محليات

الأمير كلف الحكومة بإصدار مرسوم تعديل النظام الانتخابي

* حزين من نذر فتنة هوجاء توشك أن تعصف بوطننا وتقضي على وحدتنا وتشوه هويتنا وتمزق مجتمعنا
* إسفاف مقيت في لغة الخطاب وانحدار مشين في أخلاقيات التعامل
*خروج صارخ على القيم الموروثة والآداب المعهودة وفجور في الخصومة
*غلو في التطرف واستمراء لنهج الفوضى والشغب
*هل هذه هي الكويت التي كانت مثالا للتلاحم والتراحم والتكافل؟
*هل نسلم الراية لمن بعدنا عالية خفاقة أم ممزقة مجرحة مهلهلة؟
* الأزمات من صنع نفر  توسمتم فيهم خيرا وعقدتم عليهم الأمل ليشاركوا في مسؤولية مسيرتنا الوطنية
* كيف السبيل إلى الإصلاح والأزمات المفتعلة لا تبقي للمسؤولين جهدا ولا تذر لهم وقتا لمواجهة الأخطار الخارجية *هناك من يتعمد وضع العصي في الدواليب وعرقلة المسيرة يصر على فرض إرادته 

وجه سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الحكومة باصدار مرسوم يعالج نظام الدوائر الخمس جزئيا بما يحافظ على الوحدة الوطنية ويمنع تكريس الفئوية، كما وجه سموه توجيها بإصدار مرسوم انشاء اللجنة العليا للانتخابات.
وحذر سموه انه لن يسمح باي ممارسات تخل بأمن البلاد ، معربا عن الاسف من التمادي في التطاول.
وفيما يلي نص كلمة سموه:
 بسم الله الرحمن الرحيم (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) صدق الله العظيم بسم الله استعين به وأتوكل عليه وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
 إخواني وأبنائي الأعزاء.
 أحبائي أبناء وبنات وطني.
 لقد تابعت كما تابعتم ما شهدته ديرتنا الحبيبة في الآونة الأخيرة من أحداث كانت وما زالت مبعث حزن وألم وقلق شديد لي ولكم جميعا بغير شك أقول الحزن لما أراه من نذر فتنة هوجاء توشك أن تعصف بوطننا وتقضي على وحدتنا وتشوه هويتنا وتمزق مجتمعنا وتحيلنا إلى فئات متناثرة وأحزاب متناحرة وطوائف متعارضة وجماعات متضاربة كل واحدة تتربص بأختها تناصبها الشر والعداوة والبغضاء.. أرى ذلك وأتساءل متعجبا.. هل هذه هي الكويت.. التي كانت مثالا للتلاحم والتراحم والتكافل وكان أهلها إذا أصابت أحدهم محنة تداعى الجميع لنجدته ومساعدته بالجهد والمال حتى يخرج من محنته ويقف على رجليه.
 وأقول الألم لما أراه من إسفاف مقيت في لغة الخطاب وانحدار مشين في أخلاقيات التعامل والعمل العام وخروج صارخ على القيم الموروثة والآداب المعهودة وفجور في الخصومة ورفض لحق الاختلاف وعدم احترام الرأي الآخر وتشنج في المواقف وغلو في التطرف واستمراء لنهج الفوضى والشغب وتجاوز لكل الحدود المألوفة وتماد في التطاول ومجافاة لقوله تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) ودعوة رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) حيث قال “إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه” وخاصة عندما يصدر ذلك من أناس يفترض أن يكونوا قدوة حسنة لمن سواهم.
 أرى كل ذلك وأتساءل متعجبا هل هكذا أهل الكويت المشهود لهم بعفة اليد واللسان بما جبلوا عليه من صدق الانتماء والولاء للوطن وتمسك بثوابتهم الوطنية بما عرف عنهم من السماحة والرقي والاعتدال وحرص على قيم الاحترام ومراعاة مشاعر الآخرين.
