آراؤهم

معتزلة الكويت

ذكر الدكتور محمد عمارة في كتابه الاسلام وفلسفة الحكم عن المعتزلة القدامى أهل العدل والتوحيد القدامى، أنهم معتزلة الصراع والفتنة التي حدثت في عصر صدر الاسلام ، فلزموا موقف الحياد والخروج من حلبة الصراع في ظل أجواء ملأتها الفتنة والصراع السياسي. فكانت موقعة الجمل هي بداية الانعزال والنأي بالنفس عن الفتنة بعدما دخلت الأهواء وابتعدت الأنفس عن الدين ومصالح الامة.

فيذكر عمرو بن العاص لمعاوية: إن أهل المدينة ومكة: ” ثلاثة نفر، رجل راضٍ بعلي، ورجل يهوى عثمان، ورجل معتزل” أي قوم مع علي بن ابي طالب وقوم آخر مع عثمان بن عفان وقوم اتخذوا موقف الحياد والاعتزال عن الصراع.

هكذا هو الوضع الآن في الكويت، شعب مع بعض المعارضة والأطروحات  الشعبوية التي تقودها بعض المعارضة، و آخر، شعب لا يكترث الا لمصالحه الشخصية ويهوى قوى الفساد، أما المجموعة الاخيرة فهم ما نصفهم بالمعتزلة، معتزلة التراشق السياسي، ينأون بأنفسهم عن سفاسف الأمور والتلاعب بهموم الناس والحفاظ على المبادىء الاخلاقية بالإبتعاد عن مكر السياسة والكذب وشراء الذمم، وعلوا حصيلتهم العلمية عن النزول الى الاطروحات الشعبوية التي تدمر مستقبل البلد.

لا أحد مكترث الى حال البلد حتى وإن ادعوا عكس ذلك، ففي المعارضة نرى عدم قدرتهم على ترتيب الأولويات واختيار القضايا الشعبوية على الاستدامة الاقتصادية، ففيهم من لا يكترث الا لمصالحه الانتخابية استعداداً للانتخابات القادمة، وهم كُثر، وقلة من هم صادقين يملكون النية الصادقة للإصلاحات لكن تنقصهم القدرة الفكرية والامكانيات.

وجانب آخر هم أصحاب المصالح الشخصية أهل الهوى، لا يهتمون الا بمصالحهم الضيقة واتساع نفوذهم، فهم يتربصون للهجوم في أقرب وقت ممكن، مستفيدين من عجز الفريق الآخر أعني بذلك مدعو ” المعارضة”، يعلم هذا الفريق أن المعارضة ستفشل دون أي حاجك للتدخل في الوقت الحالي، فهؤلاء يتمتعون بالتنظيم والدهاء في الفساد، فخلال ١٠ سنوات السابقة استطاعوا هدم منظومة القيم الاخلاقيه في المجتمع وهدم مؤسسات الدولة بالكامل.

أما فريق المعتزلة، هم القلة التي أُحبطت من سوء ادارة الدولة لسنوات وسوء المعارضة فكانوا كعبدالله بن عمر عندما اتخذ الحياد وقال إن كان هذا هدى ففضل تركته، وأن كان ضلالا فشرُ نجوت منه. أي عدم المشاركة في الخطيئة والاكتراث فقط لنفس وللعائلة وطلب العلم والعمل والابتعاد عن اضاعة الوقت مع الساسة في ظل عدم وجود نية حقيقية للإصلاح. وهم قطعا على حق في ظل ادارة سيئة وضياع القرار والعجز الفكري والاداري بعدم القدرة على انتشال البلد والاكتفاء بحلول ترقيعية واهتمام المجلس باقتراحات شعبوية لتكسبات الانتخابية.

على الهامش:

الديمقراطية أداة من أدوات ادارة مؤسسات الدولة، تسوء اذا كان التخلف هو سيد المشهد، فأتمنى أن لا نكون عبرة تُذكر بمجلدات التاريخ للإجيال القادمة عن نتائج سوء إدارة البلد.

علي الغتر