كتاب سبر

رفقًا بالكويت .. !!

رفقًا بالكويت .. !! 
بقلم.. عبدالكريم دوخي الشمري 
في بلاد الفرس قديمًا إذا مات كسرى لا يعلنون عن كسرى الجديد فور موته، بل يتركون الإمبراطورية لمدّة خمسة أيام بلا حاكم ولا مسؤول عن الشعب ومرافق الدولة، حتى تعم الفوضى ويكثر الهرج والاغتصاب ويسود الذعر ويختفي الأمن ثم يعلنون عن كسرى الجديد، لأن الناس حينها يكونون متعطشين إلى حاكم وسلطان يحسم هذه الفوضى ويحافظ على ما تبقى من سلم هذه الكوارث، وحتى يعرف الناس قدر نعمة الأمن التي لا تتحقق بدون وجود حاكم فلا يسعون للتفريط فيها بعد أن ذاقوا مرارة ضدها.
نحن في الكويت لسنا بحاجة إلى خمسة أيام لنعرف قدر نعمة الأمن، فقد ذقنا مرارة انعدام الأمن وتفشي الرعب لمدة ستة شهور إبان الغزو الغاشم، حتى أصبحنا عبرة لغيرنا ومضرب مثل للشعوب بعد أن تبدّل حالنا في يوم ليلة من العز إلى الذل، وأصبحنا لاجئين نستجدي عطف المحسنين.
أنا لا ألوم الشباب الذي لم يدرك فترة الغزو، بقدر لومي لمن أدركها وعايش لحظاتها المريرة ولم يتعظ.. وحتى لو أكثروا من ذكر الغزو وتكلموا عن التضحيات بألسنتهم، فأفعالهم تدل على أنهم فعلاً لم يتعظوا من محنة الغزو.. فالأوضاع الإقليمية المتأجّجة تحتم على كل مخلص ومحب لوطنه تهدئة الأمور والاتجاه نحو المسار الذي يوحّد الكلمة ويرأب الصدع.
لا يحق لي منع أحد من المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد -من وجهة نظره- ولكن يحق لي تذكير المطالبين بأن الأوضاع الإقليمية تلقي بظلالها على ساحتنا المحليّة، فيجب ألّا نوسّع الثغور للمتربّص بتوسيع دائرة الخلاف بيننا، فنمكنه من اختراقنا وتضييع أمننا، وحيئذ لن ينفعنا البكاء كالنساء على وطن جميلٍ لم نستطع الحفاظ على أمنه كالرجال.
تويتر: a_do5y