كتاب سبر

ثامر السبهان الشمري.. ضربة سعودية جذورها ممتدة حتى ذي قار وسعد بن أبي وقاص!

هو السفير ثامر السبهان الشمري.. وهذه (الشمري) غير منتشرة على نطاق واسع وإن كان الناس يعرفونها.

وثامر السبهان الشمري لها معنى يؤلم إيران والصفوية والمجوسية في آن معا!

فهذه (الشمري) معها (الفضلي) و(العنزي) و(الجبوري) و(الدليمي) والبقية، ولا هان أحد ممن لم نذكر عمن ذكرنا.. فتلك معادلة إعادة تعريب العراق العربي عندما يحدث طغيان (التفرسن) أو (التتريك) تتولاها القبائل الأصيلة.

وهنا لا بد من العودة إلى التاريخ، والإشارة إلى أن الأمور تعدت مرحلة الدبلوماسية والتستر وراء الهواجس وعدم إعلان السياسات فما هو يجري حرب شاملة لا تنفع خلالها المجاملات والتسترات.

وعندما نعود إلى التاريخ فلأن فيه التذكير للبهائم الأصلية في فارس والتي لا تريد إدراك استحالة هزيمة العرب وكذا بهائم بهائم الفارس المنخدعين بالصفوية الخائبة الجاهلة.

ونورد هنا قصة (الحرقة) هند بنت النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرؤ القيس من بني لخم أميرة الشعر في بيت أبيها الملكي في الحيرة، ولقبت بالحرقة للتفريق بينها وبين بنت أخرى للنعمان اسمها هند أسموها (هند الصغرى) لكن الحرقة أو (هند الكبرى) كانت ذات جمال نادر لا يوصف، فوصل خبرها الى كسرى فتمناها لنفسه وخطبها من أبيها النعمان فأنف النعمان هذا، إذ كيف يزوج ابنته إلى أعجمي فهذا عار عند العرب لا يطاق، فغضب كسرى أبرويز عليه فوق ما أوغر صدره عليه زيد بن عدي (العبادي)!.. لأن النعمان قتل أباه عدي بن زيد فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وفيهم الهندين (الحرقة والصغرى) وماله وسلاحه ثم عاد واستسلم لكسرى فسجنه في (الزندان) – جنوب المقادية حاليا – فبقي في سجنه حتى قتله كسرى حقدا عليه وفي رواية أخرى مات شوقا إلى أهله وفي كلا الحالين حاز مجد عروبة صافية أصيلة غير ملوثة.

بموت النعمان أرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب ودائع النعمان وبينها ابنته الحرقة زوجة له فأبى هانئ أن يفعل لأن خيانة الأمانة عار عند العرب، فعزم كسرى على استئصال بني شيبان وجهز جيشا ضخما بقيادة الهامرز (ربما الهرمزان) وجلابزين وضم معه أتباعا من العرب الموالية من بعض تغلب والنمر وقضاعة وأياد فاستجار الشيبانيون بقبائل (بكر بن وائل) فوافتهم ثم استشاروا الداهية حنظلة بن سيّار العجلي فاستقر الرأي على البروز إلى بطحاء ذي قار وهو مكان عائد لبكر بن وائل قريب من الكوفة، وأحد أسباب اختيار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقع مدينة الكوفة قبل بنائها.

وهنا لم يلتفت أي عربي حرصا على الشرف لنداء أطلقه كسرى بين جميع القبائل بأن برئت الذمة ممن يؤوي الحرقة!.. فما كان من الحرقة إلا وأنشدت:

