عربي وعالمي

«أبوهشيمة» عصا السيسي لمعاقبة الإعلاميين المعارضين

يشهد فضاء الإعلام، إعادة هيكلة تستهدف التخلص من كل الوجوه المحسوبة على ثورة 25يناير، أو المعروفة بمواقفها المعارضة للسلطة الحالية، لا سيما بعد أن استغنت قنوات(ON TV) المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة مؤخرًا عن الإعلامي خالد تليمة، والبراء عبدالله المراسل بالقناة نفسها، كما استغنت جريدة “صوت الأمة” عن عدد من الصحفيين بالطريقة نفسها.

الإعلامي خالد تليمة، مقدم برنامج “صباح أون”، قال إنه أبلغ عن طريق مكالمة هاتفية من رئيس قنوات On tv عمر رزق، بوقف البرنامج الذي يقدمه والاستغناء عنه دون إبداء أي أسباب.

وأضاف: “منتظر من إدارة القناة أن تبدي لي أسباب وقف البرنامج وسبب الاستغناء عن شخصي”.

وأشار إلى أن ما حدث مع الزميل البراء عبدالله، المراسل بالقناة، كان بسبب منشور له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي، حيث تم تحذيره قبل ذلك من الإدارة، إلا أنه فوجئ بعد فترة بقرار الاستغناء عنه.

وأوضح، أن “ما يتم من مضايقات ضد الإعلاميين، لن ينفع أحدًا، بل سيأتي بالعكس على الجميع، لأن الصوت الواحد والرأي الواحد لا وجود له في أي دولة إلا في مصر”.

وحذر من أنه “تأميم الإعلام الذي يحدث في الفترة الحالية سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان”.

في السياق نفسه، قال البراء عبدالله، المراسل التليفزيوني بقناة ONtvLIVE، إنه تم منعه من الدخول للمقر الإداري للقناة، وذلك بسبب آرائه السياسية على “فيس بوك”.

وأضاف: “عدت من حضور مؤتمر بمركز الدراسات الاقتصادية الذي كنت مكلفًا به من قبل الإدارة في حوالي الثانية ظهرا، وإذ أفاجأ بمنع أفراد أمن قناة ONtvLIVE من دخولي للمقر الإداري، وعندما سألتهم عن الأسباب كان الرد بعدم معرفتهم أي أسباب، بل هي مجرد أوامر أبلغوا بها من قبل مدير الأمن بالإدارة”.

وتابع: “اتصلت بمديري المباشر من قبل القناة مينا بشرى لأتأكد من الموضوع وأسأله عن الأسباب، فقال إنه لا يعرف عن الموضوع شيئًا وأبلغني أنه سيتصل بجمال الشناوي، رئيس التحرير، وبالفعل كان رده بأنه هو الآخر لم يكن عنده علم بأي شيء»، لافتا إلى أنه كلم أحمد عبدالتواب، رئيس القناة، ليتأكد من الموضوع لكنه لم يكن عنده علم بأي شيء هو الآخر، وقال له انتظرني دقائق وسأعرف ما السبب وسأرد عليك، وبالفعل كان رده بأن قرار فصلك تم منذ 10 أيام وكان من المفترض أن يتم إبلاغك به”.

واستدرك: “تم وقفي منذ فترة ليست بالقليلة ولمدة 10 أيام لأسباب تتعلق بآرائي في الحكومة على صفحتي بـ”فيس بوك” وبعدها رجعت مع التحذير من عدم تكرار ذلك، وبالفعل التزمت، مؤكدا أن ما يحدث معه محاسبة بأثر رجعي بسبب تلك الآراء، وخاصة أنه لم يكن لديه مشاكل مع أحد منذ عمله في القناة لمدة وصلت إلى 3 سنوات ونصف”.

واستطرد قائلاً: “كنت قد استقبلت تحذيرا من إدارة القناة من الكتابة على “فيس بوك” نقدًا لمؤسسة الرئاسة وكذلك وزارتي الدفاع والداخلية، وقد التزمت بالسياسة التحريرية الخاصة بالقناة منذ ظهوري على الشاشة كمراسل، لكن يبدو أن ثمة عقابًا بأثر رجعي أرادوا أن يطبقوه عليّ”.

وأكد أنه لم يتصل به من إدارة القناة ولا يعرف شيئا عن مستحقاته، متابعًا: “لا أملك إلا أن أعبر عن أسفي من أن أعمل داخل مؤسسة تليفزيونية لينتهي بي الحال أن يتم منعي بقوة الأمن من الدخول لمقر القناة، هذه إدارة لا تليق حتى بالمؤسسات الأمنية، فضلا عن أن تكون إدارة لمؤسسة تليفزيونية”.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد تعرض عدد من الزملاء بجريدة “صوت الأمة” للفصل التعسفي والاستغناء عنهم دون أسباب.

وقال أحد الصحفيين المفصولين تعسفيًا – مفضلاً عدم نشر اسمه-  إن “ما يحدث في صوت الأمة في الفترة الراهنة مخطط من الدولة للقضاء على صحفيين بعينهم داخل الجريدة”.

