أشد في أثرها وتأثيرها عن الأزمة السابقة التي اجتاحت الأسواق العالمية وقادت إلى إفلاس الكثير من الشركات وأغرقت الكثير من البنوك في ديون تقدر بمئات المليارات.
بدايةً قال المحلل الاقتصادي علي العنزي إن قرار تكوين اللجنة الاقتصادية جاء بسبب ما يقدر أن تكون عليه حالة الاقتصاد العالمي من ركود خلال الفترة القادمة، وما يلحق من أثر باقتصادنا المرتبط بالاقتصاديات الكبرى؛ بسبب اعتماده على سلعة وحيدة كدخل وطني، وبالتالي مؤشرات اللجنة يجب أن تكون بمستوى الحدث، والحدث هو محاولة تقليل الآثار المترتبة لأي ركود عالمي على اقتصادنا إلي أدنى مستوى، وأعتقد أن اللجنة لا تستطيع إصدار قرارات، إنما توصيات وتقديم استشارات للأجهزة التنفيذية والأخيرة هي من يصدر قرار لتنفيذ ما تراه اللجنة مناسبا لتحقيق هدف إنشائها.
وبسؤاله هل ستصدر قرارات تُؤثر على رواتب المواطنين مثل زيادة غلاء المعيشة والقضايا الإسكانية؟ وهل سيكون كادر المعلمين والزيادات بشكل عام في خطر؟
أجاب العنزي قائلاً: في تقديري أن ما نفذ من زيادات للرواتب قد نفذ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خفض الرواتب مثلا، إنما من الممكن أن تلحق بأصحاب المداخل الكبيرة التزامات جديدة تخفض القيمة الحقيقة للراتب مثل الضرائب والرسوم التي ستوضع على خدمات طبقا لما ستحدده اللجنة الاقتصادية مستقبلا، بينما مسألة السكن أعتقد أن الدولة ستبقى ملتزمة بمستوى الرفاهية الاجتماعي بالقدر الذي عليه الآن على أقل تقدير، أما بخصوص الزيادات الجديدة أو الكوادر الجديدة فأعتقد أن مسألة إقرارها باتت صعبة جدا.
وأوضح العنزي أن عملية تقييد الإنفاق العام للحكومة لا شك أنها ستبطئ من عملية النمو الاقتصادي للدولة، مشيراً إلى أن مسألة الإنفاق العام تحتمل شقين: أولهما وكما هو مفهوم عالميا سياسة الإنفاق الحكومي على المشروعات والبنى التحتية، وهو لا شك سيدعم الاقتصاد إن أدير بشكل صحيح، وبمستوى شفافية مرتفع وتذلل العقبات في طريقه أياً كانت، أما مسألة تقييد الإنفاق على أوجه صرف أخرى غير ذات إنتاجية واضحة لا شك أنه سيدعم الهدف لتشكيل اللجنة، وسيشكل فوائض مالية من الممكن أن تستثمر بطريقة محترفة تدر دخلا موازيا لدخل الدولة من بيع البترول.
وأضاف: أعتقد أنه إذا ما وضعت قوانين وتشريعات توجه الإنفاق العام للشركات المحلية خصوصا عملية تمويل الشركات المنفذة لخطة التنمية، سيكون له أثرا إيجابيا على تداولات البورصة خصوصا قطاع البنوك، هي أحد أهم القطاعات الخاصة التي تعاني من بيئة أعمال سلبية خلال الأعوام الأخيرة وبالتالي بحاجة إلي دعم عبر فتح قنوات استثمارية جديدة لمؤسسات هذا القطاع المهم؛ لتساهم في دعم الاقتصاد بشكل عام.
وبسؤاله هل الظروف سانحة حتى تنجح هذه اللجنة وما هي النتائج المتوقعة؟ قال إن عمل اللجان الاقتصادية يحتاج إلى تناسق وتفاهم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وخلال الفترة الماضية وحتى الأسبوع الماضي استمر الصراع بين السلطتين، مما يضعف الآمال بنجاح مساعي الإصلاح الاقتصادي، ولكن متى ما خفت حدة التجاذب على الساحة السياسية واقتنع الجميع أن المرحلة خطرة خصوصا على الاقتصاد الكويتي، وبالتالي تحتاج إلى تكامل وتضافر الجهود للوصول إلي خارطة طريق واضحة لتفادي أزمة اقتصادية عالمية من الممكن أن تكون ذات أثار مدمرة على اقتصاديات العالم، بما فيها اقتصادنا الصغير، فإن حينها نستطيع أن نتفاءل بنتائج إيجابية؛ للخروج من هذه المرحلة إلى مرحلة تفاؤل مستقبلية.
