أقلامهم

مشعل العتيبي: ادرك الخليج ان عليه ان يدخل الحوثيين في ورطة السلطة.

الحوثيون في مستنقع السلطة 
الاسم: مشعل العتيبي 
• إيران سابقاً كانت تدعم ميليشيات محاربة بينما مستقبلاً ستكون معنية بتحقيق إصلاح ملموس.
فوجئت ـــ كما الجميع ـــ بالسقوط السريع لصنعاء، وبعيد السقوط مباشرة تبادلت الاطراف الحكومية هناك الاتهامات، وكثر الحديث عن خيانات وتدخلات اقليمية ساهمت في هذا السقوط.
ولم تمض الا ايام قليلة حتى اعلن عن اتفاق بين الحكومة والحوثيين لوقف القتال تضمن اشتراطات، ابرزها ان يكون للحوثيين اكثر من ممثل في الحكومة اليمنية المقبلة.
وتبع هذا الاتفاق مباشرة مفاجأة تمثلت في مباركة خليجية له، أشرت الى اعتراف ضمني بجماعة الحوثيين.
وأول سؤال يقفز الى الذهن في ظل المعطيات السابقة: هل رفع الخليجيون الراية البيضاء في اليمن لتصبح حدودهم الجنوبية من دون غطاء او حماية؟
إن التعامل الهادئ مع الوضع وعدم سماعنا بتحركات عسكرية، كما حصل إثر ظهور «داعش» في العراق، يؤكد ان الأيدي الخليجية في ماء بارد، وان زمام الامور ما زال بيديها.
فالخليج أدرك ان دعم محاربة الحوثيين لن يجدي نفعا، في ظل فشل الحكومة الحالية في الاصلاحات، بل انه يساهم في زيادة الزخم والمد الشعبي الداعم للحوثيين، الذي ان استمر في محاربته فقد يؤدي لاحقا الى ضربة للحلفاء في اليمن تنهيهم، وقد تمحوهم تماما عن الخريطة السياسية هناك.
كما ان الاستمرار في الدعم سيزيد من النقمة والغضب الشعبي، لا سيما في ظل ما يروجه الحوثيون من ان الخليج يحارب الاصلاح في اليمن.
وهنا ادرك الخليج ان عليه ان يدخل الحوثيين في ورطة السلطة، كما حصل مع «الاخوان» في مصر، فتتعرى شعاراتهم الشعبية التي تعلق بها المواطن اليمني طوال سنوات، لا سيما ان المواطن العربي عرف بقلة الصبر وتوقعه نتائج سريعة للاصلاح.
واعتقد ان هناك سبباً آخر وراء الزج بالحوثيين في مستنقع السلطة، وهو دفع ايران الى الظهور من خلف الستار وابراز رأسها بشكل واضح على الساحة اليمنية.
فالواقع الاجتماعي اليمني يرفض من دون ادنى شك اي تدخل خارجي، لا سيما من غير العرب، والقبائل اليمنية عريقة في العروبة، بل انها تنظر الى نفسها بانها مهد العرب، وهذا الذي جعل قادة الحوثيين وايران ينكرون على الدوام اي صلة لهما ببعض، رغم التقارير والمعلومات التي تؤكد عكس ذلك، فإن استيلاء الحوثيين على السلطة سيجعل المعادلة مختلفة تماما.
فإيران سابقا كانت تدعم ميليشيات محاربة، بينما مستقبلا ستكون معنية بتحقيق اصلاح ملموس، خصوصاً في الجانب الاقتصادي لانجاح تجربة الحوثيين في السلطة، وهذا ستكون له ضريبتان: الأولى كشف الدور الايراني في اليمن، والأخرى إرهاق ايران اقتصادياً، وهي التي تستنزف حالياً على الجبهتين السورية والعراقية.
كما ان ايران في ظل الضغوط الدولية عليها، ستستخدم الملف اليمني سريعاً، وهذا مع ما سبق سيضمن انحسار المد الشعبي للحوثيين من خلال فشل تجربتهم في السلطة وكشف الدور الايراني.
هذا على المستوى الاقليمي، اما على المستوى الدولي فان دخول الحوثيين للسلطة سيجعل الغرب يلتفت الى اليمن، بعد ان اهملها سنوات طوال، خصوصاً ان «الموت لأميركا» هو شعار الحوثيين الأول.
وإذا صح السيناريو السابق، فان السياسيين الخليجيين ادركوا أخيراً أن الانتصار في الحرب أحياناً يستوجب خسارة معركة!