كتاب سبر

العمل الخيري والجمعيات السياسية!!

من الأمور التي دعت إليها الفطرة فضلا عن الأديان هي أعمال الخير ومساعدة الناس، فالنفوس التي بقيت على فطرة الله ولم تتسخ بأدران الفساد تجد نفسها تنساق خلف إغاثة الملهوف وإعانة المنكوب دون تردد.
والعمل الخيري ليس كما يصوره البعض ويختزله فقط في التبرعات المالية وبناء المساجد وحفر الآبار وبناء المدارس، وإن كانت من أعظم الأعمال الخيرية، فالعمل الخيري اوسع من ذلك بكثير، فالكلمة الطيبة عمل خيري وتبسمك في وجه أخيك عمل خيري، وإزالة الأذى عن الطريق عمل خيري، وكف شرك عن الناس عمل خيري كذلك.
والناس تتفاوت هممها في عمل الخير؛ فمنهم مكثر ومنهم مقل، ومنهم من نذر نفسه لعمل الخير.
والحقيقة أن الذي يوقف حياته ويستنفد شبابه وعمره المديد في عمل الخير هو الرابح الأكبر، وهو المستفيد، فالله جل وعلا غني عن العباد، ولن ينال الله نفعًا أو فائدة، وإنما هي بذور خير زرعها فاعل الخير وسيجني ثمارها آجلا أوعاجلا.
ولكن مع الأسف هناك سلبيات طرأت على العمل الخيري المنظم، ومنها أن بعض الجمعيات التي أنشئت لعمل الخير ومساعدة المحتاج انحرفت عن هذا المسار، وباتت اهتماماتها السياسية تفوق اهتماماتها الإنسانية، وأخذت تلعب بأموال الناس بغير وجه حق، مما أضعف همم كثير من الناس الراغبين في الخير عن عمل الخير عن طريق هذه الجمعيات، لما يسمع ويرى من تجاوزات غير مشروعة تمارسها بعض الجمعيات.
ولا يتحجج أحد بأن فاعل الخير يعطى على نيته، فهذا أمر مسلم لدينا، ولكن النفوس البشرية لا تستطيع ان تنفصل عن المعطيات التي حولها ولا تستطيع ان تقتل مشاعرها وتفاعلها مع ما يحدث حولها، فهي لها قدرة معينة لا تستطيع تجاوزها كما قال البارودي:
                                       ومن البلية أن يسام أخو الأسى…….. رعي التجلد وهو غير جماد!
فالناس عندما يكثر الكلام عن انحرافات بعض الجمعيات ستتخذ لا محالة آجلا أم عاجلا موقفا سلبيا تجاه هذه الجمعيات، ولن تساهم في أي تبرع لهذه الجمعيات؛ لأن الناس إذا لم يروا مردودًا إيجابيًا لأعمالهم الخيرة ستضعف نفوسهم كما قال عنترة:
                                       نبئت عمرا غير شاكر نعمتي… والكفر مخبثت لنفس المنعـــــــــم
والواقع اليوم أكبر شاهد، فكم سمعنا ورأينا أناسًا عزفوا عن بناء مسجد وحفر بئر، بحجة أن هذه الجمعيات غير صادقة، ولا حول ولا قوة الا بالله.
عبدالكريم دوخي المنيعي
تويتر:a_do5y