برلمان

المركز أطلق أول تقاريره النوعية حول العملية الانتخابية
اتجاهات: الاستقطاب بين التيارين الإسلامي والليبرالي مؤثر رئيسي في حشد القواعد الانتخابية

*أعداد المرشحين في 2009 هي  الأقل منذ  انتخابات 1963 


*تدني الثقة في العملية السياسية وراء الانخفاض في إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع في انتخابات 2008 و2009 





*القوى السياسية وضفت الانتماءات القبلية والعائلية لصالحها لأنها شكلت محددات رئيسية للسلوك التصويتي في بعض الدوائر 



 

أطلق مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث الذي يترأسه “خالد المضاحكة” أول تقاريره النوعية المتعلقة بمسار العملية الانتخابية في البلاد ، وخصص تقريره الأول عن المحددات الحاكمة للمشاركة السياسية، ترشيحا وانتخابا، في انتخابات مجلس الأمة الماضية حيث تعد الانتخابات سواء كانت بلدية أو برلمانية من المرتكزات الأساسية للتحول نحو الديمقراطية، باعتبار أن الانتخابات الدورية النزيهة هي إحدى وسائل المشاركة السياسية.


 

واوضح “اتجاهات” ان المشاركة في الانتخابات البرلمانية الكويتية تعد أداة لحسم المتناقضات والصراعات القائمة في المجتمع، ومحاسبة شاغل السلطة (سواء في الوزارة أو البرلمان) بشكل دوري، وأيضا ضمانة لتقاسم السيطرة على السلطة بين القوى السياسية المتنوعة والتيارات الفكرية المختلفة وفقا لأوزانها النسبية. 



واكد التقرير ان الكويت شهدت على مدار السنوات الأخيرة، انتخابات برلمانية متلاحقة، حيث لم يكمل مجلس الأمة مدته القانونية البالغة أربع سنوات، خلال أدوار الانعقاد من 2003 وحتى الأن، إلى الدرجة التي دعت بعض التحليلات إلى إطلاق “مواسم الانتخابات” على هذه المرحلة، والتي اتفقت على أن هذه الانتخابات أحدثت تغييرا معينا وإن تحفظت بعضها على مدى التغيير.



المشاركة الانتخابية

تقاس درجة المشاركة السياسية بعدد من المؤشرات، التي ترصد أعداد المرشحين، وعدد القوى والكتل السياسية المشاركة في الانتخابات، وعدد الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية، وإجمالي الأصوات، ونسبة الإدلاء بالأصوات، والأصوات الباطلة، والأصوات الصحيحة.

كما أن قرار المشاركة للناخب الكويتي من عدمه لا يعود إلى الالتزام بمقاطعة أو مشاركة التيارات السياسية بقدر ما يرتبط بالقرار الشخصي للفرد بالخروج من المنزل والذهاب لصناديق الاقتراع إدراكا منه لأهمية الحدث أو لامبالاة منه بما يجري.



اعداد المرشحين

وفيما يتعلق بعدد المرشحين في انتخابات مجلس الأمة على مدار ما يقرب من خمسة عقود، فقد تزايد، في أغلب الأحيان، من انتخابات سابقة إلى انتخابات لاحقة، وفقا لطبيعة البيئة الداخلية الخاصة بدولة الكويت. فقد بلغ عدد المرشحين في المجلس التأسيسي 1962 (73 مرشح) والمجلس الأول 1963 (205 مرشح) والمجلس الثاني 1963 (202 مرشح) والمجلس الثالث 1971 (222 مرشح) والمجلس الرابع 1975 (257 مرشح) والمجلس الخامس 1981 (447 مرشح) والمجلس السادس 1985 (261 مرشح) والمجلس السابع 1992 (278 مرشح) والمجلس الثامن 1996 (230 مرشح) والمجلس التاسع 1999 (491 مرشح) والمجلس العاشر 2003 (246 مرشح) والمجلس الحادي عشر 2006(249 مرشح) والمجلس الثاني عشر 2008 (272 مرشح) والمجلس الثالث عشر 2009 (211).







