كتاب سبر

وينك يا السعدون وينك يا البراك؟

 منذ صدور حكم المحكمة الدستورية بشأن مرسوم الصوت الواحد والذي انعقد على أثره اجتماع قوى “المعارضة” في ديوان أحمد السعدون بتاريخ 17/6 الماضي والذي أعلن السعدون في ختامه الاتفاق على مقاطعة انتخابات المجلس الحالي وتشكيل لجنة لوضع تصور للمرحلة القادمة، وتمنى السعدون فيه على أعضاء اللجنة تقديم التصور خلال يومين، ومنذ ذلك التاريخ لم نسمع أي تحرك لقوى المعارضة، ولم يتم الإعلان عن التصور المطلوب الذي أعلن عنه السعدون، واكتفى قطبا المعارضة ورأسا الحربة فيها السعدون والبراك بتصريحات متفرقة هنا وهناك من باب “نحن هنا”، بل انشغل رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون في بعض الأيام بعمل ريتويت لتغريدات على التويتر وهو ما يدل على حجم الفراغ الذي يعيشه شخص مثل السعدون أدمن العمل السياسي بشكل عام والنيابي بشكل خاص.
خطأ السعدون والبراك الفادح الذي أوصل المعارضة إلى هذا الوضع المزري أنهما كانا مثاليين أكثر من اللازم، فهما أصرا على إما أن يكسبا المعركة بشكل كامل أو يخسراها بشكل كامل، وهذا في السياسة شيء مستحيل، وليتهما استمعا لثعلب السياسة الأمريكية وزير الخارجية الأسبق هنري كسينجر صاحب نظرية الواقعية السياسية صاحب مقولة “الدبلوماسية فن تقييد القوة”. 
مشكلة البراك والسعدون أنهما لم يكونا واقعيين، ولم يقرآ تطور الأحداث بشكل صحيح، في حين أن قراءة الأحداث من أبجديات السياسي الناجح فضلاً عن السياسي القائد. 
لئن كانت مقاطعة انتخابات المجلس المبطل الثاني صحيحة بالقراءة السياسية نظراً لعدم وضوح الموقف الدستوري لمرسوم الصوت الواحد ولوجود التأييد الشعبي للمقاطعة فإن مقاطعة انتخابات المجلس الحالي كانت انتحاراً سياسياً بكل معنى الكلمة، وخاصة بعد أن وضح بشكل كبير تراجع التأييد الشعبي لطروحات المعارضة بسبب الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها.
الخطأ القاتل للمعارضة أنها من جهة لم تكن متفقة على رؤية سياسية موحدة، فكل منها يطلق شعاراً مختلفاً عن الآخر، ومن جهة أخرى أنها ضمت إليها المتردية والنطيحة وما أكل السبع، وهؤلاء كانوا عبئاً ثقيلاً عليها، ولم يدرك السعدون والبراك الحاجة إلى التخلص من هؤلاء إلا بعد خراب البصرة.
ألم يكن من الواقعية السياسية أن يشارك نواب المعارضة السابقة في الانتخابات السابقة وتكون لهم قوة مؤثرة كبيرة في المشهد السياسي بدلاً من حالة الضياع الكامل والتيه التي يعيشونها في الوقت الحالي؟!. 
لا فائدة الآن من البكاء على الحليب المسكوب، فمن يخطيء في الحسابات عليه أن يتحمل نتيجة خطئه، وبدلاً من المكابرة وإنكار الواقع على السعدون والبراك وتابعيهما أن يعيدوا حساباتهم لعل وعسى أن يعودوا إلى رشدهم ويصحوا على حقيقة أنهم أزروا بأنفسهم.
salahma@yahoo.com