فن وثقافة

فيلم عن الملاكم الأسطورة.. “أعظم صراعات محمد علي”

يشارك المخرج البريطاني ستيفن فريرز بأحدث أفلامه “أعظم مباريات محمد علي” في مهرجان كان السينمائي الدولي.
ويعرض الفيلم، للمخرج الذي رشح مرتين لجائزة الأوسكار، خارج المسابقة الرسمية بالمهرجان. وهو الفيلم الروائي الطويل الوحيد الذي يشارك من خلاله مخرج بريطاني بارز في الحدث الفني السنوي.
لكنه ليس أول فيلم يستعرض حياة أحد أعظم الرموز الرياضية في القرن العشرين.
في فيلم “الأعظم” The Greatest، المستمد من السيرة الذاتية لمحمد علي، لعب الملاكم الأمريكي دور شخصيته.
 ودار الفيلم الوثائقي “حينما كنا ملوكا” – الذي نال الأوسكار – حول قصة مباراة محمد علي مع جورج فورمان في زائير. ولعب الممثل ويل سميث دور بطل الملاكمة في فيلم “علي”، الذي أخرجه مايكل مان وكان مرشحا للفوز بالأوسكار.
أما فيلم فريرز فيركز على رفض الملاكم الالتحاق بالجيش الأمريكي في عام 1967 بناء على معتقداته الدينية ومعارضته للحرب في فيتنام.
الفيلم “ليس في الواقع عن محمد علي”، حسبما يوضح فريرز أثناء جلوسه في مطبخ منزله، غربي لندن.
“(الفيلم) يتناوله بشكل عارض. إنه فعليا عن المحكمة العليا في الولايات المتحدة، التي لم يتطرق أي فيلم إليها آنفا. والفترة التي نستعرضها هي حينما كانوا يتعاملون مع قضيته. لا أحد في الحقيقة يعرف تفاصيل هذه القصة.”
وكان علي قد اعتقل وأدين بتهمة التهرب من التجنيد، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات. وحينها كان كثير من الأمريكيين ينظرون إليه بالفعل بشيء من الريبة بعدما غيّر اسمه من كاسيوس كلاي عقب انضمامه لحركة أمة الإسلام التي تضم انفصاليين سود البشرة.
وخلال أوج تألقه، جرّد الملاكم من لقب بطولة العالم في الوزن الثقيل وعلّقت رخصة مزاولة الملاكمة. ولم يمض فترة عقوبة في السجن ولكنه لم يمارس الملاكمة لنحو أربع سنوات فيما كان الاستئناف الذي تقدم به يشق طريقه إلى المحكمة العليا.
ويقول المخرج “اعتقد أن تجريده من اللقب كان أقرب ما يكون للجريمة، وأن منعه من كسب الرزق جريمة. وفي النهاية أخذت العدالة مجراها.”
مايكل ايزرا، المحاضر بجامعة سونوما الحكومية الأمريكية والخبير في شؤون الملاكم محمد علي، يتفق مع هذا الرأي ويقول “الخاسر الأكبر كان علي، فمهنة الملاكم لا تدوم طويلا.”
ويوضح ايزرا “ما بين سن الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين، وهي سنوات ريعانه، خسر ما يمكن أن يقدر اليوم بمئات الملايين من الدولارات دون أي ضمان بأن يتمكن من استعادتها. كما أنه أنفق كل مدخراته على معركته القضائية.”
“لهذا فإن إقدام محمد علي على التخلي عن كل هذا المجد لاقتناعه بمبدأ هو ما دفع الناس لاحترامه.”
وبالرغم من أن موقف علي المناهض للحرب جاء أثناء قمة الزخم لحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وأنه كان يتناول قضية العنصرية في المقابلات، إلا أن فريرز يصر على أن السياسة لم تكن ضمن دوافع الملاكم.
“من الغريب أنه لم ينخرط فعليا في حركة الحقوق المدنية. لا يكثر الحديث عن مارتن لوثر كينغ الذي كان موجودا في الفترة ذاتها”، بحسب فريرز.
ويردف المخرج البريطاني “لست على دراية بأنه كان شخصية سياسية آنذاك. كل ما كان يسعى إليه هو أن يتمكن مجددا من كسب رزقه، ولذا فقد كان حريصا على ألا يتحول إلى مشاغب.”
ولكن ايزرا، الذي ألّف كتاب “محمد علي: صناعة رمز” عن إرث ومسيرة الملاكم، يختلف مع هذا الرأي.
ويقول ايرزا إن محمد علي “كان منخرطا مع الحركة بأكثر مما تسمح به أمة الإسلام.”
ومضى قائلا “التقى (مارتن لوثر) كينغ في عام 1967، وبالرغم من أنه قال أمورا عن حركة الحقوق المدنية أثناء مقابلات من قبيل أنها ليست أكثر الوسائل فاعلية لمكافحة العنصرية، لكن كانت له أهمية بالغة لزعماء حركة الحقوق المدنية، وكان دائما على استعداد للقائهم.”
ومن بين ممثلي الفيلم كريستوفر بلامر وداني غلوفر وفرانك لانجيلا. ولا يلعب أي ممثل دور محمد علي، واستعاض الفيلم عن هذا بلقطات أرشيفية لبطل الملاكمة نفسه. فهل كان هذا مقصودا؟
“لا، كان هذا منطقيا، إذا لعب أي ممثل دور محمد علي فسوف ينصب حديث الناس على ما إذا كان قد أدى هذا الدور جيدا أم لا”، بحسب المخرج.
“الفكرة هي أن يظهر محمد علي من خلال الأرشيف. لم أر فيلما شيئا مماثلا في أي فيلم من قبل. ولو كان من الحتمي أداء دوره من خلال ممثل لما كنت بدأت (المشروع).”
 
يقول فريرز إنه تناول جانبا مختلفا عن حياة محمد علي
ويرى فريرز أن تناول فترة محددة من حياة محمد علي بمثابة وضع رأسه “داخل فم الأسد”، حيث أن هناك الكثير من المعلومات المعروفة بالفعل عن حياة البطل الرياضي، كما أن كثيرا من الناس لديهم آراء بشأن الرجل وسياساته.
ويردف “أدرك جيدا أن هناك أناس كانوا على مقربة منه لدرجة أنك مهما أحسنت سيكون هناك من يقول: لا لم يكن يتصرف هكذا. ولهذا فكل ما عليك هو أن تبذل المساعي لوضع الأمور في نصابها الصحيح.”
وبالرغم من هذا فقد أبدى القائمون على معهد محمد علي بمسقط رأسه في لويزفيل دعمهم لهذا العمل بتلك الصورة وقالوا “إنه أمر لا يصدق، لقد توصلت إلى قصة مختلفة تماما”، حسبما يحكي فريرز.
ويقول ايزرا إن محمد علي “كان على الجانب الصحيح من التاريخ. ففي الوقت الحاضر يرى معظم الأمريكيين أن (حرب) فيتنام كانت خطأ كبيرا. وتوقع علي لهذا كان أمرا رائعا.”
وأصيب محمد علي في عام 1984 بالشلل الرعاش. وبدا الملاكم المعتزل واهنا ولم يبرح مقعده أثناء مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية العام الماضي في لندن.
ويتذكر فريرز لقاءه بمحمد علي “كنت معه في الغرفة ذاتها. كان الأمر محزنا جدا حيث أنه في حالة سيئة.”