كتاب سبر

بيادة العسكري وسلطته

لا يرى العسكري الحقيقة، لا يرى إلا زيه العسكري وبيادته وسلطته، لا يرى النساء اللائي يعريهن في الشارع، ولا السيدات اللائي يجرجرهن من شعرهن، ولا الثوار الذين يسحلهم، ولا دم الشهداء الذين يسيل، لا يهمه إلا البقاء في سلطته، واحتفاظه بمقعده الأعلى.
لا يهم من يقتل، ولا من يموت، ولا كيف يموت، في شارع محمد محمود قتلوا الثوار بالكيماوي، وفي اعتصام مجلس الوزراء، أرادوا قتلهم بالحواوشي المسمم، والآن يقتلونهم ويقتلون شيوخهم.
أي ذنب ارتكبه الشيخ عماد عفت أمين الفتوى بدار الإفتاء ومستشار الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، حتى يتم قتله هكذا، كان الشيخ عماد يحظى باحترام لتأييده الثورة لا على طريقة تأييد المتحولين من رجال نظام مبارك الذين يعلنون أنهم مع الثورة وكل تصرفاتهم ضد الثورة، وكان له دور عظيم مع الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم، ودخل فى تفاوضات للتهدئة فى أحداث كثيرة كان من بينها أحداث شارع محمد محمود.. كان حريصا دائما على أن يكون حاضرا فى الأحداث ليرى بعينه ما يحدث. لا ينتظر أن تأتيه المعلومات المغلوطة من أصحاب الأغراض والمنافقين والموالسين وهو جالس على مكتبه.
 كان يصدق نفسه ويرى أن مصر قبل 25 يناير غير ما بعد 25 يناير.. وأن هناك قوى ثورية تريد أن تنقل مصر إلى ما تستحقه بين الأمم.. بتاريخها وجغرافيتها وبشرها من خلال الثورة العظيمة التى أبهرت العالم، وألهمت الكثير من الشعوب بالثورة ضد الطغيان والاستبداد والفساد.. وكان يعرف أيضا أن هناك قوى تريد السطو على الثورة سواء كانوا الذين يحكمون الآن.. أو قوى تريد أن تحكم خلال الفترة القادمة.. من خلال انتخابات عبثية وأن ينتهى الكلام عن الثورة.. وكان يعرف أن الأزهر لم يعد مطلوبا منه أن يكون مؤسسة تابعة للسلطة، وإنما أن يعود إلى ممارسة دوره المستقل فى هذه المرحلة.. ذهب الرجل كعادته فى أى أحداث عندما علم بفض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة والعنف، فأصابته طلقة رصاص حى من أعلى بنايات مجلس الوزراء ومجلس الشعب.. وتلك بنايات رسمية حكومية لا يمكن أن يدخلها أحد إلا بمعرفة قوات التأمين، والتى تسيطر عليها قوات الشرطة العسكرية والجيش وأمن المجلسين، وقد رأى الجميع المشاهد المصورة فى بث مباشر ماذا كان يفعل هؤلاء من أعلى تلك البنايات من رمى المعتصمين بالطوب والحجارة والزجاج بعد فض الاعتصام بالقوة وبالعنف.. ومع هذا يخرج علينا الذين يحكمون وقد تحولوا إلى مغتصبى السلطة والحكم، ويقولون إنهم لم يستخدموا العنف فى فض اعتصام مجلس الوزراء، كما ادعوا ذلك فى كل الأحداث السابقة.
 ينفي الحاكم العسكري، الذي يحكم بالحديد والنار، أن يكون قتل أحدا، والشهداء يتساقطون، يتهم الشهداء بأنهم بلطجية، ومعظمهم طلبة في الطب والهندسة، يكذب المجلس العسكري ولا يتوقف عن الكذب، فيما تتعامل الشرطة العسكرية مرة أخرى بـ«غشومية» مع المواطنين والمعتصمين السلميين.
 
ما حدث فى فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة.. وتلك الطريقة الهمجية، يذكرنا بما فعلته قوات الشرطة العسكرية نفسها، المساندة لقوات أمن الداخلية، فى ما جرى من أحداث ميدان التحرير يوم 19 نوفمبر الماضى، عندما فضوا مصابى الثورة المعتصمين فى الميدان.. وتم الضرب بعنف وغشومية وهمجية للمواطنين العزّل.. ووصل الأمر إلى القتل.. وجر الجثة إلى صندوق القمامة.. وهو المشهد الإجرامى الذى لن يمحى من ذاكرة المصريين، بل والإنسانية جميعا.
 لكن لم تتم محاسبة أحد على هذه الأفعال الإجرامية، التى استمرت بعد ذلك عبر شارع محمد محمود، وفى ميدان التحرير، بعد أن أثّر هذا الحدث على الناس، فنزلوا بمئات الآلاف، ليعود الميدان إلى موجة جديدة من الثورة.
 ومع هذا استمر التعامل الهمجى من قوات الجيش والشرطة «فقد أصبحوا يدا واحدة ضد الشعب والثوار»، فأطلقوا الرصاص المطاطى والخرطوش والحى، والقنابل المسيلة للدموع، بل وصل الأمر إلى تحويلها إلى حرب كيماوية، من نشر غازات سامة ومحرمة دوليا، عبر شارع محمد محمود وميدان التحرير والشوارع المجاورة.
السادة الجنرالات فى المجلس العسكرى ليست لهم علاقة بالديمقراطية، ومعهم الجنزورى «وهو رجل سلطوى، ووزير داخليته صاحب فضيحة مذبحة فض اعتصام اللاجئين السودانيين بميدان مصطفى محمود»، ولا تنسوا اللواء حمدى بدين وقيادته الفشل العظيم فى أحداث ماسبيرو وأحداث 19 نوفمبر فى التحرير وشارع محمد محمود، واستعانوا جميعا «المجلس العسكرى ورئيس الحكومة وشرطة اللواء حمدى بدين»، بخبرات اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، لفض اعتصام الثوار السلميين أمام مجلس الوزراء على طريقة فض اعتصام اللاجئين السودانيين بميدان مصطفى محمود عام 2005.
يا أيها الذين فى المجلس العسكرى: اللى اختشوا ماتوا.
المجد للثورة

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.