والأوطان تستمد مكانتها من قلوب أبناءها ومحبتهم لها…لا من موقعها الجغرافي وتقدّمها في العمران واعتدال مناخها وأجواءها…فإنك تقرأ أحياناً قصيدة رائعة في حب الوطن لا تليق معانيها ومبانيها وروعتها إلا بأرقى عواصم المدن الحديثة فإذا بك تدهش عندما تعلم بأن الوطن الذي يقصده الشاعر لا يعدو كونه صحراء قاحلة لا تمت إلى المدنية الحديثة بسبب…ولكنه في عين الشاعر يعد أجمل بقاع الأرض…لأن محبته في قلب الشاعر لم تقم إلا على إلفه والسنين التي قضاها به…والناس كما قال العلامة عبدالحميد بن باديس:
(إنما ينسب للوطن أفراده الذين ربطتهم ذكريات الماضي، ومصالح الحاضر،وآمال المستقبل).
ولو لم تكن الأوطان بهذه المكانة لما جعلها الله بمنزلة الروح…كمال قال الجاحظ:
ذكر الله تعالى الديار فخبر عن موقعها من قلوب عباده، فقال:
{ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم}
فسوى بين موقع قتل أنفسهم وبين الخروج من ديارهم.
وقال:{وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا}
فسوى بين موقع الخروج من ديارهم وبين موقع هلاك أبنائهم).
ومن حقوق الأوطان على أبناءها المحافظ على سمعتها كمال قال العلامة بن باديس:
(فلا شرف لمن لا يحافظ على شرف وطنه، ولا سمعة لمن لا سمعة لقومه).
فلا يصح لنا أن نتخذ من محاربة الفساد ذريعة للتشهير بأوطاننا ،وتمكين الحاقدين والمتربصين من النيل من أوطاننا ونفث سموم أحقادهم تجاهها…فعقوق الوطن لأبنائه كقساوة الأم لا تستطيع أن تجعله مبرراً لعقوقها والتنكر لها…وكانحراف الأخت لا تستطيع أن تعالجه بهتك سترها وتمكين السفيه والحاقد من النيل من عرضها.
تويتر:a_do5y


أضف تعليق