 أما القلق فعلى مصير ديرتنا ومستقبل أحفادنا إذا ظل هذا شأننا واستمر بأسنا بيننا.. لقد عاشت الكويت مئات السنين واحة أمن وأمان واستقرار بلدة طيبة ورب غفور وعاش أهلها في حرية وتعاون وتراحم رغم شظف العيش وقسوة الطبيعة والان وقد أفاء الله علينا بفيض نعمه وأغدق علينا بنعيم فضله هل نترك لأجيالنا القادمة دولة آمنة مستقرة مزدهرة تعيش في أمن ورخاء أم نترك لهم مجتمعا ممزقا متناحرا محروما من الأمن والأمان والرخاء هل نسلم الراية لمن بعدنا عالية خفاقة أم ممزقة مجرحة مهلهلة.
هذه حالنا اليوم نمسي على أزمة ونصبح على أزمة أخرى نخرج من مشكلة لندخل في مشكلة أخرى الشعوب تتحرك والدول تتقدم ونحن جامدون نراوح في مكاننا إن لم نتراجع إلى الوراء نعم هناك قصور وهناك إخفاقات تشوب العمل في العديد من الأجهزة الحكومية كما هو الحال في دول أخرى ولكن كيف السبيل إلى الإصلاح وهذه المشاكل المصطنعة والأزمات المفتعلة لا تبقي للمسؤولين جهدا ولا تذر لهم وقتا لمواجهة الأخطار الخارجية المحيطة بنا أو معالجة الأخطاء التي تعرقل تقدم مسيرتنا إلى اللحاق بالركب الحضاري العالمي وتحقيق التنمية الشاملة والإصلاح الكامل والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه والارتقاء بالخدمات العامة من صحة وتعليم وكهرباء ومياه وإسكان وطرق إلى المستوى الذي يليق ببلدنا وشعبنا وإيجاد آلاف فرص العمل لشبابنا الذين يستقبلهم سوق العمل كل عام.
إخواني وأبنائي.
من المؤسف والمؤلم أن هذه الأزمات التي تشل بلدنا وتهدد أمننا وتعطل أعمالنا هي من صنع نفر من أبنائنا توسمتم فيهم خيرا وعقدتم عليهم الأمل ليشاركوا في مسؤولية مسيرتنا الوطنية متعاونين مع إخوانهم في الحكومة نحو غد أفضل لبلدنا ومجتمعنا ولكن هناك من يتعمد وضع العصي في الدواليب وعرقلة المسيرة يصر على فرض إرادته ورأيه على الجميع محاولا تكريس قيم ومفاهيم غريبة على مجتمعنا ممعنا في التطرف والتهور يرفض الحوار ويلغي الآخرين ويوزع صكوك الوطنية ويطلق وصايته المطلقة على الدستور منتهكا جميع الثوابت والأعراف الوطنية الراسخة لا يريد التفاهم ولا يقبل التوافق يتخذ من الشوارع والساحات منبرا للإثارة والشحن والتحريض ويحاول دفع الشباب نحو منزلقات الضياع والضلال غير عابئ بأمن البلاد وسلامة أهلها.
ليعلم الجميع أن الكويت دولة قانون ومؤسسات نظام الحكم فيها ديمقراطي يسودها القانون قضاؤها مستقل يحكمها الدستور الذي ينص على “فصل السلطات مع تعاونها. السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور والسلطة التنفيذية يتولاها الأمير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور والسلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير وفي حدود الدستور”. وقد أثبتت الأيام أن قضاءنا مستقل مشهود له بالأمانة والنزاهة.
ويجب ألا نتوجس خيفة من نعمة الاختلاف في وجهات النظر حول مختلف المسائل الوطنية غير أن صلاح الاختلاف قائم على ايجابية الحوار والالتزام بآدابه والارتقاء بأساليبه والرغبة الصادقة في إيجاد أفضل الحلول بعيدا عن أجواء الشحن والإثارة ومظاهر الإقصاء والتخوين حريصين على تحصين ثوابتنا والنأي بها عن تبعات السجالات السياسية ومزالقها.
هذا هو التعامل الحضاري الراقي وهذه هي قيم وتراث المجتمع الكويتي التي تكفل التوصل إلى الكلمة السواء التي تحفظ أمن الوطن وتحقق مصلحته وتصون ثوابته.