اقتصاد

مستثمرو الكويت يتابعون تطورات سوق العقار التركية عن كثب

اتجه الكثير من الكويتيين إلى الاستثمار العقاري في الخارج؛ نظرا لأن أسعار العقارات خارج الكويت تتوافق بشكل أكبر مع دخل المواطن الكويتي، على عكس أسعارها المتضخمة في الداخل بسبب ندرتها والطلب المرتفع عليها، هذا بالإضافة إلى رغبة المواطنين في توفير ملاذ آمن لهم تحسبا لأي ظرف طارئ في ظل الوضع الإقليمي غير المستقر بالمنطقة.
إلا أن الكويتي، الشغوف بشراء العقارات في الخارج، يتابع هذه الأيام التطورات الأمنية الأخيرة في العالم، وبالأخص في تركيا بعد فشل الانقلاب العسكري هناك.
فبحسب آخر بيانات إحصائية تركية، أظهرت النتائج أن الكويتيين جاءوا في المرتبة الثانية من حيث شراء الأجانب للعقارات بتركيا في أبريل (نيسان) الماضي.
وأوضحت البيانات التي أصدرتها مؤسسة الإحصاء التركية، أن المواطنين الكويتيين اشتروا 172 عقارا في أبريل الماضي، ليحتلوا المرتبة الثانية بعد العراقيين الذين تصدروا قائمة الترتيب بشراء 276 عقارا، في حين جاء السعوديون ثالثا بشراء 165 عقارا، ثم الأفغان في المرتبة الرابعة بشراء 115 عقارا، وفي المركز الخامس كان الروس، بشراء 96 عقارا.
وأشارت البيانات إلى أن مبيعات العقارات للأجانب بشكل عام في تركيا سجلت انخفاضا في أبريل الماضي بنسبة 14.4 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، مبينة أن العدد الإجمالي للمبيعات بلغ 1581 عقارا.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن حجم الاستثمارات الخليجية في تركيا قد تضاعف خلال السنوات القليلة الماضية، وجاء على رأس القطاعات الجاذبة القطاع العقاري، الذي تشير التقديرات إلى تجاوزه مبلغ 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة. بينما توضح أرقام صادرة عن اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، إلى أن حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة من دول المجلس إلى تركيا بلغ نحو 8.2 مليار دولار ما بين عامي 2010 و2014. موضحة أن الغالبية العظمى من تلك الاستثمارات تعود إلى القطاع الخاص، في حين أن حجم مشروعات الإنشاء التي تنفذها شركات تركية في دول الخليج بلغ 40 مليار دولار عام 2014.
وبحسب إحصاءات رسمية تركية، فقد شكل المستثمرون العرب ما يقرب من نصف عدد المستثمرين الأجانب في مجال الاستثمار العقاري في تركيا، وذلك بشراء ما يناهز 11 ألف وحدة عقارية، من مجموع نحو 23 ألف وحدة عقارية تم بيعها في أنحاء تركيا عام 2015.. فيما تشير الأرقام المعلنة من غرفة التجارة الكويتية إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية العامة والخاصة في تركيا يتجاوز 5 مليارات دولار.

