فن وثقافة

مركز “جابر” الثقافي يعيد إحياء كلاسيكيات الموسيقى “من غير ميكروفون”

أعاد مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي إحياء الطريقة الكلاسيكية في تقديم الموسيقى وذلك من خلال اقامته حفلا غنائيا طربيا بعنوان (من غير ميكروفون) أحياه المطرب طارق بشير صحبة فرقة المركز الموسيقية.
وخاض الجمهور الحاضر للحفل مساء اليوم الخميس تجربة فريدة في عالم الموسيقى العربية تعتمد على عرض الموسيقى بطريقة “طبيعية” دون تدخل إلكتروني أو كهربائي.
وتتوافر في المركز أهم العناصر التي تساعد على تطبيق هذه الفكرة أولها وجود مسرح موسيقي صمم بأحدث التقنيات الهندسية التي تضمن تكبير وتوصيل الصوت من دون تدخل كهربائي وهو (مسرح الشيخ جابر العلي) الى جانب حجم فرقة المركز الذي يصل الى 44 عضوا ما بين قائد وعازف ومغن.
وقدم بشير مع الفرقة مجموعة من الاغاني والألحان التي شكلت جزءا مهما من تراث الموسيقى العربية والمصرية تحديدا تميزت بترسيخ مفهوم “الطرب” أو “السلطنة” اذ تأخذ المستمع الى عالم النشوة الموسيقية عبر قوالب متنوعة وعبر تجربة أدائها بالطريقة الأصلية التي وضعت لها في الأصل.
واستعرض الحفل بعض أعمال الفنانين الأوائل الذين دعموا الموسيقى بألحان خالدة في ذاكرة الموسيقى العربية مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ورياض السنباطي باعتبارهم امتدادا للمدرسة الموسيقية القديمة في مصر اضافة إلى بعض أغنيات ليلى مراد ومحمد القصبجي وبيرم التونسي وزكريا أحمد وقطعة موسيقية لعاصم بك الناياتي.
وتنوعت الأغنيات والألحان التي قدمها بشير والفرقة وحملت عناوين (حبر الأفكار – يا شادي الألحان – حيرانه ليه – امتى الزمان – ليه يا بنفسج – يا صلاة الزين – انا هويت وانتهيت – ذكرياتي – حاتجن).
وجاءت هذه الأغنيات والألحان بمقامات متعددة مثل (راست – كردان راست – كرد – نهاوند – بياتي – حجازكار كرد) وبإيقاعات متعددة مثل (مصمودي – مربع – وحدة – مقسوم – سماعي ثقيل).
وكانت الموسيقى قديما وعبر مئات السنين تعزف من دون مؤثرات صوتية (ميكروفون وسماعات ومكسر) ما أكسبها نقاء عاليا أوصل الإحساس بذبذبات الموسيقى الى المستمعين على نحو مباشر.
وعلى هذا الأساس تستند فرق الأوركسترا الغربية الى هندسة القاعة (أكوستك) وتوزيع الآلات بحيث يتم الاستغناء تماما عن المؤثرات التكنولوجية.
وعرف الجمهور العربي قديما الحفلات والعروض الموسيقية بتلك الطريقة وذلك في حفلات كثير من الفنانين مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وصالح عبدالحي والتي كان يقدم بعضها في الحدائق.
وكانت تلك الحفلات تعتمد على قدرة المطرب وفرقته الموسيقية ومهارتهم في الغناء وقوة الأداء للوصول الى آذان المستمعين.
وفي هذا الصدد يشير كثير من الباحثين والمتذوقين الى أن الأغنية المصرية قد بلغت ذروتها مع أغاني محمد عبدالوهاب وأم كلثوم ولكن مما لا شك فيه أن النجاح الكبير الذي حققه النجمان الكبيران كان نتيجة تراكمية لألوان غنائية متوارثة. سبقهما اليها آخرون.
وكانت تلك هي موسيقى القرن ال19 وبدايات القرن ال20 الثرية بألحان ومقامات وضروب ايقاعية لم تشع لاحقا في الموسيقى المصرية وكان نجومها فنانين كبار مثل محمد عثمان وسيد درويش وداود حسني وغيرهم.
ويعتبر المطرب طارق بشير أحد الأصوات الطربية المتخصصة في الغناء الشرقي الكلاسيكي مثل الأدوار والموشحات والمواويل إذ يعد من خلال مساحة صوته وأدائه المتمكن من الأصوات النادرة القادرة على إعادة احياء التراث العربي السائد في العهد العثماني وعصر النهضة العربية.
ويمتاز بشير أيضا بعزفه على آلة العود في مجال التقاسيم والقطع الموسيقية العربية فهو يعزف العود على الطريقة المصرية وينتمي تحديدا الى مدرسة محمد القصبجي وقدم كثيرا من الألحان إلى جانب كتابته العديد من الأشعار الغنائية باللغة الإنجليزية.