اقتصاد

من 10 مليارات دولار إلى3.6 وسط تراجع الموقعين السياسي والاقتصادي للعائلة
ثروة “الخرافي” تتقلص الى “الثلث”

* المجموعة تنشر نفيا في صحف كويتية غدا..رغم عدم اعتراضها من قبل على قوائم “فوربس” 

*لعنات سياسية و حسد اجتماعي عانت منهما ” الخرافي”  

*هناك ملاءة مالية للمجموعة لوجود شركات تشغيلية رابحة  

قد يكون اللافت في قائمة أكبر عشرين ملياديرا عربيا لسنة 2012 الذي نشرته  مجلة “فوربس” العالمية اليوم، هم الأغنياء الذين حلوا في المرتبة الاخيرة في القائمة، حيث توزعت المرتبة العشرين بين الاخوة الكويتيين الثلاثة: فوزي وجاسم ومهند الخرافي بثروة 1.2 مليار دولار لكل منهم، أي بمجموع 3.6 مليارات دولار. 

والاخوة هم اشقاء الملياردير الراحل ناصر الخرافي، رئيس مجموعة الخرافي السابق الذي توفي في 17 ابريل من العام الماضي عن عمر ناهز 67 عاما، تاركا خلفه مجموعة استثمارية ضخمة لأولاده ولأشقائه وابنائهم، وبثروة قُدرت بـ10.4 مليارات دولار حسب قائمة فوربس لعام 2011.
تفكك الثروة
وانتشر الخبر سريعا في الكويت عقب نشر هذه المعلومات، حيث فُسر على ان ثروة العائلة تفككت بين الاشقاء والابناء، اذ أن الظاهر منها هو 3.6 مليارات، أي أن هناك ما لا يقل عن 6 الى 7 مليارات دولار، ربما توزعت بين الورثة، في حال لم يؤخذ بعين الاعتبار تراجع الثروة أو تزايدها بين 2011 و2012.
وكانت بورصة الشائعات لاحقت العائلة الاكثر شهرة وصاحبة النفوذ في السياسة والاقتصاد منذ وفاة ناصر الخرافي، حيث توقعت أن تظهر خلافات عائلية بين اولاد العم على خلفية كيفية احتساب التركة، لكن كبير العائلة الان جاسم الخرافي، استطاع أن يجمع الاسرة في مجلس عائلي يتكون من خمسة من كبار العائلة (البعض يرجح سبعة)، حسب ما قالت مصادر قريبة من العائلة.
تراجع سياسي
لكن في المقابل خسر جاسم موقعه السابق كرئيس لمجلس الامة بعد أن استمر فيه منذ العام 1999 حتى السنة الماضية، اذ لم يترشح للانتخابات البرلمانية الذي جرت الشهر الماضي (2 فبراير 2012)  في الكويت، بعد أن ترددت معلومات أن جاسم ينوي التفرغ لادارة مجلس العائلة واعمال المجموعة بقبضة واحدة كما كانت على أيام اخيه الراحل ناصر.
غير أن معلومات أخرى انتشرت ان سبب عدم ترشح جاسم الخرافي هو خروج  الشيخ ناصر المحمد من الساحة السياسية بعد ان ترأس سبع حكومات متتالية منذ العام 2006، شكل خلالها الخرافي والمحمد ثنائيا سياسيا ناجحا، حيث واجها قضايا سياسية معقدة.
وكانت صحيفة القبس الكويتية نشرت في أغسطس الماضي معلومات تفيد بأن نوابا من البرلمان السابق، اودعوا ملايين الدنانير في حساباتهم من دون أن يكشفوا عن المصادر التشغيلية لهذه الاموال. وعقب ذلك، تصاعدت الضغوط الشعبية لحل مجلس الامة واسقاط الحكومة بعد أن حولت بنوك كويتي النواب الى النيابة العامة.

اعتراض!
وفي المحصلة، ادى فقدان الخرافي لرئاسة البرلمان الى ظهور مؤشرات أن عائلة الخرافي تراجع نفوذها السياسي المباشر، بعد أن تراجع نفوذها الاقتصادي برحيل ناصر الخرافي، لتأتي قائمة “فوربس” اليوم وتضع المجموعة في ترتيب متأخر عربيا بعد أن كان ناصر الخرافي وعلى مدار السنوات الاربع الماضية في المراتب الثلاثة الاولى عربيا.
ورغم أن ثروة العائلة تراجعت في سنة الازمة المالية من 14 مليار دولار في 2008 الى 8.1 مليار في 2009 ثم 8.7 في 2010، الا أن المجموعة بقيت  محافظة على موقعها العربي وحتى العالمي، اذ أن ناصر الخرافي احتل المراتب 43 و54 و77 و77 عالميا منذ 2008 حتى 2011 تباعا، لكن جاء ترتيب اشقائه الثلاثة في المرتبة   1015 عالميا  في القائمة حيث توزعت المرتبة بينهم ايضا.
ورغم أن مصادر مقربة من المجموعة اعترضت اليوم على هذه الارقام، وستنشر المجموعة نفيا لها  في صحف كويتية غدا، الا أن ذلك سيفتح، حسب مصادر مصرفية، شكوكا اكبر حول المجموعة التي لم تعترض على قوائم “فوربس” في الاعوام الماضية،
“فلماذا الآن”؟ كما تتساءل.