نسب المشاركة

اوضح “اتجاهات” ان نسب المشاركة التصويتية في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الكويت منذ استقلالها، تعد من أعلى المعدلات في المنطقة العربية. فقد بلغت نسبة المشاركة في التصويت في انتخابات المجلس التأسيسي (90%) والمجلس الأول (85%) والمجلس الثاني (67%) والمجلس الثالث (52%) والمجلس الرابع (60%) والمجلس الخامس (90) والمجلس السادس (85%) والمجلس السابع (83%) والمجلس الثامن (82%) والمجلس التاسع (81%) والمجلس العاشر (80%) والمجلس الحادي عشر (77%) والمجلس الثاني عشر (60%) والمجلس الثالث عشر (58%).







وبالتدقيق في هذه النسب، يمكن إبداء عدد من الملاحظات بشأن حالة المشاركة السياسية في الكويت، سواء ترشيحا أو انتخابا، على نحو ما توضحه النقاط التالية:



(*)المتوسط العام لنسبة المشاركة التصويتية في انتخابات مجلس الأمة الكويتي يتراوح ما بين 80% و85%، وهي نسبة مرتفعة تعود إلى أن البرلمان هو المحرك الرئيسي للتعاطي المجتمعي مع العمل السياسي والتطور الديمقراطي. 



(*) الارتفاع الكبير في أعداد الناخبين مقارنة بالعدد الذي سجل في انتخابات أول مجلس أمة عام 1963. فبعد أن كان عدد الناخبين يقارب الـ 17 ألف ناخب في عشر دوائر انتخابية ازداد ليصل إلى حوالي 400 ألف ناخب وناخبة في خمس دوائر انتخابية يصوتون لانتخاب 50 عضوا، بينما كان عدد الدوائر الانتخابية بين عامي 1981 و2006 هو 25 دائرة.



(*) الانخفاض الملحوظ في أعداد المرشحين خلال أخر انتخابات نيابية 2009، حيث بلغ عددهم 211 مرشح بمن فيهم 16 مرشحة، وهو أقل عدد منذ العام 1963.



(*) لازال الإقبال الضعيف على المشاركة الانتخابية مستمرا في هبوطه منذ حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية في 16 مايو 2005. فقد شهدت انتخابات 2008 تراجعا كبيرا، وكذلك انتخابات 2009، حيث لم تصدر أي إحصاءات رسمية بهذا الخصوص من قبل وزارة الداخلية، إلا أن معظم القراءات تشير إلى أن الإقبال لم يتعد 58 بالمئة، وهي من أقل معدلات المشاركة منذ الحصول على الاستقلال في بداية عقد الستينات من القرن العشرين. لعل هناك سببين لهذا الانخفاض الملحوظ في نسبة الإقبال على التصويت:



السبب الأول، هو أن الناخبات في كل الانتخابات كان لديهن أقل نسبة إقبال، ولم يسعين إلى التصويت، الأمر الذي يمكن إرجاعه إلى مواجهة المرأة لظرف استثنائي تطلب منها دخول المعترك الانتخابي من دون جاهزية أو حتى توافر دافعية.

 

السبب الثاني، يتمثل في تدني الثقة في العملية السياسية من ناحية، وإخفاق المستقلين أو حتى الكتل السياسية المنظمة، في جذب الناخبين من ناحية ثانية، فضلا عن الممارسات السلبية سواء من جانب وزراء في الحكومة أو أعضاء في البرلمان والصدامات المتكررة بينهما، والتي أدت إلى إعاقة متبادلة سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى الاقتصادي التنموي.



