أنا مدرك وقريب من المعاناة, ولذلك أستطيع أن أضع يدي على أماكن الجرح, وأفصح عن عوائق وصعوبات, تعترضهم وتعترضهن نتاج عدم صرف مكافآت لطلبة وطالبات بعض الجامعات والكليات الأهلية.
فُتح الملف مرارًا لدرجة تحوّل إلى قضية, تشغل هاجس كثير ممن يعانون أو يفكرون, ألا وهي صرف مكافآت لطلاب المنح الداخلية في بعض الجامعات والكليات الأهلية, مثالاً:- كليات الرياض لطب الأسنان والصيدلة, طلبتها لا يتم صرف مكافآت لهم, وهذه ليست مسؤولية الكليات وإنما مسؤولية وزارة التعليم العالي ومن لديه الصلاحية, وبأمر الله هذه المرة لن تفشل المحاولة وستبذل المساعي مهما كان, كلنا آمل.
لا غرابة إن وقع وطني في مرتبة من أوائل الدول الداعمة للتعليم والراعية له, ففي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز حصلت نقلة نوعية وجذرية في التعليم على كافة أصعدتها, والواقع خير دليل وخير شاهد.
والدنا أبو متعب محب للعلم وداعمًا لهُ, يرعى العلم وأبنائه وبناته من الطلبة والطالبات, ومن حرصه أطلق برنامج الإبتعاث الخارجي والداخلي, ليكون المجتمع السعودي, مجتمع متعلم ومعرفي وواعي.
حكومتنا الرشيدة لم تقصر أبدًا بشأن التعليم, وأجزم بأن كثير من سكان العالم من الشرق إلى الغرب صُدم عندما عَلم بأن التعليم في السعودية (مجانًا) والدولة تصرف على أبنائها وبناتها المبتعثين في الخارج.
في الغرب الأبناء والبنات يعتمدون على أنفسهم بعد مرحلة الثانوية, نظرًا لغض نظر الحكومة عنهم وعدم رعايتهم تعليميًا, لذلك وجدت في أمريكا شباب وبنات يعملون مساءًا ويذهبون إلى الجامعة صباحًا!
في السعودية الحمد لله والشكر, الحال مختلف وأفضل بكثير عنهم, لكن كطالب جامعي في السلك الأهلي أطالب بقرار يأمر بصرف مكافآت لطلاب المنح الداخلية وبالمناسبة المطالبة والصوت ذاته منهم أيضًا, وهم الذين قادوني إلى كتابة هذا المقال, وتجد طلبة أعمارهم منتصف العشرينات ولا زال يأخذ من أهله مصروفه, يعني مسألة الاعتماد على النفس لا زال جزء منها مفكوك لم يتركب بعد, ولا أعتقد وجود صعوبة بأن يخرج القرار, لأننا في النهاية لبنة واحدة أبناء وبنات هذا الوطن, وليس للوطن إلا شبابه الذين هم أدرى به, وسنخدمه بعلمنا وعملنا في المستقبل.
رأيت طلبة كثير يأتون ويذهبون مع التاكسي, ولكل واحد منهم ظروفه منهم من يعيش في غربة عن أهله, ومنهم مَن دخله المادي ضعيف جدًا ودخل الجامعي بجدّه واجتهاده وليس بماله, وغيرها من الظروف.
سمعت شكاوى طلبة كثير لا يسع المجال لحصرها هنا, ولكن من ضمنها عدم توفر مبالغ المتطلبات الدراسية من كتب ودفاتر وأقلام وأدوات وغيرها. متطلبات كثيرة وتحتاج إلى مبالغ كبيرة, وهذا يدفع بعض الطلبة بالانشغال عن الدراسة – نوعًا ما – بأي وظيفة المهم يستطيع أن يُغطي بذلك الراتب مصاريف واحتياجات دراسته, ناهيك عن نفسه!
قرأت كلمات تُخفي في داخلها جمرة من الألم, لطلبة وطالبات ويرون أن الماء التي تُطفئ تلك الجمرة, هي مكافآت يستلمونها تقديرًا لجهودهم المثمرة في التعلم لبناء وطن أكبر جمالاً وإبداعًا وإثمارًا, وليعيدون شيء بسيط من كثير, وفاءًا وعرفانًا بجميل وطن غالي وعزيز على أفئدتهم.
تم إطلاق وسم #مكافآت_لطلاب_المنح_الداخليه في تويتر, وصلت المشاركات إلى المئات حتى الآن, في أقل من أسبوع, شاركت فيه وطلبت دعمه والمشاركة فيه, وأطالب الجميع أن يفعل مثلما فعلت, وأشكر كل من شارك وسيشارك, وكل صحفي أو إعلامي غطى أو سيغطي ذلك الوسم, وبإذن الله سنوفق فيه, وستصل الصرخة وسيتحقق الأمل الكبير.
نحن أبنائك وبناتك يا د. خالد العنقري (معالي وزير التعليم العالي) وأنت الأب الحنون, كل الأمنيات بالنظر في هذه القضية, لا ترى هذه المكافأة كأي موضوع تافه, وإنما أعد النظر إليها ستجد بأننا نستحق, ومعذور من يرى بأنها لا تستحق, لأنه فاقد شيء وفاقد الشيء لا يعطيه!
لإيجاد مبررات مقنعة عن غياب صرف مكافآت لطلبة المنح الداخلية حاولت أوجد وجوه للمقارنة ذات بين ولكن لم أنجح, كلها تقريبًا وجوه متوافقة وغير قابلة للتفريق, لذلك سأشرع باب الأسئلة:- لماذا لا نعامل مثلهم؟ أليس نحن من سيرعى الوطن في القريب القادم؟ أليس نحن عماد المستقبل؟ هل 1250 ريال -شهريًا- صعبة قوية عليكم؟ هل نستحق أن نواجه مشاكل تستطيع الحكومة حلّها بكل أريحية؟ هل … ؟ وهل … ؟ وهل … ؟
أتمنى أن نُعامل مثلهم بالنسبة للمكافآت وعلى الرغم من قيمة المكافأة الزهيد إلا أنه يفك أزمات لا يعلمها إلا الله, أنتم تعلمون من نحن, ومن سيتولى الوطن والمجتمع بعدكم, ومن سيمثّله يومًا ما في الخارج, ومن … ومن … ومن …
ماذا بعد قرار صرف مكافآت لطلبة المنح الداخلية؟!
سيتبدّل الحال, وسيكون هناك تحسّن وليس بالضرورة أن يكون نوعي, ولكن المهم أن يكون فيه تحسّن على الأقل, وللتوفير لا تنطبق إلا على الطلبة الذين يعانون فعلاً, لأن ثمة طلبة يدعون بالعامية:- عيـال نـعمة!


أضف تعليق