آراؤهم

ثقوب في الديمقراطية الكويتية (١)

في الديمقراطيات العريقة القائمة على الحالة الحزبية تتشكل الحكومة من كوادر الحزب الفائز بالأغلبية أو بائتلاف تشكله منظومة من الأحزاب إن لم يستطع اي منها الظفر بالأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة وبالتالي يبدو الأمر مقبولا القول إن أي تصويت في البرلمان حظي بالأغلبية أو أنه يمثل مطالب الشعب باعتبار أن الحزب أو الاحزاب هنا اختيرت مباشرة من جمهور الناخبين وهي حالة غير متوافرة في الديمقراطية الكويتية التي تبنت مزيجا بين الانتخاب والتعيين وهي حالة أثمرت أرضا سياسية غير مستقرة وهذا لا يعني بأي حال الدعوة إلى اعتماد الحالة الحزبية وإنما يمكن تجاوزه بيسر في اعتماد النهج البرلماني الكامل القائم على أن عضوية البرلمان لا تكون إلا لمن انتخب انتخابا حرا مباشرا وحظي بأصوات الناخبين في دائرته الانتخابية.

هذا النهج وإن لم يحظر اختيار الوزراء من غير النواب فإنه يحد من حالة عدم امتلاك الحكومة للأغلبية النيابية وذلك أن الوضع القائم حاليا يجعل الحكومة مطمئنة إلى انها لا تحتاج سوى أصوات الأقلية لتضمن تمرير أي قرار تريده وهو ما يجعل الأغلبية النيابية دوما في حالة حنق من عدم قدرتها على فرض أجندتها وبالتالي يزيد هذا الحنق من قبل جمهور الناخبين الذين يجدون أن لا سبيل لتحقيق طموحاتهم مهما بلغ من جهد في إيصال نواب يعتقدون أنهم قادرين على التعبير عن رؤية واضحة تجاه القضايا المختلفة.

وجدنا ذلك مثلا في التصويت على الميزانيات العامة للجهات الحكومية المختلفة حيث كان النواب في وضع لا يحسدون عليه إذ ورغم كم الملاحظات والمخالفات والتجاوزات المرصودة لم يتمكنوا من إيقاف تمريرها وكان يكفي الكتلة الحكومية عددا مماثلا لها من النواب لتكون لها الغلبة وهو ذات الأمر الذي شهدته جلسة التصويت على تحويل جلسة استجواب سمو رئيس الوزراء إلى سرية كما أنه ذاته ما طبق في أمر التصويت على تعديل قانون المحكمة الإدارية ليسمح لها بالنظر في سحب أو إسقاط الجنسية عن المواطنين وفي جميعها كان التصويت النيابي متفوقا إذ بدت الحكومة وكأنها حكومة أقلية غير أنها وفي جميعها أيضا مررت ما تريد لأن وزراءها لهم حق التصويت.

أن يكون للوزراء غير المنتخبين حق التصويت أحد المثالب التي حدت بشكل كبير في تطور الديمقراطية الكويتية وحالت دون بذل الحكومة جهدا مضاعفا للحصول على أغلبية نيابية واعية ومدركة لحجم التحديات وليست مرتبطة بمصالح ذاتية أو فئوية وتفاوض على مواقفها بحسب ما تحظى به منها دون حساب تأثير ذلك على الصالح العام بمجمله.