آراؤهم

قضي الأمر .. ولكن..؟

قضي الأمر وأصبحنا على بعد أيام قليلة تفصلنا عن إجراء انتخابات مجلس الأمة الذي يشهد لأول مرة في تاريخ الكويت مقاطعة ورفض شعبي كبير تقدره الإحصائيات ونتائج استطلاع الرأي الأخيرة برفض 77% من الكويتيين التصويت في الانتخابات المقبلة وقبول 21% فقط المشاركة في حين أن 2% لم يتخذوا قراراً بعد بالمشاركة أو عدم المشاركة.
وإذا نظرنا إلى السمات الشخصية والتركيبات السياسية للمرشحين لانتخابات مجلس الأمة المقبل نجد أن الكثيرين منهم يفتقد إلى الخبرات والحنكة والرؤية الواضحة لحل مشاكل البلاد وإخراجها من حالة الفوضى والركود التي تعاني منها في كل المجالات فأغلب المرشحين حاولوا استغلال غياب القامات السياسية الكبيرة ومقاطعتها الانتخابات فقرروا الترشح على أمل أن يكونوا بدلاء لهم أو أن هناك من دفعهم للدخول إلى هذا المعترك الصعبوهم غير مؤهلين لذلك ولعل هذا ظهر جلياً في اليومين الأخيرين قبل إغلاق باب الترشح حيث شهدنا إقبالاً كبيراً على التسجيل وخوض المعركة الانتخابية بشكل يثير الشكوك.
والطريف في أمر السادة المرشحين لانتخابات مجلس الأمة والذين يريدون أن يصبحوا ممثلين عن الشعب الكويتي ويشرعون له ويحددون مصير البلاد ومستقبلها الا أن البعض منهم لايعرف أساسيات الحوار والثقافة السياسية وآخر يريدنا أن ننظر إلى الأمس فالغد ماضي انتهى حسب وصفه وبعضهم دخل الانتخابات باعتبارها “سبوبة”على أمل النجاح وتوديع حياة الفقر والدخول في زمرة “القبيضة” ليسدد ديونه المتراكمة وهكذا يتصور هؤلاء مجلس الأمة والعمل السياسي مجرد وسيلة للربح والتكسب المادي السهل وينطبق هذا أيضاً على عدد من المرشحين الذين يقيمون خارج البلاد وفجأة أصبحوا سياسيين محنكين فقدموا إلى البلاد في إجازة خاطفة للمشاركة في مولد مجلس الأمة والأكل من الكيكة لدرجة أن الكثير من المرشحين لم يعقدوا ندوات أو يقيموا مقرات انتخابية تحت ذريعة أن الوقت قصير ولكن في الحقيقة هم لا يملكون رؤية أو برامج انتخابية حتى يطرحوها على الناخبين.  
وفي ظل هذا التخبط والضبابية في المشهد السياسي في المرحلتين الراهنة والمقبلة مع تشكيل مجلس الأمة الجديد من هذه النوعية من النواب فأن الكثيرين يعولون على المقاطعة الشعبية وعدم الذهاب للتصويت في أن تأتي ثمارها في إيصال رسالة إلى ولي الأمر بأن هذا المجلس غير مرغوب فيه ومرفوض وفاقد للشرعية ولا يمثل كل أطياف الشعب وقواه السياسية وإنه يجب العودة من جديد لنظام الانتخاب وفق الدوائر الخمس والأصوات الأربعة.
وحتماً فإن إفرازات مجلس الأمة الجديد سوف تنعكس على وضع الحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات والتي لن تخرج عن تشكيلتها الحالية ونهجها القائم والذي سعت من خلاله على إدخال البلاد في نفق مظلم وقاتلت ليأتي برلماناً خانعاً لها مؤيداً لكل قراراتها خالياً من المعارضة الحقيقية فربما يكون في المجلس المقبل معارضة ولكنها ستكون شكلية وهذا أمرمؤسف فلا يوجد ديمقراطية في العالم بدون معارضة ومن ثم فإنني أتوقع أن لا يكون لدى الحكومة المقبلة القدرة على الصمود أو إقناع الرأي العام بصواب سياساتها وكذلك الحال بالنسبة لمجلس الأمة الجديد الذي سيولد ميتاً.
وأود الإشارة إلى نقطة مهمةتتعلق بما يقالأنه لن يتم سحب تعديل قانون الانتخابات إلا بحكم من المحكمة الدستورية رغم أن المحكمة الدستورية خلال نظرها طعن الحكومة على توزيع الدوائر الانتخابية من قبلقضت بأن هذا الأمر متروكاً للسلطتين التشريعية والتنفيذية أي مجلس الأمة والحكومة فلماذا إذنيطالب البعض باللجوء مرة أخرى إلى نفسالآليةوانتظار حكم سبق وإن صدر فعليا ومتوقع مضمونه.
إن هدف الحكومة من تعديل آلية التصويت هو تشكيل برلمان يتكون من مجموعة من بعض نواب يتحركون بالريموت كنترول بناءً على قرارات وأوامر صادرة من الحكومة لهؤلاء النواب الذين نعرف أنهم لايملكون شيئاًثم سنفاجأ فيما بعد بأنهم يتحدثون بالملايين وبالطبع هؤلاء ستكون مهمتهم تعديل الدستور عبر الانتقاص من صلاحيات الشعب لصالح الحكومة.
نحن نرى أن الإصلاح لن يتحقق إلا بحكومة منتخبة من صُلب الشعب فالمعارضة لاتسعى لتحقيق إصلاح سياسي يضمن لها تحقيق الأغلبية في المجلس القادم بل إصلاح يطال كل فئات المجتمع ويدعمه بإطلاق الحريات ولكن يبدو أنه لاحياة لمن تنادى ..اللهم أحفظ ديننا وأوطاننا من الفتن ماظهر منها ومابطن وأديم علينا نعمة الأمن والأمان.