لم يبق في كل القبائل مطعم لي** في الجوار فقتل نفسي أعود

ما كنت أحسب والحوادث جمة** أني أموت ولم يعدني العود

حتى رأيت على جراية مولدي** ملكا يزول وشمله يتبدد

فدهيت بالنعمان أعظم دهية** ورجعت من بعد السميذع أطرد

وغشيت كل العرب حتى لم أجد** ذا مرة حسن الحفيظة يوجد

ورجعت في إضمار نفسي كي أمت** عطشا وجوعا حره يتوقد

موتي بعيد أبيك كيف حياتنا** والموت فهو لكل حي مرصد

يا نفسي موتي حسرة واستغني** سيضم جسمك بعد ذاك الملحد

خاب الرجا ذهب العزا قل الوفا** لا السهل سهل لا نجود أنجد

جمدت عيون الناس من عبراتها** وقلوبهم صم صلاد جلمد

لا يرحمون يتيمة محزنة** مقتولة الآباء نضواً تطرد

تبغي الجور فلا تجار وقبل ذا** كان المنادي للجوار يسود

فالموت فيه فرجة فتأيدي** ليس المفزع قلبه يتأيد

أف لدهر لا يدوم سروره** ولخصب عيش غضة يتنكد

ما الدهر إلا مثل ظل زائل** وبدور شمس فارقتها الأسعد

وصروف هذا الدهر أعظم مطلبا** للأعظمين هلاكهم يتودد

أفهل رأيتم أسفلا يفنى كما** يفنى الأعالي الأسمحون السؤدد

لا ما أظن وللزمان بقية** ووضيع قوم في الدنا لا ينجد

قومي تهيئي للممات فإنه** أولى بذي حزن إذا لا يسعد

ومن سرديات القصة أن الحرقة استجارت بالشاعرة صفية بنت ثعلبة الشيبانية فأجارتها وأعلنت ذلك بين قومها ما كان يعني الحرب ولا سواها.

وصفية كانت حكيمة قومها وكانت تسمى الحُجيجة لقوة حججها في الحوار والرأي فأنشدت تستنهض قومها مخاطبة أخاها عمرو بن ثعلبة قائلة:

حافظ على الحسب النفيس الأرفع** بمدججين مع الرماح الشرع

وصوارم هندية مصقولة** بسواعد موصولة لم تمنع

وسلاهب من خيلكم معروفة** بالسبق عادية بكل سميذع

واليوم يوم الفصل منك ومنهم** فاصبر لكل شديدة لم تدفع

أظهر وفاء يا فتى وعزيمة** أتضيع مجدا كان غير مضيع

وقد انتصر العرب وأنشدت هند:

رغمنا بعمرو أنف كسرى وجنده** وما كان مرغوما بكل القبائل

هذا قصارى الأمر فاحمل محسرا** لكميك ما بين الظبا والذوابل

ثم وصفت عمرو بن ثعلبة الشيباني قائد المعركة ومن معه من الصناديد:

لقد حاز عمرو مع قبائل قومه** فخارا سما فوق النجوم الثواقب

هم قلدوا لخماً وغسان منة** بسمر القنا والعاديات الشوازب

يقلب عسالاً ويندب صارما** ويلبس يوم الروع ثوب المحارب

حمتني بنو شيبان والحي تغلب** بقب المذاكي وسيوف القواضب

نجوت بعمرو من مطامع كيسر** وعدو شهاب يوم روع المقانب

ولله مولاهم جدابة نعم ما** يدبر في كل الأمور اللوازب

بأسمر عسال وأبيض قاطع** وأكمت وردي وعين مراقب

وكم فرج منه علينا بغارة** وكم حملة يوم التقاء الكتائب

ثم أعطت وصفا كاملا لما جرى:

