فن وثقافة

ناصر الظفيري.. عامان على رحيل رجل الشمس

“سأقاتل حتى آخر يوم في حياتي، حتى يبقى هذا الأدب كويتياً” تمرّ اليوم -في ٢٠ مارس- الذكرى الثانية لرحيل صاحب هذا الاقتباس، الروائي الكويتي البدون أو الكويتي الكندي “ناصر الظفيري” في عام ٢٠١٩ في أوتاوا، بعد حرب مع مرض السرطان، خرج من بعض معاركه منتصراً، لكنّه هُزم في جولةٍ أخيرة.

وُلد الظفيري في مدينة الجهراء شمال دولة الكويت عام ١٩٦٠، بدأ مسيرته الأدبية شاعراً ثم قاصّاً وروائياً، تخرّج في كلية الهندسة في جامعة الكويت عام ١٩٨٧، ومارس العمل الصحفي لمدة عشرين عاماً قبل أن يغادر الكويت مهاجراً إلى كندا في عام ٢٠٠١ بحثاً عن مستقبل أفضل له ولأسرته الصغيرة -حينها- بعد أن استشرف مستقبل الفئة التي ينتمي لها “فئة البدون” في عقد هو عقد الويلات، عقد التسعينيات، الأشد مرارةً وقسوةً عليهم.

أصدقاء الراحل ومحبوه، استذكروا هذه المناسبة، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بهم، شقيقه جاسر الظفيري نشر فيديو عبر حسابه في تويتر بعد دفنه وسط ثلوج العاصمة الكندية وكتب: “في مثل هذا اليوم كانت فجيعتي عندما احتضن الجليد ابن الصحراء ناصر الظفيري رحمه الله وغفر له”.

الشاعر دخيل الخليفة نشر صورتين مع الراحل تعودان إلى تاريخ ٢٨ مارس ٢٠١٨، قبل رحيله بعام، وسط مجموعة من المثقفين في إحدى مقاهي الكويت، هم سعد الياسري، ومحمد السالم، وخزعل الماجدي، وكريم الهزاع.

الشاعر العراقي سعد الياسري هو الآخر نشر صورة تجمعه مع الظفيري معلقاً عليها: “عامان مرَّا يا ناصر الظفيري، السلام عليك حيث أنت، وفي كل وقت يا أخي” والقاصّ كريم الهزاع في ردٍ عليه: “يا ناصر الظفيري لذكراك المحبة وعبق الأمكنة ولروحك السلام حيث تنام، هناك أو في الذاكرة، يا أخانا الجميل وصديقنا البهي”.

مكتبة صوفيا نشرت تغريدة استذكرت بها الفقيد عبر حسابها في تويتر: “في مثل هذا اليوم فقدت الساحة الثقافية الكاتب الذي كرّس حياته في الكتابة عن الوطن والغربة، الروائي ناصر الظفيري، ليخلّف وراءه أدباً تقرؤه الأجيال القادمة، تعمّق من حسّها الإنساني، وتوسّع مداركها في فهم نفسها وما حولها”.

وكتب د.عبدالحكيم الفضلي: “ناصر الظفيري الجار والأخ الكبير والملهم، ذكرى رحيلك مؤلمة، مزعج ألا يكون لك قبر في بلدك”، بجانبه الكاتب عبدالله العمودي كتب: “عامان مرَّا يا معلمنا، عامان يا ناصر الظفيري، رحلت وبقي أدبك شاهداً على ما قاتلت لأجله طوال عمرك. أن يبقى هذا الأدب كويتياً”

المغرد سلمان الوحيّد غرّد مستعرضاً تغريدة سابقة عن رواية “كاليسكا” للظفيري يستذكره فيها: “يصادف اليوم رحيل ناصر الظفيري في المنفى، الروائي الكبير الذي ترك وراءه إرثاً أدبياً عظيماً، رحمة الله على روحه، ولكاليسكا تحديداً قيمة خاصة لديّ لسببين، لقيمتها ذاتها ولقيمة الصديق الذي أهداني إيّاها”، بينما المغردة كوثر غرّدت تقول: “الذكرى الثانية لرحيل أبانا الروحي ناصر الظفيري، كانت وما زالت كلماته وأعماله بالنسبة لكل البدون بمثابة وطن، يا رب ألف رحمة ونور”.

يُذكر أن الروائي ناصر الظفيري قد نشر المجموعة القصصية “وليمة القمر” أولى أعماله الأدبية عام ١٩٩٠ بعد أن عطّل اصطدامها بالرقابة نشرها ثلاث سنوات، ثم رواية “عاشقة الثلج” في عام ١٩٩٢ التي أعادت طباعتها دار صوفيا باسم “وردة جبل الكُرد” العام الماضي، تلتها مجموعة قصصية بعنوان “أول الدم” عام ١٩٩٣ أعاد نشرها في عام ٢٠١٧ بعنوان مختلف “أبيض يتوحش” مضيفاً لها أربع قصص جديدة، وتبعتها رواية “سماء مقلوبة” في عام ١٩٩٥، ثم في عام ٢٠٠٨ رواية “أغرار” وثلاثية الجهراء: “الصهد” في عام ٢٠١٣، “كاليسكا” في عام ٢٠١٥، واختتم ثلاثيته برواية “المسطر” في عام ٢٠١٧.

بعد هجرة الظفيري إلى كندا، هرباً من بدونيّته، ألحق هربه بهربٍ آخر، من تخصصه في الهندسة المدنية إلى الأدب الإنجليزي، ليلتحق بجامعة كارلتون ويحصل على البكالوريوس فيها، وينال بعدها الماجستير في اللغويات، ثم عمل مدرساً للغة الإنجليزية للمهاجرين في الملحقية الثقافية السعودية.

“حزين على حلم مرّ أمامي دون أن أتمسك به، وبدأت أستعيد أحلاماً لا حصر لها تتحرك باتجاهي وتبتسم، هي أحلام كانت أكبر من قدرتي على الاحتفاظ بها” هي التغريدة الأخيرة التي نشرها الظفيري قبل دخوله المستشفى، وكأنه بها يتنبأ بنهاية رحلته من الصهد إلى الثلج ويلخّصها، ليُدفن وسط الثلوج في شتاءٍ قارس وهو بعده “لم ينفض غبار الجهراء عن ظهره”.