آراؤهم

المرور “يعالج أزمتة بـ المسكنات”

تحدثت في مقالة سابقة عن مشكلة الازدحام المروري والتي تتفاقم مع مرور الأيام وتمنيت أن أسمع أو أقرأ عن تقديم حلول منطقية لهذه المشكلة من قبل المسؤولين في وزارة الداخلية ولكنني تفاجأت مؤخراً بإصدار بعض القرارات من شأنها تضييق الخناق على المواطنين والمقيمين واستنزافهم مادياً من خلال زيادة الرسوم المالية على المخالفات المرورية لتصل إلى أرقام قياسية مع وجود عقوبات بالحبس وسحب المركبات وكأن ذلك هو السبيل لحل المشكلة والتخفيف من شدة الاختناقات المرورية التي تزايدت هذه الأيام في ظل القيام بأعمال إنشاءات وحفر وبناء في الكثير من طرق وشوارع البلاد.
ويبدو أن المسؤولين عندما يتخذون مثل هذه القرارات التي تشبه المسكنات لا يلتفتون إلى الأسباب الحقيقة للمشكلة المرورية والتي تتمثل في الزيادة السكانية التي لم يأخذها مخططو شوارع الكويت في اعتبارهم وكذلك التوسع في منح الرخص للتكاسي الجوالة ورخص القيادة لكل من هب ودب ثم الباصات التي يكفي عدد قليل منها لغلق شوارعنا التي لا تتحمل هذه الأحجام الكبيرة وكذلك تكدس المدارس في شوارع ضيقة في بعض المناطق مما جعل الوصول اليها أمراً عسيراً مع ساعات الذروة في الصباح وعند العودة من الدوام كما أننا جعلنا مراكز الخدمات الحكومية والمطارات في أماكن معينة فتكالب المواطنون والمقيمون على السكن بالقرب منها.
وأنا لست ضد قوانين المرور الجديدة أو القديمة إذا كان من شأنها أن تحل مشكلة الاختناقات المرورية أو تحد من معدل الحوادث المتزايدة عن كل سنه ولكن هناك أسئلة تؤرقني مثل الكثيرين ولا نجد لها اجابات منها إذا افترضنا أن هذه القرارات ستساهم في حل أزمة المرور فهل هناك دراسة مدعمة بأرقام توضح لنا أثر تطبيقها على أزمة المرور والمدى الزمنى الذي سنشعر فيه بتحسن في شوارعنا وهل هذه القوانين الجديدة ستطبق على جميع المخالفين أم أنه سيكون هناك انتقائية بحيث يستطيع البعض الافلات من العقوبة وهل سيكتفى المسؤولون عن هذا الملف بمثل هذه القرارات التي لاقت رفضاً واستهجاناً من الكثيرين الا يوجد طرق أخرى لحل المشكلة المرورية والتخيف من حدة الازدحامات والاختناقات التي تشهدها شوارعنا يومياً. 
وفي الحقيقة فإن أزمة المرور تشغل اهتمام جميع من يعيشون على هذه الأرض الطيبة سواء مواطنين أو وافدين ومن ثم  فإن مثل هذه الحلول المؤقتة لن تفيد ولن تحل المشكلة من جذورها فنحن نحتاج إلى سياسات تطبق على أرض الواقع نستعين فيها بخبرات الدول المتقدمة لتضع لنا خريطة طريق تتعلق بتحديث الطرق والشوارع وتوسيعها وكيفية تخفيض أعداد السيارات التي تقدر بالألاف مع وجود إجراءات وقوانين تدفع إلى تغيير في سلوكنا جميعاً إذ أن غالبية الموظفين في الكويت يتوجهون إلى أعمالهم بمركباتهم الخاصة كما أن الأغلبية تأخذ أبناءها إلى المدرسة بمركبة خاصة في حين أنه يمكن النظر في مثل هذه السلوكيات وترشيدها.
وفي الختام أود التأكيد على أن الأمر بات يحتاج إلى رؤية أكثر وضوحاً ومشاريع سريعة من شأنها أن تحل هذه المشكلة المستعصية منذ سنوات طويلة وتزداد تعقيداً مع الأيام في ظل تزايد أعداد المواطنين والوافدين وأرى كما يرى الأخرون أن الحل ربما يكون في تنظيم ساعات الدوام بالنسبة للمدارس والوزارات والتوسع في النقل الجماعي وعمل جسور وأنفاق وإعادة توزيع الوزارات بدلا من تكدسها في مكان واحد مع ضرورة التفكير الجدي في مشروع مترو الانفاق الذي ساهم في التخفيف من حدة الازدحامات المرورية في بعض الدول الخليجية ونأمل أن يتم تفعيل مثل هذه الاقتراحات المطروحة منذ سنوات والتي لم ينفذ منها سوى القليل .. وفق الله المسؤولين لما فيه خير ومصلحة بلادنا الغاليه الكويت .