من جانبه، قال الدكتور علي الزعبي: لاشك أن البلد في حاجة لتشكيل لجان أكثر من لجنة في إصلاح الاعوجاج الاقتصادي، وتعديل مسار من خلال المهام الحكومية التي لم تنجح في وضع الحلول المناسبة من خلال خطة التنمية أو المساهمة في تسيير الفوائض المالية بالشكل المطلوب، ولكن يعيب علي اللجنة أن العديد من الأسماء المطروحة لا تحمل فكر اقتصادي سواء في مجال التخصص أو السيرة الذاتية، فكيف يكونون بحجم الاستشارة التي يفترض أن تعطي للمأهلين علي الأكاديمي أو التجربة، وبهذا لن تستطيع اللجنة وضع الحلول المناسبة، بل ستنستعين بالحلول الحكومية وتقدمها باسم اللجنة لتكون غطاء علي الممارسات الحكومية السابقة بإمدادات فكرية مصلحية لجهات معينة وهي التي أعلنت أن الرواتب علي سبيل المثال تمثل النسبة العظمي من الفوائض المالية، فكيف تخالف مسارها وهي من سارت علي نهج المحاصصة السياسية في قالب اقتصادي، فالإصلاح الاقتصادي يبدأ من خلال التخطيط و التنفيذ وليس العكس، والاستثمارات الخارجية في خطر وأزمة ستدفع بنتائجها علي المواطن في حال إبعاد جانب إدارة المخاطر علي الشكل المطلوب ،سياسة الحكومة في تعاملاتها هي من أقرت علي نفسها بالخلل الناشيء عن الإخلال في الوضع المالي وعدم التعامل منذ البداية بالشكل المطلوب؛ لذا الأسماء المطروحة في اللجنة لن تأتي بالجديد.
أما أحمد معرفي، فأبدى تحفظه لهذه اللجنة، معتبراً أنها كمثلها من اللجان السابقة لها مثل البنك الدولي، وخطة توني بلير وغيرها الكثير، وهناك أكثر من جهة قد شخصت المشاكل، وعن الحلول في الشأن الاقتصادي فخطة التنمية قد تطرقت لها والحلول عليها خلاف، والتطبيق هو المحك؛ لأن كثرة اللجان لاتسعف القضية والموضوع قتل بحثاً، وهناك وزارات هي المعنية بذلك، وأما عن دور المواطن ودوره وزيادة غلاء المعيشة، فقال: اللي فات مات والتي على طاولت التفاوض مثل كادر المعلمين وغيرها، فهذا يمكن التعطيل فيها، فهنا دور أعضاء مجلس الأمة حول الزيادات وكادر المعلمين؛ لأن اللجنة دورها تقدم ملاحظات والتوصيات، فقط وتتكلم بالعموميات، ومن وجهة نظري في هذا الشأن الجانب السياسي هو من يحكم هذه العملية، مانحتاجة هو دور القطاع الخاص في الموضوع ودوره مهم في طرح المشاريع وأن يكون لها رؤية وسياسة المشاريع تخدم الاقتصاد بشكل كبير، والبورصة لها جوانب عديدة تؤثر عليها وعلى سبيل المثال الشركات العائلية التي تستفيد من المناقصات يجب على هذه الشركات ان تدرج بالبورصة حتى تعطي للبلد مو تأخذ منه فقط، وأخيراً إذا كان دور اللجنة تحديد مصدر المشكلة فهذا معروف، مانحتاجه هو التطبيق.
من جانبه قال رئيس فريق درايال للتحليل الفني محمد الهاجري: ان الكويت في حاجة لتشكيل لجان أكثر من لجنة بغرض اصلاح الاعوجاج الاقتصادي وتعديل مسار من خلال المهام الحكومية التي لم تنجح في وضع الحلول المناسبة من خلال خطة التنمية او المساهمة في تسيير الفوائض المالية بالشكل المطلوب، لكنه استدرك: يعيب علي اللجنة ان العديد من الاسماء المطروحة فيها لا تحمل فكراً اقتصادياً سواء في مجال التخصص او السيرة الذاتية. وأضاف إن الاستشارة يفترض ان تعطى للمأهلين أكاديمياً او لأصحاب التجربة ليستطيعوا وضع الحلول المناسبة لا أن تتم الاستعانة بالحلول الحكومية وتقديمها باسم اللجنة لتكون غطاء علي الممارسات السابقة وبإمدادات فكرية مصلحية لجهات معينة وهي التي اعلنت ان الرواتب علي سبيل المثال تمثل النسبة العظمي من الفوائض المالية فكيف تخالف مسارها وهي من سارت على نهج المحاصصة السياسية في قالب اقتصادي.
وتابع الهاجري إن الاصلاح الاقتصادي يبدأ من خلال التخطيط والتنفيذ وليس العكس ، والاستثمارات الخارجية في خطر، أما الأزمة فستدفع بنتائجها علي المواطن في حال ابعاد جانب ادارة المخاطر علي الشكل المطلوب، مشيراً إلى أن سياسة الحكومة في تعاملاتها هي من أقرت علي نفسها بالخلل الناشيء عن الاخلال في الوضع المالي وعدم التعامل منذ البداية بالشكل المطلوب لذا فإن الاسماء المطروحة في اللجنة لن تأتي بالجدوى.
أضف تعليق