(*) اختلاف أولويات الناخب الكويتي من مشاركته في انتخابات مجلس الأمة من مرحلة لأخرى، وفقا لنوعية القضايا المثارة على الساحة الداخلية، ومنها زيادة الرواتب والحد من ارتفاع الأسعار، الرعاية الصحية، النهوض بالتعليم، القضية الإسكانية، إسقاط القروض، حل مشكلة البطالة، الاهتمام بالموارد البشرية، التنمية الاقتصادية، محاربة الواسطة والفساد الإداري وتطبيق القانون، الاهتمام بقضايا الشباب والرياضة، حل مشكلات غير محددي الجنسية (البدون)، تطوير المرافق والبنية التحتية، حل المشكلات المرورية، القضاء على تجار الإقامات وحل مشاكل العمالة الوافدة، الاهتمام بالمعاقين والمتقاعدين، الحفاظ على الوحدة الوطنية، تحقيق الأمن ومكافحة الجريمة، التعاون بين السلطتين، وحماية المال العام، وغيرها من قضايا الرأي العام.



(*) إن ما يسمى بـ “الأغلبية الصامتة” هي التي تحسم معدلات الإقبال على المشاركة في انتخابات مجلس الأمة، نظرا لغيابها كطرف عن ساحات المواجهة السياسية بين الحكومة وقوى المعارضة تحت قبة المجلس. ومن ثم، فإن النسبة العالية لمشاركة الناخبين الكويتيين ترتبط طرديا بنسبة التغيير المرتفعة في تركيبة مجالس الأمة المتعاقبة، وهو ما يظهر جليا في حالة إجراء الانتخابات وفقا لنظام جديد، وكذلك وجود مزاج عام في أوساط الناخبين يدفع في اتجاه التغيير.



أسباب كثافة المشاركة الانتخابية

يمكن تفسير الكثافة في المشاركة التصويتية في أغلب انتخابات مجلس الأمة، استنادا إلى العوامل التالية:


(*)الاستقطاب السياسي الذي تقوده الكتل السياسية، وخاصة بين التيارين الإسلامي والليبرالي، يمثل الملمح المهيمن على تفاعلات المشاركة السياسية حيث كان للاستقطاب الأثر الفعال في تجنيد القواعد الشعبية لتلك الكتل للمشاركة في الانتخابات.



(*) الانتماءات القبلية والعائلية شكلت محددات رئيسية للسلوك التصويتي للكويتيين خلال الانتخابات البرلمانية، وبدلا من أن تسهم القوى السياسية في التخفيف من حدة هذه الانتماءات، اتجهت إلى توظيفها وأخذها في الاعتبار عند اختيار مرشحها.



(*) غياب ظاهرة مقاطعة بعض قوى المعارضة السياسية في الكويت للانتخابات البرلمانية، التي شهدتها تجارب عربية أخرى


(*) التطور المتلاحق للتجربة البرلمانية في الكويت رغم المآخذ عليها والانتقادات الموجهة إليها، يعطي دفعة للمواطنين للمشاركة في الانتخابات الدورية، لأن غياب المشاركة تعني عدم المشاركة في بناء الديمقراطية وتطور الوطن.



سبل تفعيل المشاركة الانتخابية

هناك العديد من السبل التي يمكن عبر تبنيها الارتقاء بالمشاركة في العملية الانتخابية ومنها، استعادة ثقة المواطن الكويتي في العملية السياسية باعتبارها من المتطلبات الضرورية لدفع المشاركة السياسية، وهذه مسئولية مختلف الكتل السياسية وقوى المعارضة وتنظيمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. كما أن ثمة ضرورة لإعادة النظر في التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية، بحيث تتساوي إلى حد كبير نسبة الناخبين المسجلين إلى عدد ممثليهم في كل دائرة من دوائر الدولة. والأكثر من هذا الخيار وذاك التبني المجتمعي في الكويت للنهج الديمقراطي، فإذا كانت  الديمقراطية متطلباتها وأبعادها المؤسسية القانونية والسياسية، فإنه لا يقل أهمية عن ذلك، بل يأتي في مقدمته، وجود قوى سياسية واجتماعية تؤمن بالديمقراطية وتعمل من أجل ترسيخ مقوماتها وقواعدها، بحيث تصبح كنموذج يحتذى به من جانب قطاعات عريضة من الرأي العام الداخلي، تدفعه إلى المشاركة في العملية الانتخابية.



أعداد الناخبين والمرشحين في انتخابات مجلس الأمة “1963 – 2009”