آراؤهم

الجميلةُ النائمة

 يومين كاملين .. قضيتهما باكية في غرفتي على موت”عروس البحر” بطلة إحدى قصص المكتبة الخضراء التي عودتني على نهاياتٍ سعيدةٍ  لحكاياتها، وأخلفتني في هذه ! 
يومان حافلان بشتى أساليب المواساة لي من الأهل … لا بموت الأميرة العروس بل ب”قلة عقلي” التي جعلتني أبكي موت كائنٍ .. لم يولد قط !
كانوا يرون أني ممعنة في سذاجتي وكنت أراهم عتاةً في قسوتهم ، ساعات حزينة لم يخرجني منها إلا دخول والدي رحمه الله عليّ حين علم صدق مشاعري لمواساتي بعبارات  حقيقية و حقائق، قال لي في إحداها: “كلنا يا بنتي مصيرنا الموت”!!! 
كشفٌ .. صادم لي كطفلة، أذهلتني فيه نهايتي عن نهاية عروسٍ .. في أعالي البحار … ماتت.
ذهب يوما الحزن على عروس القصص التي تحول جسدها زبداً تتقاذفه الأمواج ، وجاءت أيام قلقٍ و وجلٍ على “جميلة الخليج النائمة”! 
تماماً كما في القصة … ؛ ناولها من سلمتهم أمرها تفاحةً ،بل ..سلالاً من تفاح العجز وسوء التدبير، مغلفٌ بسُمٍ زعاف من موالاة الأشرار ومناكفة الأخيار، 
فتناولته هي بغفلتها حتى تسمم جسدها ووهنت روحها فوقعت جميلتنا “الكويت” مغشياً عليها لتفتقدها بعدها  محاضر عِزٍ داخلية وخارجية طالما ملأتها بمواقفها المشرفة .
فإن صرح بعدها والحال كذلك رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بأن:”سقوط سوريا هو سقوط الكويت ” فلا تظنن الرجل يهذي، فهو يعلم تماماً نوع السم الذي ناولها إياه مطمئن جداً إلى طاعتها واستمرارها في تجرعه دون أدنى مقاومة ، وهو اطمئنان عبر عنه عضيد لاريجاني في العقيدة التوسعية الإيرانية السفير علي عنايتي بإجابته عن دور ايران في زعزعة النظام في الكويت فقال:”لماذا نزعزع نظاماً -هو في تجرع سُمِنا -نعتبره الأفضل ؟!
والإعتراضية ظاهرٌ طبعاً أنها لي لفظاً وقهراً،  ولعدونا معنىً ولؤماً .
لست أبالغ ، فالتغلغل الإيراني في الكويت سمٌ يسري في جسدها تتناوله تحت سمع الحكومة وبصرها وأحياناً.. رعايتها !!! جريمة في حق الكويت مكررة أبشع من جريمة التغافل عن مقدمات الغزو العراقي وكأن مهمة الحكومة الكويتية عند الملمات أن تغض الطرف عن كلٍ غازٍ وطامع وتفسح له الطريق !!
ثم يأتيك مع مصيبتك بحكومتك، من يريد أن يصيبك في عقلك فيصف نهجها ذاك بأنه “سياسة ودبلوماسية عريقة” مع أنها هي ذات السياسة التي لم ترد العراق عن غزوه أو تخرجه بعد تمكنه !ولكن هكذا يفعل دوماً العاجزون … يتجملون .
لسنا ضد مداراة المتوحش من الدول والمعتدي من الأنظمة والأذناب “المسترئسة”وذلك حتى حين ، ولكن أن نجعل ذلك نهجاً تصحبه محاربةٌ للمصلحين اليقظين حماة الوطن الحقيقيين وتغييب رؤوسهم الشامخة سجناً وتهجيراً وملاحقة حينها يجب أن نسمي الأفعال بمسمياتها ونَسِمُ الخنوع بوسمه القبيح، ولا نخدع أنفسنا بوصفه “حكمةً منّا” في حين أنه في حقيقته”إحكامٌ علينا” !
الواقع الجديد يقول أيضاً أن حكومتنا الغير حكيمة ليست وحدها في قفص الإتهام بالبلادة وحب “اللَبدة” بعيدا عن مواجهة الأخطار وإن كانت المتربعة فيه ،فغالبنا اليوم كشعب يزاحمها قضبانه ويشاركها إثم التغافل المهلك عن مصالح الكويت بل ربما هو منّا أقبح على اعتبار وعينا الأكبر  من الحكومة بالأخطار -صدقاً-  وتحررنا من قيود الدبلوماسية وقدرتنا على الضغط ، ولكن يبدو أننا قد استسهلنا الإنتظار عن السعي، وترفيه الديوانية عن معارضة الميدان ، حتى أمست رموز المعارضة التي تنافح عنّا وعن وطننا تعقد المؤتمر تلو الآخر بنفسها لنفسها بحضور متواضع وكأن الأخطار على أبوابهم وحدهم لا أبوابنا جميعاً !!
تاريخ الوجود الإيراني في الكويت لا يشبهه وجود لأي فئة وافدة جاءت لطلب الرزق والستر، بل كانت فئة تعمل دوماً للتمكن والتمكين ، انتبَه لذلك الشعب الكويتي مبكراً لا حكومته وكان ولا زال يحذرها منه ، يحكي الدكتور المديرس في كتابه “المجتمع المدني والحركة الوطنية الكويتية” أن المثقفين والقوميين الكويتيون في الخمسينيات كانوا يصفون الوجود الإيراني ب”الإستعمار الجديد” وقد “طالب متحدثهم عبدالله أحمد حسين  الحكومة الكويتية بتطهير الكويت من الإيرانيين ووصفهم بالطابور الخامس الذي سوف يعمل في الوقت المناسب ” صدق الرجل وصدقته الأيام ، حتى رأيناهم يجلسون في مجالس حكمها ويهددونها ويملؤونها خلايا مفتوحة العينين ومعبأة المخازن … أتراها صدفة أم أنه “مخططهم ” تسبقه “غفلتنا”؟
ولأن الوجع بالوجع يذكر فقد دخلت علينا بالأمس زميلتنا في العمل سورية الجنسية فابتدرتها إحدانا بسؤالٍ لم أره مناسباً عن أهلها في سوريا ، فأجابت “ليش؟ هو عاد فيه أهل أو عاد فيه سوريا” ؟! 
ثم بكت وأبكتنا 
سوريا العائدة بإذن الله يا سادة أكبر منا حجما وعدداً 
ولكن .. هكذا يحدث لكل دولة ترى نفسها عروساً ل”فارسي” طامع يخالفها جنساً ونهجاً وتتنازل من أجله عن أهلها وانتمائها، ينبذها هو، وتتحول هي إلى زبدٍ تتقاذفه الأمواج .
نهاية حزينة أعيذ وطني وأوطان المسلمين منها ورجائي بالله ثم بكويتيين لن يتركوا الكويت لتصبح عروساً عاشقةً منتحرةً أخرى ، وستحكي الأيام عن جهدهم في انقاذها و أن “الكويت” حينها  ما كانت إلا جميلةً نامت توعكاً، ثم قبلها “الشعب” قُبلةَ نُصرةٍ ….. فأفاقت 
‏?
وضحة المحمد

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.