آراؤهم

العجمي والحضري

يحكى ذات يوم ان فهيد العجمي ذاك الشاب البسيط ابن تلك القرية الجميلة المتواجدة على ضفاف الوادي وتسمى مليجه تعرف على احمد ( الحضري ) وهو الشاب الخلوق والمؤدب والذي يسكن في منطقة العديلية ،
اختلافهما الثقافي والفكري لم يمنع من احترام كل منهما للآخر وفي كل حوار يدور بينهما تجد ان كل شخص ينصت ويستمع لطرح الآخر،
فالحضري يستمع لفيروز وراشد الماجد في حين فهيد يعشق نواف منيف وخالد عبدالرحمن.
وعندما يتناقشان تجد فهيد يسأله عن الزبيدي وعن مذاقه واحمد يستفسر منه عن المفطح وطعمه.
الى ان اتى ذاك اليوم وقام احمد بدعوة فهيد لتناول الغداء  بمنزله ليجرب الزبيدي ويحكم بنفسه فما كان من فهيد الا ان وافق بكل سرور ولم يكن يعلم ما ينتظره هناك.
بداية المشاكل كانت عندما استغرق البحث عن العديلية ثلاث ساعات ، فلا هي قريبة من ام الهيمان ولا هي مقابل الرقة عند ( الجماعة)
وبعد جهد بالبحث وجد المنزل ودخل ليجد ذاك الورد المصفف في بهو المنزل والذي يقابله نخل محترق امام منزله في ام الهيمان.
جلس فهيد متحفظاً بعض الشيء فهو لا يستطيع ان يقول ( ديايه ) ولا ( سمچ ) ففضل الاستماع.
وعندما حان موعد الغداء حدثت الكارثة التي ابكت فهيد وكادت ان تصيبه بالجلطة .. نعم هو سيأكل على مائدة طعام كما يراها بالأفلام وليس مفترشاً الارض و( يديها بالخمس ) والكارثة الاكبر هي الشوكة والسكين التي بجانب الصحن والتي حاول ان يراهم كيف يستخدمونها ولكنه فشل فما كان منه الا ان تحرر من خجله وحذف الشوكة والسكين وتربع جالساً على الكرسي وشمّر عن اكمامه قائلاً:
اسمحوا لي فأنا ابن تلك القرية البسيطة ولم نتعلم ثقافة التصنع فاتركوني على طبيعتي فأنا لا احسن استخدام المعادن ( الغثيثة) اثناء الاكل .. ومد يمينه بجبروت  قائلاً:
( هذي سمكتكم .. راح انتفها لكم )
فما كان من الجميع الا ان ضحكوا بل ورموا الشوكة والسكين وتمتعوا بثقافة فهيد واكتشفوا لذة الاكل ومتعته بتطبيق ثقافة ابن الوادي .
الشاهد
 ان الانسان لن يصل لقلوب الآخرين ان تصنع وعكس صوره ليست صورته الحقيقية فمهما كانت ثقافتك متواضعة ولكن تصرفك بطبيعتك يُكسبك احترام كل من حولك لأنك حينها ستكون انت وليس كما هم يريدونك ان تكون
وللأسف مجتمعنا الآن يعاني هذا المرض المتفشي بالعلاقات الاجتماعية فتجده يعكس صورة ذاك الشاب المنحدر من تلك الأسرة المخملية معتقداً انه سينال اعجاب الآخرين
والحقيقة ان الانسان بطبيعته يفرض احترامه في المجتمع فلا يهم ان تكون ثري ولا ابن ذاك الرجل المهم ولكن الاهم ان تكون ذاتك وتعكس صوره لداخلك تتوافق مع طبيعتك وحينها سترى كيف يحترمك الناس بل ويحبون مجالستك
حتى الاشخاص الذين يميلون للحياء والسكوت طويلاً مستمعين للحديث ولا يشاركون الا بقليل من المداخلات تجدهم هم الاكثر قبولاً بيننا ليس لانهم تصنعوا بل لانهم حافظوا على طبيعتهم الهادئة
فهيد وُلد وترعرع في مليجه ومازال ناجحاً بحياته الاجتماعية رغم بساطة ثقافته وذلك لأنه يعكس تلك البيئة التي تربى بها ولم تغيره حداثة المدينة ولا تقدم التكنولوجيا ورغم اختلاف الثقافة بينه وبين احمد الا ان احترامهم لذاتهم جعلهم يلتقون فكرياً وانسانياً  فالعلاقات تحتاج لاحترام متبادل حتى تنجح حتى لو اختلفنا فكرياً .. ليس الاهم ان نتشابه باللهجة والمذهب والاصل بل الاهم ان يحترم كل منا الآخر
إضاءة :
من قاموس فهيد
يا ويل أمها : كلمه يقولها العجمي عندما لا يعجبه حديث الشخص الذي امامه قاصداً الاستهزاء به .. مثال :
منصور : سأقضي اجازة الصيف في باريس
فهيد : يا ويل امها .. وشنا خابرين يا ولد الصرار
آخر السطر :
ماذا حدث عندما ذهب احمد لمليجه لزيارة فهيد وما الذي كاد ان يوقف قلبه … كل هذا سنكشف مع قادم الايام
دويع العجمي
@Lawyeralajmi