فن وثقافة

النادي الايجابي نظم أمسية ولم يحضرها أحد
الكراسي الفارغة تضامنت مع الفلسطينيين!

 نظم النادي الايجابي بالتعاون مع رابطة الأدباء الكويتيين مساء الأحد الفائت أمسية بعنوان «لك غزة» على مسرح الرابطة ولم يحضرها جمهور النادي الايجابي لأنه جديد في أولى فعالياته وليس له جمهور أصلا ، كذلك لم يحضرها الأدباء والمثقفون في الكويت، في تخل واضح عن دورهم في مناصرة القضايا القومية، وظلت الكراسي الخالية تثير سؤالا موجعا عن غياب الدور التنويري للمثقف الكويتي ومسؤولياته المجتمعية في دعم ما يحدث لأهل غزة من مجازر وسط الصمت العربي بالحضور،ليثبت الأديب الكويتي انه شريك أساسي في هذا الصمت المخجل، وفق ما ذكرت صحيفة القدس العربي.
كانت الأمسية بلا حضور وطغت عليها الكلمات العاطفية في جلسة لعضوات النادي الايجابي تترأسهن أنوار التنيب ، بدت وكأنها جلسة « ستات في شرفة يجتمعن على فنجان قهوة ويتعاطين الحديث السياسي الممزوج بحرقة قلوبهن وخواطرهن لما يحدث لغزة وأهلها. 
وألقى امين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي كلمة قال فيها:
نحن في رابطة الأدباء الكويتيين يؤسفنا ما يتعرض له أخواننا الفلسطينيون من قتل وتدمير، ونستنكر ما تعرض له مقر الزملاء في رابطة الأدباء الفلسطينيين من هجوم أصاب المبنى بأضرار جسيمة، وهذا يدل دلالة واضحة على ان العدو الصهيوني يريد قتل أوجه الحياة في غزة بكل اشكالها دون وعي او تمييز ومحاولته الفاشلة في محو الثقافة والأدب في هذا البلد العربي العزيز .
وأضاف ان رابطة الأدباء قد أخذت على عاتقها العناية بالقضايا القومية العربية والتضافر مع أخواننا الأدباء والشعراء والمثقفين في غزة لنقف صفا واحدا ضد الطغيان والجبروت الذي يمارسه الصهاينة أمام العالم على أخواننا الفلسطينيين. 
وأكد: نحن من مقامنا هذا ندعم القضية الفلسطينية والتي كانت ومازالت القضية الاولى لدى الكويتيين، وقد سخر الأدب الكويتي أقلامه ونظم الكثير من شعرائنا قصائدهم الرنانة في حب فلسطين الوطن السليب، وستظل الكويت حكومة وشعبا داعما كبيرا للحق الفلسطيني حتى استرجاعه من المغتصب الصهيوني باذن الله عز وجل. 
ثم ألقى الشاعران رجا القحطاني وسالم الرميضي قصائد معبرة عما تمر به غزة وأنهالت بعدهما مجموعة من الشعراء المجهولين في إلقاء نصوص كانت في الغالب ضعيفة فنيا ورديئة المستوى ، باستثناء قصيدة الشاب الواعد عبد الله العنزي .
الشوا الإضاءة الوحيدة 
شاركت في الأمسية، وبمبادرة شخصية منها الروائية هدى الشوا، متحدثة عن المعالم الأثرية لغزة، وعرضت صوراً لأهم المعالم ومسمياتها التاريخية.
وقالت: لك غزة.. لا عيد سعيد بل عيد شهيد، والكيان الصهيوني يوزع «عياديه» من حمم تحوم فوق رؤوس شعب غزة المحاصر، عيد تصطف فيه ملائكة الأطفال، تراهم غافين وما هم بغافين.
وتابعت الشوا: عندما سئل عن غزة، قال الشاعر محمود درويش: ليست غزة أجمل المدن، ليس شاطئها أشد زرقة من شواطئ المدن العربية، وليس برتقالها أجمل برتقال على حوض البحر الأبيض، وليست غزة أغنى المدن.. وليست أرقى المدن، وليست أكبر المدن، ولكنها تعادل تاريخ أمة.
