آراؤهم

مطار الكويت على جناح العقبات

المطار مرفق حيوي لأي كيان، ينقل البشر والشجر والحجر، يشكل محورا مدنياً بذاته، يولد فرص عمل ويجذب المستثمرين، منه تنطلق خطط النقل والمواصلات، وعليه ترتكز خطط التوطين والتنمية. وهنا أسأل: أليس حرياً بنا ان نوليه اهتماماً خاصاً؟ الا نحتمل ان نتريث قليلاً عند التعاطي مع هذا المرفق الحيوي؟
بالأمس القريب طالعتنا الصحف بخبر اعتزام الحكومة الرشيدة طرح مناقصة لتطوير مطار الكويت ليستوعب 25 مليون مسافر سنوياً بكلفة تقديرية 900 مليون دينار! ولابأس في تطوير مطار الكويت الدولي حيث ان المشروع -كفكرة- مستحق، -وإن كان لدي تحفظ على حجم المطار إذ لا أرى هذا الكم من المسافرين ولم أر الأرقام التي استند إليها مدير مشروع المطار- ولكن اود ان اسلط الضوء على زاوية اخرى لمشروع تطوير المطار.
الرؤية -كما قرأت وقرأتم- هي بناء مطار يستوعب 25 مليون راكب سنوياً بخلاف الشحن الجوي والنقل الخاص والاستخدام العسكري ورحلات التشريفات. ومعطياتنا هي ان المطار يشكل وريدا حيويا للدولة بل هو نقطة استقبال ووداع ضيوفنا، وايضا مطار الكويت هو احد ركائز النظام الاقتصادي كونه الميناء الجوي، ناهيك عن توظيفه للآلاف من أبناء الوطن. وعليه ليس هناك من يشكك في ضرورة تطويره! لكن أود إمعان النظر قليلاً في خطة تطوير المطار. 
الصورة التي أراها ان مخطط تطوير المطار بالشكل الحالي سيكون عائقا للتنمية وبؤرة لمشاكل الازدحام والضوضاء والأمن العام!
نبدأ بالأمن العام؛ بدون أدنى شك، فإن مدرج المطار حالياً مكشوف لطريق صبحان، فهل تأمنون مخربا يحمل آر بي جي على كتفه ليسقط طائرة؟ ام سيتم نقل المدرج الى جهة منطقة العباسية ليأخذ المخرب موقعاً أفضل من على سطح عمارة؟ او ستُحل المشكلة بإزالة العباسية وإغلاق خط صبحان؟
وماذا عن جانب الضوضاء؟ في الوضع الحالي والمطار غير مطور، فإن إزعاج الطائرات يجعل مناطق خيطان والفروانية والزهراء وغيرها تعاني صداعا نصفيا مزمنا، فكيف اذا تم التطوير والطائرات تشيل وتشدخ فوق أدمغة العباد بالثواني اقلاعاً وهبوطاً؟ ارى هنا مشروع أزمة مشابها لأزمة تلوث الأحمدي. هل سيتم صرف سدادات أذن للمواطنين ام سيتم تثمين تلك المناطق وإعادة تهجير سكانها؟ 
جانب الازدحام هو الاكثر وضوحاً. تصور 25 مليون راكب غير مودعيهم ومستقبليهم واطنان البضائع المطلوب نقلها وارتال الذخائر والمؤن والعسكر متوجهين من والى المطار ناهيك عن المواكب الرسمية وإغلاق الشوارع ويضاف الى ذلك استعمالات الشوارع لمناطق صبحان والمناطق السكنية الاخرى! تخيلت الصورة؟ لا تعليق!
الجانب الاخير في تفكيري المتواضع هو جانب التنمية، وهو الجانب الذي يظل الجوانب الاخرى تحت جناحه..
التنمية هي فتح الآفاق..
ضع تحت الجملة السابقة 7 خطوط احدها بماء الذهب! 
لماذا لا نعطي المطار دوره التنموي؟ لماذا نهمش المطار ونجعله مرفقاً عادياً نحاول اتقاء شره ولا نؤديه حقه لنحصد خيره؟ اقول لماذا لا نجعل المطار محوراً أساسياً للاقتصاد والتنمية؟
تصور لو جُعل مطار الكويت موقعاً قائماً بذاته، ألن يحتاج الى ان يكون حواليه فنادق ومطاعم وأسواق؟ ألن يكون هناك ورش وخدمات لهذه المرافق؟ ألن يكون هناك منطقة سكنية قريبة للعاملين في المطار 
ومرافقه؟ ألن يكون هناك … و … و … ؟
ان مطارا بسعة 25 مليون راكب حري به ان يكون بؤرة استيطان ذاتية التنمية وبدون تدخل حكومي فلماذا نقتل هذه الفرصة الذهبية ونحن أحوج ما نكون لبناء مدينة جديدة ناهيك عن مطاراً جديداً!
