فن وثقافة

رابطة الأدباء تؤبن الشاعر الراحل سليمان الفليح

(تحديث) أقامت رابطة الأدباء الكويتيين مساء اليوم حفلا لتأبين الشاعر الراحل سليمان الفليح تكريما لمسيرته الحافلة بالعطاء المتميز على المستويين الادبي والشعري وذلك على مسرح الرابطة بمنطقة العديلية. 

وأعلن الشاعر والباحث ابراهيم الخالدي خلال الاحتفال انه قام بتاليف كتاب جديد بعنوان (ذكرى طائر الشمال) تكريما منه للشاعر الراحل الملقب بطائر الشمال لعطائه الادبي اللامحدود وما قدمه من اشعار اثرت الساحة الشعرية العربية.

واضاف الخالدي ان الفليح الذي رحل في اغسطس الماضي هو من مواليد عام 1951 وله العديد من المؤلفات التي حازت على اهتمام محبيه ومنها ديوان الغناء في صحراء الآلم عام 1979 وديوان آحزان البدو الرحل الذي اصدر عام 1980.

وذكر ان الشاعر الفليح اصدر ايضا العديد من الدواوين الشعرية منها ديوان ذئاب الليالي في عام 1993 وديوان الرعاة على مشارف الفجر في عام 1996 وديوان البرق فوق البردويل عام 2009.

وخلال الحفل تم تكريم السفير السعودي في الكويت محمد الفايز، والذي ألقى بدوره كلمة مرتجلة حيا فيها الحضور وشكرهم على فيض المحبة الذي غمروا به الشاعر الراحل سليمان الفليح.

كما ألقى سامي الفليح كلمة عن والده الراحل، عبر من خلالها عن امتنانه لرابطة الأدباء بأعضائها ومنتسبيها، كما عبر عن امتنانه للكويت أرضاً ومؤسسات، قائلاً إن الوفاء من أعظم قيم الحياة.

وأضاف: أقف أمامكم لأستذكر أبي بكل ما له..أقف بينكم وأنتم سادة الكتابة وملوك التعابير..أقف محكوماً لقول ما هو استثنائي عما هو استثنائي.

أمير الصعاليك

وقرأ الشاعر والكاتب عبدالله الفلاح كلمة بعنوان: “رسالةٌ إلى كبير المقام ِالمعلم ِوالشاعرِ / سليمان الفليح”.. قال فيها: 


قبل أن يكتبَ قصيدتَه ” الراحلون” في بدايةِ عام 2011 ..

كتبَ  ( في منتصفِ عام 2007 قصيدة ًبعنوان عواءُ الذئب ) .. ومنها :

 

لنتفقْ على اللقاء

لربما لو مرةً أخيرةً في العمر

على سواحلِ الدمام

أو شارعِ المنخولِ في دبي

أو ربما نموت

في الشام أو بيروت

أو (( عمّان ))

أو مدينةِ الجهراء

أو ربما تتبدلُ الأشياء

فنلتقي في القدس

أو رفـَح

وحينها نغني (الميجانا)

وترقصُ الصحراء.


****

لعلها حكاية الموت والحياة/ الحياة التي لايموت فيها إلا من مارس اللعب في الظلام/ والموت الذي لا يدخله مبدع فتح نافذته لشمس..

في سليمان الفليح حكاية بداوة لاتشيخ/ ولا ينبت الشيب في رأسها / هي خطوة البدوي الذي عاند الشوق وتصعلك حافيا خلف ناقة صبره الطويل / تنقل في ألم المرارة رافعا رأسه / هازئا من زجاج الآخرين في الدروب التي لا يلوح فيها أفق يشي بفرح ما .. أو بسلة فواكه تنهي جفاف السنوات.

في سليمان الفليح أبوّة طفل / وطفولة أب / شكّل رفاقه من نبع الألم ذاته / من الحارات الجافة / لم يكن منفصلا عن بقية الرعاة / كان حاديهم الأجمل / إلى حياة رآها لذيذة وإن كانت نهايتها مجهولة.

