آراؤهم

طموحين ولكن !!

لا أعتقد بأن أي موظف سواء كان بالقطاع الحكومي أو الخاص يستطيع إنكار وجود الصراع الوظيفي، فالكل إما مارسه أو شارك بفعالياته أو على أبسط تقدير كان مشاهد لما يجري خلاله. 
فتبدأ العلاقات بين الموظفين الجدد على المودة والتعاون والحب وفزعة أحدهم للآخر، وتتغيّر طبيعة تلك العلاقة جراء التغيرات التي تطرأ على طموحاتهم الوظيفية، فكلهم يرغب بالحصول على منصب رئيس القسم ويعتقد بأنه الأحق والأولى به. 
وقد تختلف وسائل الحصول على المنصب من موظف لآخر، فمنهم من سيهتم بالإنجاز والعمل على تطوير الأداء إيماناً منه بأن تلك الوسيلة هي الكفيلة بتحقيق حلم الوصول لرئاسة القسم. 
ومنهم من سيقضى أغلب أوقات العمل بالتنقل بين مكاتب الموظفين لنقل الأخبار ونسج المكائد وتربيط العصاعص وضرب الموظفين بعضهم ببعض. 
ومنهم من سيتولى مهمة عين المدير الساهرة المسؤولة عن نقل كل الأخبار والتحركات أولاً بأول لغرفة المدير بالإضافة لتولي مسؤولية الترفيع بمهارات وإبداعات وعبقرية ذاك المدير. 
ومنهم من سينصب جل تركيزه على كسب ود ودعم الموظفين الآخرين من خلال توزيع الهدايا أولاً بأول والاهتمام بتكاليف وجبات الإفطار وتوفير كل أنواع المشروبات الساخنة منها والباردة، بالإضافة لتولي مهمة توفير دلة القهوة الفرارة على كل مكاتب القسم بشكل يومي.
ومنهم من سيترك كل الحروب الداخلية الدائرة ويلعب على عملية صنع قرار التعيين والاختيار الصادر من خارج الإدارة.
وبالطبع يزامل كل هؤلاء الأصناف المتصارعة مجموعة من الموظفين القنوعين اللي يبون الستر وبس، وأقصى طموحاتهم تكمن بالوصول لمرحلة التقاعد بسلام، وعادة ما يختار هؤلاء الموظفين القنوعين الدخول تحت عباءة أحد الطموحين والعمل على دعم موقفه بالمطالبة برئاسة القسم، إما إيماناً منهم بجدارته الإدارية أو تحاشياً للمصائب التي ممكن أن يصنعها بهم.
نعم تلك هي الحرب اليومية الدائرة بين الموظفين في كل أروقة الوزارات والهيئات والشركات للحصول على منصب “رئيس قسم”. 
فإن كانت رئاسة قسم تدفع البشر للدخول في حرب بتلك الضراوة، فمالذي ستفعله المناصب الأعلى والأكثر تأثيراً بهم؟ وما الذي ممكن أن تصنعه طموحاتهم بهم وبمن حولهم؟  
وإن كانت رئاسة قسم تدفع البشر لاستخدام كل تلك الوسائل للحصول عليها، فما الوسائل التي ممكن أن يستخدمها الإنسان للحصول على المناصب الأعلى؟ 
وإن كانت الطموحات برئاسة قسم كفيلة لخلق جو صراعي دائم التوتر داخل القسم، فما الذي ممكن أن تحدثه الطموحات بمناصب أعلى؟ وما هو حجم التوتر والصراع الذي ممكن أن تعيشه تلك الدائرة الأوسع؟ 
عندما تستطيع الوصول لأجوبة لتلك التساؤلات ستستطيع تحليل وتفسير واستيعاب ما يحدث على الساحة السياسية المحلية.
دمتم بود
بقلم.. بدر علي البليّس
lbaderl