ثم أخذت الشوا الحضور في رحلة سياحية ممتعة بالصورة مستخدمة البروجكت و مستعرضة أهم المعالم الأثرية لغزة، وعرضت صوراً لأهم الأماكن العتيقة ومسمياتها التاريخية مقسمة غزة إلى أربعة أجزاء. وأعطت شرحا جميلا عن الكنائس والمساجد والشوارع وحتى نوع الحجر الذي بنيت به بعض المباني القديمة في البلدة العتيقة مستعيدة ذكريات الطفولة فيها فكان ماقدمته هدى الشوا إضاءة لافتة ومغايرة بثت شيئا من الحياة في بؤس الأمسية 
الأمين الرميضي : الأدباء الكويتيون مسافرون
«القدس العربي» ناقشت مستوى الأمسية مع أمين عام رابطة الأدباء وسألناه : لماذا لم تنظم رابطة الادباء فعالية لغزة وتركت لناد مجهول تنظيمها واستغلالها كمقر فأجاب : النادي الايجابي هو من الملتقيات الثقافية والاجتماعية بالكويت التي تهدف لخدمة المجتمع وتضم باقة من عضوات رابطة الأدباء وترأسه أنوار التنيب عضو رابطة الأدباء الكويتيين ، ورابطة الأدباء تتشرف بالتعاون مع الملتقيات الأدبية كافة بدولة الكويت ونذكر ان الموسم الثقافي الماضي قد شهد الكثير من التعاونات الجميلة مع مثل هذا الملتقى نذكر منها مركز تنوير ورابطة شعراء العرب واتحاد أدباء سوريا الأحرار ومنظمة التوستماستر الدولية وغيرها بالإضافة إلى المؤسسات الثقافية وجمعيات النفع العام كمكتبة البابطين وجمعية المكتبات ونادي السينما ..الخ
وأضاف الأمين الرميضي : وقد كانت لدى مجلس إدارة الرابطة فكرة لإقامة أي نشاط يتعلق بغزة
وجاءت مبادرة من نادي الايجابي بهذا الشأن لذا وافق مجلس الإدارة على إقامة هذا التعاون والذي نعتز به ونشكر الزملاء بالنادي على مبادرتهم الإنسانية .
أما فيما يتعلق بغياب الأديب والمثقف الكويتي وتخلفه عن الحضور : فللأسف الإنسان العربي بشكل عام يغيب عن التفاعل مع هموم الوطن العربي بالشكل اللائق ولكن الأديب الكويتي له حضور جيد بالتفاعل مع القضايا القومية ولعل الإعلام مقصر في إبراز ذلك فنجد قلم الأديب الكويتي يتفاعل مع كافة الهموم العربية منذ القدم وحتى تاريخه رغم الإخفاقات العربية المتكررة إلا ان الأديب الكويتي لا يزال يعتز بعروبته التي لن يتخلى عنها أبدا
وفي فعالية ( لكِ غزة ) وجدنا تفاعلا طيبا من الأدباء الكويتيين وحضورا لافتا للشعراء الكويتيين الذين أصروا على المشاركة مع الأخوة العرب بالرغم من ان الرابطة كانت تقترح مشاركة شاعر واحد فقط حسب برنامج الفعالية وتفضل عدم الإطالة على الحضور.
* لكن الواقع إن ليس هناك حضور إلا للمتحدثين والشعراء الذين ألقوا نصوصهم وعددهم تجاوز عشرة مشاركين ولو أخرجناهم من الصالة لوجدتها فارغة تماما ؟
في الحقيقة إن الكثير من المثقفين والأدباء الكويتيين في إجازاتهم السنوية الصيفية هذه الأيام وسافروا لتمضيتها مع أسرهم خارج الكويت ، إضافة إلى إننا أرسلنا خبر إقامة الفعالية لكثير من الوسائل الإعلامية ولم نجد تجاوبا معنا في نشر الخبر أو تغطية الحدث وهذه من الأمور التي نأسف عليها إذ لايتفاعل الإعلام مع القضايا العربية الهامة بالشكل اللائق .
آراء الحضور
حمد الحمد: قلة الحضور ظاهرة دائمة
هذا ورصدت «القدس العربي» وجود الأديبين الوحيدين وهما خليفة الوقيان وحضر رغم مرضه واعتذر عن الحديث لالتهاب أحباله الصوتية. وحمد الحمد الذي سألناه عن تخلي الأديب والمثقف الكويتي عن المشاركة وقلة الحضور فأجاب الحمد :
علينا أن نعي ان قلة الحضور هي ظاهرة دائمة طوال العام بالنسبة للفعاليات الثقافية في الكويت وغيرها ، لكن وجدت حضورا مقبولا لفعالية غزة رغم ان الفعالية أقيمت خارج الموسم الثقافي كذلك في فترة صيف بالإضافة لعدم وجود حملة إعلامية لانعقادها . 
