منوعات

“ذباب أبيض” يغزو العاصمة الإيرانية

يغزو الذباب الأبيض مدينة طهران قادما في رحلة طويلة من أقصى الجنوب ليغطي أوراق الأشجار ومنافذ المنازل والحدائق العامة، ويطبع أجواء المدينة بكآبة تضفي وقعا ثقيلا على نفوس الإيرانيين.
وبات تنظيف حواف المنافذ طقسا يوميا في منازل سكان طهران من بقايا الذباب، الذي عادة ما يتم العثور عليه ميتا وملتصقا على الزجاج.
وتحولت ألوان أشجار التوت المنتشرة في كل أرجاء المدينة المزدحمة إلى اللون الأبيض.
ويقول علي مسغران، الذي يعمل مهندسا معماريا، لمراسل صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية “في كل صباح أخرج فيه رأسي من النافذة أجد نفسي في وسط سحب بيضاء… سحب من الذباب”.
وتقول مريم توركمازار، التي تقاعدت مؤخرا من وظيفتها الحكومية في بلدية طهران، إنها ترتدي نظارات شمسية في معظم الوقت، وداخل المنزل أيضا، حتى لا يدخل الذباب في عينيها.
وأضافت “الحكومة تقول إن الذباب غير مؤذ، لكن منذ أن ظهر هذا الذباب بكثافة في طهران، صارت عيني حمراء طوال الوقت”.
وحجم الذباب الأبيض صغير للغاية، وقد يدخل في فم الإنسان من دون أن يدري. لكن هذا النوع من الذباب لا يسبب أيّ نوع من الحساسية، ولا يترك أثرا على الجلد.
الحكومة للإيرانيين: الذباب غير مؤذ
وتقول حورية مالكي (50 عاما) “منذ يومين تناولت قضمة تفاح، وبعد أن ابتلعتها مباشرة أدركت أن الذباب كان يقف عليها”. وقررت حورية مع زوجها تغطية نوافذ المنزل بشباكٍ دقيقة حتى يتمكنا من منع “الوباء”.
وقالت “لقد تعاملنا من قبل مع البعوض ومع الذباب العادي، لكن لا أحد يعرف إلى الآن من أين أتى هذا النوع الجديد من الذباب”.لكن لا يبدو أن الذباب الأبيض غريب تماما عن إيران.
وفي وزارة البيئة في العاصمة طهران، يعكف الباحث في علم الحشرات علي نديري على دراسة الظاهرة التي يقول إنها بدأت في جنوب إيران، الذي يعاني من انتشار الذباب الأبيض منذ عقود.
لكن الاحتباس الحراري، دفع الذباب الأبيض إلى الزحف على طهران بعد ارتفاع درجات الحرارة في إيران لمستويات كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وتحولت المشكلة اليوم إلى البحث عن طريقة لمحاربة جيش من الذباب يصل عديده إلى المليارات. وإلى الآن من غير الواضح ما إذا كانت السلطات الإيرانية قد توصلت بعد إلى علاج حاسم.
ويلقي نديري باللوم على الماعز الذي يقول إنه السبب الرئيسي في تفشي الظاهرة في كل أنحاء إيران.
وينتشر الماعز في المرتفعات الخضراء الصالحة للرعي. وغالبا ما يتسبب في القضاء على الحشائش والنباتات، مصدر الغذاء الرئيس للذباب الأبيض، الذي لا يجد بديلا سوى الانتشار في المدن بحثا عن مصادر غذاء أخرى.
وقال نديري، المتخصص في الفراشات، مبتسما “أنا أكره الماعز. الذباب الأبيض ليس بالشيء الرائع بالنسبة إليّ”.
ولا يفكر أحد في طهران في الماعز أو الفراشات. وغادر الاثنان طهران إلى سفوح جبال ألبورز المحيطة بالمدينة منذ عقود.
وحولت حركة البناء الفوضوية والتخطيط السيء طهران إلى ساحة كبيرة ومزدحمة بالسيارات، وتخطى مستوى التلوث في المدينة المعدلات القياسية العالمية.
وتسببت المباني المرتفعة في حجب الرياح القادمة من الغرب، وأدى ذلك إلى زيادة معدلات الأتربة في الهواء. ويزيد التلوث من معاناة البشر، لكنه يمثل في الوقت نفسه البيئة المثلى للذباب الأبيض. وحتى شجر التوت، الذي تشتهر به طهران، تحوّل إلى هياكل لأفرع الأشجار من دون الأوراق التي التهم أغلبها البق.
وعقب بحث طويل، توصل نديري إلى وسيلتين صالحتين للقضاء على الذباب الأبيض: الصلاة من أجل استمرار الشتاء القارس طويلا، أو قطع كل أشجار التوت في البلد.