رؤوس الأموال
ويقول نائب رئيس مجلس إدارة شركة «بلوبرينت للاستشارات العقارية»، المهندس مشعل الملحم: إن ما يدفع الكويتيين إلى الشراء في تركيا يرجع إلى مشاعر التفاؤل العام بالإصلاحات الاقتصادية الإيجابية التي كرسها النظام الحاكم في تركيا عبر سنوات حكمه، التي قفز خلالها بمعدلات نمو الناتج القومي إلى مستويات الـ5 في المائة سنويا، مقارنة بأرقام صفرية في ألمانيا وفرنسا». مشيرا إلى كاريزما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي حولت تركيا من دولة هامشية في منطقة الشرق الأوسط إلى لاعب أساسي، وأن هذا من شأنه تعزيز الثقة في مكانة الدولة وقوتها واستقرارها.
وحول تأثير ما حدث من اضطرابات في العقار بتركيا، أشار الملحم إلى أن رؤوس الأموال تتجه إلى حيث المناخ الآمن، موضحا أن كثرة القلاقل الداخلية والعمليات الإرهابية والخلافات السياسية في سدة الحكم والمخاطر التي تواجه تركيا من خلافها المعلن مع جيرانها، ستؤثر كلها في صناع القرارات الاستثمارية، وستجعلهم يترددون في الخوض في استثمارات حالية. مضيفا أن هناك مجموعة كبيرة من المستثمرين ترى أن العوائد التي تحققت في السنوات السابقة قابلة للتحقق على مدى السنوات المقبلة، وأن المخاطر مرتبطة طرديا بالعوائد.
وحول وجود تأمين ضد الحروب أو النزاعات تتضمنه العقود العقارية، قال الملحم: إن شركات التأمين أبدعت في إخراج حلول تأمينية مبتكرة، ولكن المشكلة تكمن في تعريف «الأزمة» و«الضرر الناتج منها»، وتأثيره في رأس المال، ونوع التعويض المستحق وكميته.. وفي حالة تحديد هذه المعطيات يصبح من السهل التأمين على الاستثمار.
ونصح الملحم كل من يفكر في شراء عقار بتركيا، قائلا: «النمو المبالغ فيه لأسعار العقارات التركية لا بد له أن يتوقف؛ بل من المتوقع أن يتجه عكسيا. وسياسة البنك المركزي التركي تكشف رغبتها في دعم السيولة في السوق الداخلية؛ إذ إنها ما زالت تواصل خفضها لأسعار الفائدة مرة بعد مرة؛ مما جعل الأموال تخرج من مكامنها الآمنة إلى السوق. كما أن الإقراض العقاري أصبح أقل كلفة. ومما لا شك فيه أن هذا الوضع الإيجابي سيتعرض لهزة آجلا أم عاجلا، ولا أملك تقدير حجم هذه الهزة».

استثمار طويل الأجل
من جهته، قال فؤاد العمر، رئيس مجلس إدارة شركة «مينا العقارية» التي تمتلك استثمارات في تركيا: إن «استثمار الشركات العقارية عادة ما يكون طويل الأجل»، مشيرا إلى أن السوق التركية ستشهد في المرحلة المقبلة عرضا أكثر من الطلب على العقارات، ومبينا أنه لا تزال هناك رغبة لبعض المستثمرين الكويتيين والسياح الخليجيين في أماكن معينة في تركيا ليكون لهم سكن ثان هناك.
وتوقع العمر، في حال استقرار الوضع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، أن يعود الإقبال بشكل أكبر على العقارات التركية، منوها إلى أن هذا الأمر مرهون بكيفية معالجة الحكومة للأزمة، وما تصوراتها لوضع الاقتصاد في المرحلة المقبلة. مشيرا إلى أنه «إذا استمرت تركيا على النهج الاقتصادي السابق نفسه، فهذا يعني استمرار التطور الاقتصادي.. لكن إذا تم وضع قيود اقتصادية ومالية، سيختلف الوضع، وهو ما يترقبه الاقتصاديون».
وأشار العمر إلى أنه في مثل هذه الظروف، يتجه البعض إلى بيع العقار، ويطلق على تلك العملية مسمى «البيع تحت الضغط»، والمستثمر أو المالك بذاك ينوي عدم الرجوع إلى تركيا بسبب ضبابية الأوضاع، وحتما سيتعرض إلى خسارة. ولكن من ليس لديه ظروف تستدعي أن يبيع، فعليه الانتظار إلى حين تحسن الأوضاع مستقبلا.
وأوضح العمر، أن «عقارات الأفراد» عادة لا تتضمن تأمينا ضد الحروب أو التغيرات لسياسة الدولة التي تم الاستثمار فيها، إلا أن هناك مؤسسات لضمان الاستثمار في دول الخليج، والتي تقدم ضمانات ضد الحروب الأهلية لمؤسسات كبرى تستثمر في تركيا أو غيرها.