كان يقولُ : ( أيها الولدُ المزعجُ … إن لم يعجبْكَ المقالُ قم بنشرهِ ) .

هل تذكرُهذه الكلماتِ التي كانت تأتي منكَ يا من علّمتني “الغناءَ في صحراءِ الآلم” على “آحزانِ البدوِ الرُحّل” .. ؟

بعد فقدِكَ مَن يعزّي من / وأنتَ الكلُّ / يا آخرَ البدو وأنبلَ الصعاليك / من يعزّي الصحراءَ التي تقولُ بأنك متمسكٌ بها حتى آخرِ نبتةٍ / من يعزي الغيومَ (المجاهيمَ) / من يعزي الذئابَ وطيورَ الشمال ِوالصعاليكَ والنشامى والشعراء / يا من عدّلتَ لنا الدنيا شعراً .. بميلةِ عقالك ؟! .

يا من كنتَ ( تحزّم ضلوعَك ) وتنطلقُ في ( مجاهيل ِالصحراء ) .. ثم ترمي وصاياكَ على الذئب :

 

هاتِ أقصَى العواء  
من الحلقِ حتى تسيلُ الدماء
وفجّر قهرك حتى تتطايرَ أشلاؤك
عبرَ الخلاء .
 
كنا نحفظ ُهذه الوصايا عن ظهرِ حبٍّ وصعلكة…
 

يا صاحبَ الظلِّ الأبيض / يا من تقفُ الدلةُ في قدومِك / من يعزي أصابعي التي تعلمَتْ منك كيفَ تقطفُ من الحلم نجمة ًوتخبئُها في القصيدة / وأنا الذي كانت تكفيني قصيدتُكَ لأعانقَ نجمة ًفي السماء ؟! / .. من يعزيني أنا الذي أقمتُ الحدادَ على نفسي ؟!

ستقولُ كن بخير .. وتعيدُ على سمعي وصاياكَ : ( انتبهْ يا ولد ) كن هكذا وأجمل / اغمضْ عينيك لترى جيداً / ولا تجعلْ أحلامَك ضيقة ًعلى الأبواب … / كن صعلوكاً وإياك أن تمسحَ مرايا بلادِكَ عن وجهِك / واتركْ عينيكَ معلقتينِ على أبوابِ المدى / وكن شاعراً يحرثُ العدَم …

أما أنا فسأقولُ للناسِ بين حينٍ وآخرَ بروحٍ لا تكفُّ عن النشيج : إن فقدَكَ مثلَ رمحٍ معلقٍ في العَراء .

تحية طيبة يا من لم يشع في قلبك ظلام
وسلام عليك أيها الشاعر .. سلام يا أمير الصعاليك .

يذكر ان الشاعر الفليح اقام في الكويت فترة طويلة قبل ان يحصل على الجنسية السعودية وكان يعمل جنديا بالجيش الكويتي وشارك في حرب الاستنزاف عام 1973 وحرب التحرير في عام 1990 ثم انتقل واسرته للاستقرار في الرياض في عام 1999.

ومن أبرز الدراسات في شعره دراسة الدكتور عبده بدوي ديوان من الكويت ودراسة بقلم خليل عبويني من كتاب نافذة الى رؤية نقدية عام 1982 ودراسة الدكتورة نجمة ادريس أسفار الترحل والهجر ومرجعياتها في شعر سليمان الفليح.




تستضيف رابطة الأدباء في السابعة والنصف من مساء اليوم حفلاً تأبينياً للشاعر والأديب الراحل سليمان الفليح، يتخلله توزيع كتاب “ذكرى طائر الشمال” الذي قام بتأليفه الباحث والشاعر ابراهيم الخالدي وجمع فيه أبرز ما كتب عن الفليح منذ وفاته في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي.
وسيكون الحفل بحضور أبناء الأديب الراحل، وعدد من الكتاب والأدباء من الكويت ومن خارجها.