سبر

رأي ((سبر))
رسالة الشعب.. المدويّة

استمرارا لحملة التأكيد على الرفض الشعبي لمرسوم الصوت الواحد، حضر الشعب الكويتي أمس في ساحة الارادة بكل أطيافه “سنة وشيعة وبدواً وحضراً”، في أكبر تجمع “برتقالي” في تاريخ الكويت، فاجأ عدد الحضور الجميع، ومن بينهم ركاب “الطائرة الهليكوبتر” التي حلقت فوق ساحة الارادة عشرات المرات.

وفي هدوء اجتمع عشرات الآلاف في ساحة الارادة أمس، وفي هدوء انصرفوا، رافعين شعار “سلمية سلمية”، الذي واصلوا من خلاله تأكيد التزامهم به قولا وعملاً، في اكبر تجمع حاشد لم تشهده ساحة الارادة منذ أن اعتبرت ملاذ المدافعين عن الدستور والمطالبين بتطبيق مواده، دون ازعاج الحكومة بمسيرة التزاماً بما قاله عريف التجمع.

لا أحد يقول إن من حضر أمس هم “كتلة أغلبية أو نهج أو حراك أو حدم أو غيرها من التيارات والحركات السياسية رغم حضورهم بالفعل من خلال ممثلين لهم”، بل  إن الذي حضر أمس في ساحة الارادة هو الشعب الكويتي…نعم الشعب  الذي توافد بأحراره وحرائره رجالا ونساءا …شيباً وشبابا وأطفالا، كل جاء لايصال رسالة مفادها: “الشعب يريد اسقاط المرسوم”، في تجمع “ارادة أمة” الذي قاده الشباب، منذ بدايته حتى نهايته.

اللون البرتقالي اصبح عنوانا للكرامة والعزة، ولقد تزينت به ساحة الارادة أمس، عبر ارتداء أغلبية الحضور اوشحة برتقالية اللون، وهو اللون الذي يعبر عن رفض مرتديه المشاركة في انتخابات انتهكت فيها سيادة الأمة، عبر تغيير قانون الانتخابات بمرسوم لا تنطبق عليه شروط الضرورة برأي الاغلبية، ويأتي اللون البرتقالي الذي كان عنوانا لحملة “نبيها خمس”، على عكس الحال من اللون الازرق الذي اصبح محرما على رجال المقاطعة ارتداؤه.

والحق يقال إن الحكومة رسمت البهجة على وجوه المواطنين من خلال الحفل الرائع الذي اقيم يوم السبت، عبر الألعاب النارية، التي انفقت عليها ما يزيد عن اربعة ملايين دينار كويتي، وادخلت الكويت في موسوعة “غينس” (بفضل الأموال التي انفقت)، الا أن الشباب منظمي “ارادة أمة” نجحوا ايضا في رسمها على وجوه “شعب الارادة”، من خلال البلونات البرتقالية التي تم اطلاقها، والتي كادت ان تلحق بالطائرة الهليكوبتر التي كانت تحوم فوق سماء الارادة، في وقت لم يقترب تكلفتها بأي حال من حاجز العشرين دينار.

الرسالة مدوية وصلت الى السلطة والحكومة أمس بأن الشعب “مقهور”، وانه لا يريد مرسوم الصوات الواحد، ولم تصل الرسالة بكلام المتحدثين فقط، الذي لم يأت بجديد، وانما بعدد الحضور، الذي فاق كل التوقعات، في تجمع “مرخص” من وزارة الداخلية، أجبر رقي المشاركين خلاله والتزامهم بشعار سلمية سلمية، رجال الداخلية على الجلوس على المقاعد وعدم التعرض لهم، ومرت الليلة بسلام وسط غياب للقنابل الصوتية والدخانية والمسيلة للدموع.

ورغم أن الرسالة وصلت، الا أنه لن يكون هناك جديد وسيستمر الحال على ما هو عليه، فلن تتراجع الحكومة عن مرسوم الصوت الواحد، لذا فإن الرسالة الكبرى للشعب ستكون يوم 1 ديسمبر، اذا استطاع النجاح في مقاطعة الانتخابات انتخابا، كما قاطعها ترشحا، فإن الامة عندئذ ستسترد سيادتها.