“الجامية” ليسوا بدعة هذا القرن.. بل امتداد لماضي مظلم
بقلم.. عبدالرحمن الحسيني
إن نسبة مجموعة من يسمون برجال الدين الذين يقومون بعملية الدفاع عن الولاة والحكام ضد الشعوب باسم الدين إلى “الجامية” في عصرنا هذا هو أمر غير صحيح، سميت الجامية بهذا الاسم نسبة إلى أحد شيوخها وهو محمّد أمان الجامي الهرري الحبشي.
إن الحاكم الذي ينظر للشعب على أنهم “عبيد” وأقل درجة منه وكأنه نيزك نزل من السماء، سيسعى بأي طريقة ليديم حكمه المستبد وهذا لا يكون إلا من خلال أدوات، ولعلّ أقوى أداة ترهب الناس نفسيًا هو “الدين”، فعندما تشعر الأشخاص بأن مخالفة “الحاكم المخلوق” هي أشبه بمخالفة ” الله الخالق” وأن “الله الخالق” الذي خلق المخلوقات أوصى بإطاعة صنف من المخلوقات اللذين تم تسميتهم بتسمية فارغة من محتواها بـ “ولاة الأمور”، سيجعل من يفكّر في الحديث عن مظالمه أو مناصرة فئة تعرضت لظلم الحكم وجوره تشعر بالذنب، وكأنها ارتكبت كبيرة من الكبائر.
ممارسة النفوذ الديني لدعم السلطة أمر مارسه الوثنيون ومارسه اليهود، فيما تبلور فيما بعد في التلمود وأحكامه والمسيحية كما يتجلّى في العصر المظلم للكنيسة والأدب الأوروبي والتاريخ مليئ بالشواهد، أمّا الإسلام الذي حفظ الله قرآنه وصحيح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي حافظ عليها آل البيت عليهم السلام والصحابة الصالحون من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان.
حاول البعض ممن تستّر بلبس الدين واغتصب الحق من أصحابه أن يضيف طابع الشرعية لنفسه، فاستخدم الوسيلة التي سبق للأمم السابقة أن استعملتها فأباح لنفسه أن يستعمل عصا الدين لممارسة ملكه وليواجه خصومه، وقد نجح هذا، فخرجت لنا الأفكار الشاذة ونسبتها إلى الدين وصارت ترتضيه فئة من “الوعاظ” لأنه غطاء على العطايا والهدايا والصلاحيات، فهو بكل بساطة يحتاج لمجرّد هرطقة يخترعها ويضيف عليها بعض المصطلحات التي توحي بالدين، ليرهب الشعوب المظلومة ويبجّل “إلهه الدنيوي” ولتتحول الأصنام والأوثان من صنف الجماد التي حاربها الإسلام إلى أصنام جديدة، ولكن بهيئة البشر الحي والميت أيضًا.
أصبحت مع الزمن هذه الهرطقات فكرًا وعقيدة من يتجرأ على الحديث عنها، فهو إما زنديق أو من الطوائف التي يرون أنها في النار وكأن النار ملك لهم ولأبائهم، لم ولن يجدي الحوار مع من ملأت بطنه ويرى أنه حاز الدنيا والدين، فهو مهما جئت بالقرآن وصريح آياته فإن شيطانه يفتي له فيهرب ويقفز حتى لا تزول لذته، فسابقًا العالم والفقيه المجتهد ولي لله لا للشيطان فتراه يضرب ويقتل في محرابه لأنه قال ما لا يتناسب مع هوى السلطان، أمّا اليوم فهو موظّف بالدولة حاله كحال موظّف الإعلام الحكومي أو رجل الأمن ويناديه البسطاء “يا شيخنا و مولانا”، وهو قد يكون اللقب عليه صحيحًا إلى جانب الشيطان وليس إلى جانب الرحمان.
يدعو الشعوب للصبر بمعناه الآخر “العيش كالبهائم” ولا يرضى أن تنصح النصيحة بالعلن فيما يخص الشعب، وليس شخصية “إلهه” وإن كانت حقًا مبينًا، قرأنا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة والنقية من تشويه أهل الأهواء، فما وجدنا فيها إلا الرحمة ونصرة الحق والجهاد في الحق بمختلف مستوياته، أما ما يدعون له فهو “الاسلام التفصال” الذي لا يمس مصالحهم بسوء.
أيها الأحبة.. إن الخوض في مثل هذه الأمور والحديث عنها في أيامنا هذه قد تسبب المشاكل والشتم ويخوض فيك الجاهل والأحمق ومن لم يفهم من الإسلام إلا ما تلقاه معلبًا جاهزًا، لا كما أتى به خاتم المرسلين، تفكّر وابحث وحرر عقلك واقرأ لتوسّع أفقك لترى أن من أظهر لك هذه “العلب باسم الدين” إنما كان يسعى لاستعبادك للعباد وليس لعبادة رب العباد الذي خلقك أيها الإنسان في أحسن تقويم، وحملت الأمانة لتكون خليفة الله بالأرض، لا تنسى الشيطان وعبثه ولا تتوقع أن حربه معك تقتصر على السلوكيات الخاطئة التي قد تقع فيها إرضاءً للهوى والنفس، ولكن أن حرب الخير والشر مستمرة حتى يكون لخليفة الله في الأرض الكلمة الفاصلة.
نكشة ولكشة:-
المثل الصيني يقول: “لا أحد يستطيع ركوب ظهرك إلا إذا أحنيت ظهرك له “، فانظر هل أحنيت ظهرك لأحد أم لا؟
آخر السطر:-
إن رأينا تجاوبًا ايجابيًا، فنعدكم بسلسلة مقالات تدك معقل الشيطان وأعوانه وإن تستروا بالدين.


أضف تعليق