آراؤهم

إلا رسول الله

إلا رسول الله

مشاري ملفي المطرقة
انتفض العالم الإسلامي وخرج عن بكره أبيه معلناً إستنكاره ورفضه القاطع للإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال فيلم هابط وساقط أنتجه حفنة من المرتزقة الحاقدين على الدين الإسلامي وعلى الرغم من تأييدي الكامل لردة الفعل التلقائية التي عبر بها المسلمون عن غضبهم في مغارب الأرض ومشارقها إلا أنني أشجب بعض التصرفات الخارجة التي حدثت من قبل قلة مندسة وغوغائيين اعتدوا على بعض السفارات والقنصليات الأجنبية في دول عربية لدرجة أن الأمر وصل إلى حد إراقة الدماء مثلما حدث في ليبيا حيث تم قتل السفير الأميركي وأربعة من الدبلوماسيين رغم أن ديننا الحنيف لا يدعونا إلى ذلك حيث يقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى” وكان يجب أن يتروى هؤلاء ويعبرون عن غضبهم وسخطهم بطرق سلمية تؤكد سماحة الإسلام الذي يحض على الحب ويرفض العنف وكان على هؤلاء أن يتذكروا ما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام  قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)( الا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً، وانا محمد).
وما أود التركيز عليه هنا هو الدروس المستفادة من هذه الواقعة المشينة وفي رأيي أن هناك قضيتان يجب أن نسلط عليهما الضوء الأولى إذا كان الفيلم الساقط التافه قد أساء إلى رسولنا الكريم فإنه في الوقت ذاته أسقط معه أقنعة الحاقدين والمدعين الذين يستترون تحت راية حرية الرأي والفكر ويبثون سمومهم وحقدهم وكراهيتهم فقد تعاملت أمريكا مع الفيلم الرخيص الذي أساء للرسول الكريم كما تعاملت الدنمارك من قبل مع الرسوم الكاريكاتيرية الوضيعة والحقيرة التي تجنت على أشرف خلق الله بدم بارد يضرب بالقوانين عرض الحائط بل ويختلق الأعذار لمن قام بتلك الهجمة الشرسة  الأمر الذي يجعل آخرين يتجرؤون على تكرارها وأود أن أسأل هذه الدول التي تدعي الديمقراطية والعدالة وأنها تكيل بمكيال واحد ماذا لو أن تلك الإساءات قد تناولت قضية محرقة اليهود فكيف سيكون رد الحكومات الغربية وقضائها وكيف ستتعامل المنظمات الدولية تجاهها وكيف سيتصرف الغرب بمنظماته وجمعياته لقد سقطت أقنعتهم المزيفة وصدق فيهم قول الله عز وجل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ”(آل عمران) وعلى هؤلاء أن يدركوا أن عقيدتنا الإسلامية نبراسنا وترسنا ومحفورة في عقولنا ورسولنا الكريم متربعاً على قلوبنا ومهما دبروا من مؤامرات ومها فعلوا من مكائد فلن تنال من إيماننا لأنه راسخ مثل الجبال لا تزعزعه العواصف والرياح.  
أما القضية الثانية التي أود الإشارة إليها هنا فهي أن المسلمين يمتلكون الآن بعد أن هدأت الأوضاع فرصة ذهبية على اختلاف ألوانهم ولغاتهم في التعريف الصحيح بحقيقة الإسلام دين الحب والسلام فالكثيرون لديهم الرغبة في معرفة الحقائق التي تدحض الافتراءات والمزاعم التي جاءت في هذا الفيلم الساقط فنحن لا نحتاج إلى تخريب وأعمال عنف بقدر ما نحتاج إلى نشر رسائل الحب وندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنى ولنا في قصة إسلام النجاشي على يد جعفر رضي الله عنه مثالاً في ذلك حيث استطاع أن يوجه له خطاباً دعوياً بالغ الرقي يخاطب به ملكاً يدين بالنصرانية أدخله في الإسلام ببركة الحدث والوقت والخطاب فقال بعدها النجاشي يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان ما تزيدون على ما يقولون اشهد أنه رسول الله وانه الذى بشر به عيسى في الانجيل والله لولا ما انا فيه من الملك لاتيته فأكون أنا الذى أحمل نعليه وأوضئه وقال انزلوا حيث شئتم وأمر بهدية الآخرين فردت عليهما.  فالغرب اليوم لا ينتظر منا خطاباً يحمل في طياته انتقاصاً من دينهم وإساءة لأحبارهم ورهبانهم وهجوماً على معتقداتهم وأفكارهم وإنما خطاباً يبين لهم الحق من الضلال ويرشدهم إلى طريق الهدى ويقربهم من الدين الإسلامي.
وفي الختام أود المطالبة من أبواق الإعلام التي تشحن المسلمين وتوجههم إلى الطرق غير الصحيحة أن تكف عن ذلك وأن تتقى الله فيما تكتب وتذيع وعلى مشايخنا الأفاضل أن يوظفوا هذا الحماس والاندفاع لدى شباب المسلمين لما يخدم ديننا الحنيف وأن يردوا على الإساءات التي توجه لنا من خلال تقديم برامج تليفزيونية موثقة وكتب ومقالات مترجمة إلى مختلف اللغات الأجنبية لنصحح الأفكار المشوهة عن الإسلام لدى الآخرين .. وعلى الجميع أن يدرك أن الله سبحانه وتعالى هو الذي سينصر رسولنا الكريم وسيعذب من تجاسر عليه عذاباً أليما ..  اللهم احفظ ديننا وأوطاننا من الفتن وأعز الإسلام والمسلمين.