وأضاف : لكن نؤكد ان المثقف الكويتي غالبا هو موجود أو مبادر للمشاركة بأية ندوات تساهم بدعم القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية ، ولكن ما يحدث هذه الأيام في غزة هي حرب بمعنى الكلمة وأراوح تذهب وممتلكات تدمر وأهل غزة في مواجهة جيش منظم مدعوم من قوى دولية لهذا أتت حرب غزة في وقت مفجع للعالم العربي حيث الوطن العربي يمر بمرحلة تاريخية سوداء لا نعرف هل يستطيع أن يخرج منها أم لا حيث جماعات جهادية أصولية لا نعرف تاريخها أو منظورها للحكم تحاول أن تسيطر عليه بأكمله .
لهذا تأتي حرب أو أحداث غزة المفجعة للأسف وكل دولة من دولنا العربية تعيش في أزمة كبرى أو أزمات لا تهدد تاريخها أنما تهدد وجودها و وجود شعبها ، وكل نظام عربي وكل شعب مشغول بأزمات حقيقية تعصف به من ليبيا إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى مصر إلى اليمن ، ودول أخرى في الخليج والمغرب العربي ترقب ما يحدث في تلك الدول وتحاول أن تتصدى للضى النيران والتداعيات ، نعم يمر عالمنا العربي بمرحلة صعبة أشعلها التدخل الإيراني الذي زرع الفتن الطائفية في المنطقة وراح يراقب عن بعد كذلك ضعف وصمت الدول الكبرى .
وأضاف : هنا السؤال وفي هذا الظروف هل ما زالت قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى في ظل أوضاع صعبة يمر بها عالمنا العربي حيث أصبح كل قطر عربي لديه قضية أو قضايا تهدد وجوده ، هذا سؤال يجب أن يطرح ؟.
هنا لا نقول إلا أن دعم أهل غزة واجب في مواجهة عدو يريد أن يمحي شعب مُحتل من الوجود ، لكن لنعترف أن أحداث العالم العربي مفجعة وسوداء بمعنى الكلمة وتأتي أحداث غزة من قبل العدو الصهيوني لتجعلها أكثر سواداً ، لهذا التعامل مع واقع عربي مؤسف يجب أن يكون هو المعيار الحقيقي من جانب القيادات الفلسطينية و الاعتماد على نظرة مغايرة و واقعية لما قبل أحداث الربيع العربي الذي تحول للأسف إلى دمار عربي بكل معنى الكلمة .
المناصرة للحركات والفصائل السياسية وليست للأمة 
وحول نفس الإشكالية قالت الروائية هدى الشوا لـ»القدس العربي» :
انتهى زمن القضايا القومية الكبرى ، لنسأل ما هو مفهوم» القضايا القومية» تحديدا والمثقف يجد نفسه في واقعنا المعاصر أمام خريطة تفاعلية لوطن عربي تتصارع فيها القوميات والهويات ؟ أليس الوحدة العربية مفهوم متخيّل كرّسته أنظمة الخطاب الشمولي ابتداء من مراحل ما بعد الكولونيالية دون أن تعنى بتكريس مفهوم المواطنة الحقة وبناء المجتمعات المدنية الديموقراطية وإنتاج مواطن عربي يتمتع بحقوق سياسية ومدنية وقضائية؟ 
وأضافت الشوا : بعد عقود من انهيار الخطاب القومي العربي إثر حرب 67 أخذ الموقف الثقافي السائد تجاه «القضية الكبرى»، قضية فلسطين، يعكس خطابا ثقافيا عاما يسوده الخطاب الديني المؤدلج? أصبحت مسألة تحرير فلسطين ومطالب شرعية إنسانية لشعب كامل (مسلم ومسيحي) يناضل لنيل الحرية والعدالة والاستقلال، وحقه في المواطنة، والعيش الكريم، تُختزل في إطار أسلمة سياسية للصراع العربي ـ الإسرائيلي، دون بناء مشروع وطني واضح تشارك فيه كل الفئات? بعد أن فقد المثقف الحالي قضاياه الكبرى? يقف حائرا أمام باقة من القضايا المتشرذمة ?
 فالمركز انهار، كقول الأديب النيجيري تشنوا آشيبي، والأشياء تتداعى? وبدلا من مناصرة قضية أمة، ينتصر لحركة مقاومة هنا أو فصيل جهاد هناك? و عوضا عن مناصرة مصير شعب اقتلع من أرضه، يجد نفسه مدافعا عن أقليات رُحّلت و اقتُلعت وهُجّرت قسرا من صميم أوطانها العربية بأيد عربية، من وطن هي جزء من تركيبته المعقدة المتنوعة. 
ففي زمن انهيار القضايا القومية الكبرى وتداعي اسطورة الوطن ، يجد المثقف الراهن نفسه أمام تشظيات من القضايا، كلّ منها موجعة وأكثر تعقيدا من الأخرى، فله أن ينصرها أو يلتزم الصمت?