المجد والشرف الجسيم الأرفع** لصفية في قومها يتوقع

ذات الحجاب لغير يوم كريهة** ولدا الهياج يحل عنهم البرقع

نطقاء لا لوصال خل نطقها** لا بل فصاحتها العوالي تسمع

لا أنس ليلة إذ نزلت بسوحها** والقالب يخفق والنواظر تدمع

والنفس في غمرات حزن فادح** ولهم الفؤاد كئيبة أتفجع

مطرودة من قتل أبوتي** ما إن أجار ولم يسعني المضجع

ويئست من جار يجير تكرما** فتحل عن عيسي لديه الأنسع

وأتاني الراعي يحف قناعها** فأجرت واندملت هناك الأصلع

وتواردوا حوض المنية دون أن** تسبى خفيرة أختم واستجمعوا

وألح كسرى بالجنود عليهم** وطميح يردف بالسيوف ويدفع

كم زادهم من غارة ملمومة** بالقب تعطب والأسنة تلمع

وهم عليه واردون بطرفهم** والنصر تحت لوائهم يترعرع

حتى غدا الفرس في أجناده** والقول جرحى والمذاكي ظلع

فهناك أرجفت البلاد ومن بها** الأحياء من يمن ومن يتربع

وتحيروا فشفت صفية مفخرا** ودعت قبائل شرها لا يقلع

منها شهاب مع ظليم وشعثم** وجدابة في حرها يتلفع

آجامها فيها الصوارم والقنا** والسابرية والوشيج الشرع

فرأيت عند الخيل فيها شعثما** مثل الحمام إلى المورد يقلع

وجدابة كالفحل يضرب أينقا** وشهاب يضرب بالحسام ويوجع

في نهاية هذه الملحمة وهب بنو شيبان الحرقة فوق النصر ألف ناقة هدية، وقد تزوجت بعد ذلك المنذر بن الريان أحد أبناء الملوك وقد أسلم وقتل بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم عليه السلام في موقعة أحد هو وسيد الشهداء حمزة عم النبي رضي الله عنه، والتقت الحرقة سيدنا سعد بن أبي وقاص في الحيرة بعد النصر الكبير في معركة القادسية فشكت أمرها إليه وهي تقول شعرا:

فبيننا نسوس الناس والأمر أمرنا** إذا نحن فيهم سوقة نتنصف

فأف لدنيا لا يدوم نعيمها** تقلب تارات بنا وتصرف

فأكرمها سعد وحفظ لها مقامها وعاملها معاملة الكرام ولما خرجت من عنده سألها الناس فقالت:

صان لي ذ متي وأكرم وجهي** إنما يكرم الكريم الكريمُ

وعاشت هند بنت النعمان كثيرا وقيل انها توفيت عام 74 للهجرة!..

وهكذا فكما سعد بن أبي وقاص العربي المسلم امتدادا للنعمان بن المنذر العربي المشرك بمواجهة الفرس فالسفير السبهان الشمري لا أم للمجوس امتداد لهذا التاريخ المجيد فشمر العراق شيعة وسنة، وجميعهم أبناء عمومة تجمعهم العروبة فوق المذهب والتمذهب، وفارس لا تستطيع التسلل إليهم فأول رئيس للعراق كان من شمر (الياور) وهؤلاء أنسباء آل سعود بزوجة (أبو متعب) عبدالله بن عبدالعزيز أقرب خدّام الحرمين الشريفين إلى قلوب السعوديين والعرب.

وما كانت تتولاه قبائل الفرات الأوسط منذ الجاهلية (أيا كان دينها) من مهمة حفظ وإعادة تعريب العراق تتولاه الآن برفد ودعم السعودية وبقية جزيرة العرب، ولذا نرى هذه الهجمة على السفير السبهان من فلول التمجس والصفوية في العراق الذي لا تخطئ عين الآن تململه وانتفاضته ليعود عربيا سيدا كما كان أبدا.

2 تعليقات

  • الصراع بين ايران و العرب ليس صراع سني ، شيعي بل صراع ، فارسي ، عربي كما يعترف الشاعر الفارسي و يقول : ان هذا الصراع و العداوة ليس دفاعا عن حق علي في الخلافة ولكنها البغض و العداوة لعمر الذي كسر ظهر العجم و هدم حضارتهم ( بشکست عمر پشت دلیران عجم را ، بر باد فنا داد رگ و ریشه جم را ، این عربده بر غضب خلافت زعلی نیست با ال عمر کینه قدیم است عجم را)

  • نحن لا نعرف بذات لما عداوة الفرس للعرب, فلو قلنا بسبب القادسية و احتلال ايران من قبل العرب المسلمين
    ستجد ان قبل الف سنة من مجيء الإسلام, انهزم الفرس من المقدونيين علي يد الاسكندر و احتلت ايران نفس الطريقة
    كما فعل أبناء جنكيز خان و بوحشية و قتل بنفس الطريقة. و المقارنة بين هذه الهزائم و الاحتلالات ان العرب عندما احتلوا ايران نشروا الدين الإسلامي و اخرجوا ايران من عبادة النار و المجوسية و حققوا مبادء الإنسانية و الرحمة بين الناس, بينما
    التتر و المغول و المقدونيين لم ينشروا في ايران الا الدمار و القتل و الخراب. لماذا أيضا هذا الحقد علي العرب دون سواهم؟
    هو حس التكبر و التعالي و البربرية علي العرب! فهم ليس لديهم هذه الحساسة ضد الشعوب الأخرى غير العرب!! و لا يطيقون العرب متقدمين عليهم لان هذا يدفعهم الي الحسد و الحقد علي العرب.

أضغط هنا لإضافة تعليق