سحر “فوربس”
لكن هناك من يرى أن ارقام “فوربس” غير دقيقة وتحتمل الشك، وانها ربما تبرم الصفقات لترفع تصنيفا هنا وتخفض هناك، وهي شكوك مشروعة طالما هناك تساؤلات حول اسباب وجود اعداد قليلة في قائمة “فوربس” من اصحاب المليارات من منطقة الخليج النفطي المصنف من اكثر المناطق ثراء في العالم.
وربما تكون مجموعة الخرافي من ضحايا “فوربس” في حال صدقت الشكوك.
لكن مهما كانت الاسباب، لا شك أن ثمة حقيقة في مكان ما حول التصنيف الذي يعكس واقعا سياسيا واقتصاديا معا تعيشه مجموعة الخرافي كما تعيشه مجموعات استثمارية اخرى اصابتها لعنة الازمة المالية، مضافا اليها لعنات سياسية وربما حسد اجتماعي عانت منهما مجموعة الخرافي التي ادى نجاحها التاريخي من ناحية، وذكاء ناصر الخرافي من ناحية اخرى، ونفوذ جاسم الخرافي السياسي من ناحية ثالثة، الى ظهور معارضة نيابية وشعبية واسعة ضدها في السنوات الاخيرة، وربما هذا نصيب المجتهدين.

معارضة صفقات
وتركزت المعارضة على المشاريع الحكومية في مجالات المقاولات (نفطية، بنية تحتية، الخ..) التي فازت فيها المجموعة، رغم كفاءتها وضخامة اعمالها وتاريخها الطويل.  وربما ما رفع من وتيرة المعارضة اخفاق المجموعة في مشروع استاد جابر الضخم والمنتظر عند الكويتيين منذ سنوات، بعد أن  ظهرت فيه مشاكل فنية، بررتها المجموعة لاحقا. والحال نفسه تكرر في مشاريع اخرى، بعضها في النفط، تأخر تسليمها وارتفعت تكلفتها على المال العام فارتفعت الاصوات النيابية المعترضة والمطالبة بفتح تحقيقات.
من ناحية أخرى، اخفقت المجموعة في صفقات متتالية لبيع ملكيتها في شركة زين للاتصالات المتنقلة، اكبر الشركات الكويتية، حيث ادار هذه الصفقات المهندس بدر الخرافي، عضو مجلس ادارة زين، وابن الراحل ناصر الخرافي، لكنه فشل في انجاحها، خصوصا في اولى هذه الصفقات التي وقع خلالها بدر اتفاقية مبدئية مع تحالف هندي-ماليزي تقوده شركة فافاسي، ليتبين لاحقا انها شركة شبه مفلسة وكان يمكن معرفة ذلك من خلال موقع “غوغل”.
لكن المجموعة تمكنت من بيع شبكة مجموعة زين في افريقيا وحققت ارباحا هائلة وزعت جزءا كبيرا منها على المساهمين وحققت ارباحا على حقوق المساهمين، غير ان فشل الصفقات الاخرى ادى الى خسارة سهم زين 50 في المائة من قيمته السوقية تقريبا منذ بدء الاعلان عن صفقات مرتقبة للبيع. ولا شك انعكست هذه الخسارة على ثروة المجموعة، وربما تبرر بعض من تراجُع ترتيب العائلة في قائمة “فوربس”. وترددت معلومات أن التقييم الحالي للسهم يقترب من سعر رهن اسهم المجموعة في احد المصارف الكويتية مقابل قروض بملايين الدنانير (الرقم المتداول بين 700 و900 مليون دينار) سبق أن اقترضتها المجموعة لتوسعة اعمالها لمصلحة “زين” وغيرها من الشركات.
ملكيات ناجحة
وتملك المجموعة ملكيات في شركات اخرى ناجحة في الكويت والعالم العربي، وتتوزع في قطاعات خدمية ومصرفية واستثمارية وعقارية ونفطية وطاقة وسياحية واعلامية وبنية تحتية ومطارات واتصالات، وابرز هذه الملكيات في بنك الكويت الوطني، اكبر بنك كويتي، حيث تحجز المجموعة مقعدا في مجلس الادارة تسلمه لؤي جاسم الخرافي، الذي يعتبر الشخصية الثانية في العائلة حاليا، واحد المعترضين على صفقة بيع زين السعودية، احدى وحدات مجموعة زين، حسب المصادر.
وهناك شركة اميركانا وهي من الشركات الغذائية الضخمة والناجحة يقودها مرزوق ابن الراحل ناصر الخرافي.
وبصرف النظر ان تم الاتفاق على الارقام المليارية من عدمها، لا شك ان هناك ملاءة مالية للمجموعة، نظرا لوجود شركات تشغيلية رابحة، وحتى لو كان بعضها منكشفا في دول الربيع العربي حيث المعادلات القديمة تتغير، تماما كما تغير بعضها في الكويت.

 @boumeree