وأضاف : “هذا المخطط يهدف إلى التحكم في الصحفيين المعارضين للسلطة الحالية والصحافة عامة”، محذرًا من أن “ما يحدث في صوت الأمة سينتقل إلى العديد من الصحف في حملة من قبل السلطة على الصحافة”.

وأشار إلى أن “المتحكم الأول في جريدة صوت الأمة الآن بعد رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، هو صحفي يترأس جريدة يومية شهيرة”، لافتًا إلى أنه “تم فصل العديد من الصحفيين العاملين بالجريدة بسبب أعمالهم الصحفية التي تتحدث عن تدهور الأوضاع الداخلية، والإتيان بغيرهم من صحف أخرى موالين للصحفي الشهير وينطبق عليهم الشروط الأمنية، وإعطائهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 5 آلاف إلى 30ألف جنيه”.

وعن سبب فصل هؤلاء الصحفيين دون غيرهم، قال إن “هذا الصحفي يشترط على جميع العاملين بالجريدة من الرجال حلق اللحية وخلفياتهم السياسية”.

وعن الصحفيات، أوضح أنه يركز في أن تكون ملابس الصحفية بها الكثير من التحرر “مودرن” وتكون ليس لها شخصية تعترض بها على ما يحدث داخل الجريدة، وفق قوله.

وبين أن عدد المتضررين من الفصل التعسفي وصل إلى ما يقرب من 20 صحفيًا وصحفية كلهم من الأساسيين بالجريدة، من العديد من الأقسام كـ “التوك شو” والميداني والديسك والتحقيقات.

وذكر إلى أن هناك العديد من الأسماء يتقاضون مبالغ مالية ضخمة وصلت إلى 60 ألف جنيه كرئيس مجلس الإدارة والسكرتارية الخاصة به تتقاضى ما يقرب من 15 آلاف جنيه، أما الإداريون فيتقاضون 5 آلاف جنيه، في المقابل يتقاضى العديد من الصحفيين الأساسيين بجريدة صوت الأمة ما بين 400 إلى 800 جنيه، رغم أن بعضهم رؤساء أقسام وهو ما رفضه العديد.

وأعربت “لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة”، عن بالغ أسفها لاستمرار مسلسل انتهاك حقوق الصحفيين، وتسريحهم من المؤسسات الصحفية، رغم سنوات الخدمة الطويلة بها.

وقال بشير العدل، مقرر اللجنة، إنه رغم إعلاء البعض لشعارات الحفاظ على حقوق الصحفيين، وحمايتهم ضد الفصل التعسفي، إلا أن انتهاك تلك الحقوق، أصبح منهجًا يمارسه البعض على مرأى ومسمع من نقابة الصحفيين، دون أي اعتبارات قانونية أو مهنية، أو تحرك في اتجاه الحفاظ على حقوقهم سواء أكانوا أعضاء بالنقابة، أو حتى متدربين صحفيين قضوا سنوات طويلة من عمرهم في خدمة بعض المؤسسات.

وأشار العدل إلى أن “آخر تلك الانتهاكات ما يتم ممارسته في جريدة صوت الأمة التي قامت، وبعد التغييرات التي شهدتها الصحيفة مؤخرا، بتسريح عدد من الصحفيين والمتدربين، رغم أنهم حملوا الصحيفة على أكتافهم، وساهموا بأعمال صحفية شهدت بها قيادات الجريدة، ومع ذلك تم تسريحهم بعد قضاء سنوات طويلة في خدمتها ودون بيان أسباب واضحة”.

ودعا العدل، مرشحي انتخابات النقابة على منصب النقيب وعضوية المجلس، للتدخل لحل أزمة صحفيي جريدة صوت الأمة وكل الصحف التي يتعرض فيها الصحفيون لانتهاكات بالغة، وفقًا لقانوني العمل والنقابة على حد سواء. ولفت إلى أن “أزمة صحفيي صوت الأمة تمثل الاختبار الأول للمرشحين في العمل النقابي الحقيقي بعيدًا عن الشعارات الجوفاء”.

في هذا السياق قال هشام قاسم، الخبير الإعلامي، إن ما يحدث في الفترة الأخيرة من التضييق على حرية الإعلام والصحافة من قبل السلطة الحالية لن يجدي نفعًا وسيؤدي إلى نتائج عكسية.

وأوضح قاسم ، أن الاستحواذ الأمني على الإعلام عامة لن يستمر طويلا وسيفشل فشلاً ذريعًا بحلول 2018 بسبب ما وصفه باللاسياسات، لافتا إلى أن القائمين على السلطة الحالية لديهم تصور بأنهم إن أسكتوا الإعلام سيتجنبون مشاكل كثيرة وسيستطيعون أن ينجوا بما يفعلوه في حق الشعب. وتابع: “ضعف الإعلام في هذه الفترة وخضوعه للسيطرة الأمنية هو السبب الرئيس فيما نحن فيه”، متوقعًا في الوقت ذاته عدم استمرار هذه الحالة في الفترة القادمة، بسبب الاستحواذ الأمني على الإعلام والصحافة.