ألن يكون نقل المطار فرصة لمراعاة الجوانب الامنية للمطار بدلاً عن الانكشاف الأمني الحالي؟ أو على الاقل نرحم راعي الهمر العسكري من الوقفة فوق جسر صبحان؟ ألن يكون نقل المطار فرصة لمراعاة الضوضاء الغير مرغوبة؟ ألن يكون انشاء المطار في مكان جديد فرصة لتصميم الطرق المؤدية اليه بما يراعي احتياجات المطار لا الترقيع الذي دأبنا عليه؟ 
عام 99 كنت في طريقي الى امريكا بواسطة الطيران اليوناني، وكان الترانزيت في مطار أثينا، هناك وجدت المطار عبارة عن شبرات كيربي! اندهشت وسألت موظفاً فأجابني ان المطار الجديد قيد الإنشاء.
أسوق القصة لأبسط امكانية نقل المطار الى قاعدة علي السالم الحالية وإستغلال المباني هناك كمباني مؤقتة ريثما يتم انشاء المطار الجديد في نفس القاعدة. ولمن لا يعرف موقع قاعدة علي السالم، فهي تقع على بعد 1 كم عن طريق الدائري السادس مقابل الجهراء من الجهة الغربية، ولماذا ذاك الموقع؟ لأنه أنسب من الموقع الحالي، فهو يقع على الدائري السادس الذي يربط الكويت من الصبية الى المسيلة وهو نفس الطريق الحالي الذي يقع عليه المطار، كما انه يتقاطع بموقعه مع الدائري الرابع الذي يخترق مناطق مكتظة مثل السالمية وحولي والجابرية، مما يؤدي إلى تقليل الزحمة، ويضاف الى ذلك وجود التفريعة التي توصلنا بالسالمي عند ذات الموقع، يعني راح نقدر نقول فعلاً: كل الطرق تؤدي إلى مطار الكويت الدولي.
أما بالنسبة للتشريفات فهناك اقتراحان؛ الأول هو ان تكون في علي السالم ويتم التخطيط لخط سير المواكب والثاني أن تكون التشريفات في ذات قاعدة علي السالم او قاعدة أحمد الجابر ويتم نقل الضيوف بطائرات عمودية كما هو الحال في العاصمة الامريكية. 
وأقول نقل المطار الى قاعدة علي السالم ليتم بالمقابل نقل مدينة المطلاع السكنية إلى منطقة المطار الحالي. 
وماذا عن مطار الكويت الدولي بمبانيه وقاعة التشريفات التي تكلفت الملايين؟ اقترح ان لا نجري عادتنا -الغير حميدة- بالهدم والإزالة، بل اقترح ان يتم تحويلها الى مجمعات تجارية او مرافق خدمية مع التعديلات البسيطة.
وللعلم فقد تم نقل المطار سابقاً من منطقة النزهة حالياً الى الموقع الحالي وعليه فليس هناك حرج دستوري من نقل المطار الآن.
بقي هناك ان اتطفل على حجم المطار المزمع انشاؤه ولست على دراية بتدرج نمو الطاقة الاستيعابية للمطار!
أليس حرياً بنا انشاء المطار حسب السعة الحالية والسعة المتوقعة للخمس سنوات القادمة مع تهيئة المبنى لاستقبال توسعات جديدة حسب المطلوب؟ عوضاً عن تفصيل ثوب كبير نذهب به للخياط يقصره، على أمل أنه بعد سنين نفتق الخياط ويصير قدنا! يعني بالعربي الفصيح؛ ماله داعي نسوي مطار وبعدين نسكر نصه على أبو إنه وايد عود! اقول ذلك وقد رأيت كيف تم التعاطي مع البوابة التي أعدت لاستقبال طائرة ايرباص 380 أم قاطين! فأرجو ان يكون المطار الجديد مشغولاً بالكامل لا جزئياً حتى لا ننصدم بأن مع نمو حركة الطيران وتقدم تكنولوجيا الطائرات ان الجزء المغلق والذي كلفنا ما كلفنا غير صالح للاستخدام من قبل طائرات جديدة حينذاك ذات 3 طوابق وسرداب!
وأخيرا؛ ارجو ممن قام بتصميم المطار ان يكون قد خصص موقعاً داخل المطار ليحوي متحفاً يحتوي على ذكريات المطارات الكويتية القديمة وذكريات الخطوط الكويتية ايام عزها وغير ذلك من تاريخ الطيران في الكويت. وايضاً ليكون المتحف ذا ميزة تفاعلية فلا بأس ان يحتوي ايضاً على مجسمات طائرات ومحاكيات طيران بما يسمح لنا ان ننتهز فرص الانتظار او حتى قصد المطار خصيصاً لترفيه ابناؤنا.
وكذلك لن يكون هناك ما يمنع من تشغيل رحلات ترفيهية بطائرات عمودية للتنزه في الأجواء الكويتية وزيارة أطراف وجزر الكويت بما يشكل فرصة استثمارية وعائد سياحي للاقتصاد المحلي.
Twitter: eng_qute
Email:eng.qutaibah@gmail.com